لم تكن بداية الجولة الخامسة من اجتماعات اللجنة الدستورية السورية، اليوم الاثنين، سهلة وإيجابية، وهي الجولة التي تراها المعارضة السورية “حاسمة” و”جوهرية” و”تكشف النوايا”.
وبحسب مصادر “العربي الجديد” في جنيف، فإن الرئيس المشترك للجنة عن وفد النظام أحمد الكزبري رفض، أمس ليلاً واليوم صباحًا، مقترحين حول منهجية عمل الجولة وآلية بحث جدول الأعمال “المبادئ الأساسية للدستور”، و”طلب أن يتم التوافق على المنهجية خلال اجتماع الأعضاء الـ(45)، وهو أمر قد يُضيع عدّة جلسات دون جدوى وعمل جدي وفق الأجندة”.
وأشارت المصادر إلى أن المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسون “حاول إيجاد مقترح وسط بين الطرفين، أي بين طلب الكزبري ومُقترح وفد المعارضة السورية، الذي يتضمن أن يُقدم كل طرف مقترحات للمبادئ الدستورية، ثم تناقش من قبل الحضور جميعًا للوصول إلى صياغة توافقية”، في حين تضمن مقترح بيدرسون “أن تُدرس كل ورقة يُقدمها أحد الوفود قبل أن يتم طرح الورقة التي تليها. إلا أن النظام رفض مقترح بيدرسون أيضًا، ولم يُقدم أي مقترح لطريقة عمل الجلسات”.
وعلى الرغم من أن وفد المعارضة السورية رفض مقترح الكزبري، إلا أن الجلسات بدأت، ووفق أعضاء في اللجنة الدستورية، فإن وفد النظام أمضى مداخلاته بالحديث عن “خطورة الاحتلالات” و”خروج القوى الأجنبية من سورية”، كما تحدّث عن “ضرورة رفع العقوبات أحادية الجانب عن سورية”، واعتبر أن “على الوفود استطلاع رؤى بعضها البعض حول الدستور، قبل الدخول في دراسة المقترحات الخاصة بالصياغة”، كما أضاف أنه “تقريبًا ضاعت الجلسة الثانية في الحديث عن العموميات ذاتها، وسط مقاطعات من قبل وفد النظام لغالبية مداخلات أعضاء المعارضة ووفد المجتمع المدني المعارض”، حسب المصادر ذاتها.
وذكرت المصادر أن الساعات الأولى من الاجتماعات عكست جانبين، الأول نية وفد النظام التلاعب بالوقت، من دون أن يُعطّل أو يُغيّر جدول أعمال الجولة، بحيث تُمضي الوفود الجلسات في نقاشات حول الرؤى، والتصورات، من دون أن يكون هناك مخرجات منها، وذلك في إطار “استطلاع الرؤى” التي منها يمكن البناء على “مقترحات الصياغة”، وهو أمر قد يمتد حتى نهاية الجولة الحالية أو ما بعدها.
أما الجانب الثاني، فهو أن الأمم المتحدة لم تعمل على إنجاز الاتفاق على المنهجية قبل الجولة، خصوصًا أن الأمم المتحدة تعلم تمامًا أهمية هذه الجولة، وكان من المفترض أن يعمل المبعوث الأممي على إنجاز هذا الملف في الفترة ما بين نهاية الجولة الماضية وبداية الجولة الحالية.
هاجسان للنظام
حول ذلك يقول الناطق الرسمي باسم هيئة التفاوض وعضو اللجنة الدستورية الموسّعة يحيى العريضي، في حديث مع “العربي الجديد”، إن “هاجس النظام هو تمرير أمرين، الأول هو حاجة ملحّة بالنسبة له وهي الانتخابات، والأمر الثاني والذي له صفة استراتيجية، ويتمثل بالظهور أمام العالم أنه ملتزم بعملية السلام”، وعدّ العريضي أن الأمر الثاني له “تبعات يبني عليها النظام أمورا كبيرة، منها إيصال أنه ملتزم بالعملية، فلماذا العقوبات إذًا، وأيضًا هو بهذا يُرضي الروس”.
وتابع في هذا السياق “لذلك هو أمر طبيعي أن يكون مسلك بداية الجولة بهذا الشكل، اختلاف على المنهجية المتفق عليها، وبذلك يرفع النظام وتيرة التوتر المطلوبة، ورمي الكرة في ملعب الأطراف الأخرى وجعلها مسؤولة عما سيحدث”، وتابع “في المقابل، وفد الهيئة متحضّر تمامًا، وأوراقه ومقترحاته جاهزة، ونظّم مشاركاته وطبيعتها”.
إرضاء شغف روسيا
من جهته، لا يأمل مدير المكتب الإعلامي للهيئة وعضو اللجنة الدستورية الموسّعة وعضو هيئة التفاوض إبراهيم جباوي أن تحقق الجولة إنجازات، وقال في حديثه لـ”العربي الجديد” إن النظام “جاء صاغرًا ومُجبرًا و لإرضاء شغف روسيا، للقول أمام العالم إنهم أتو إلى الجلسة، لكن وفد النظام أتى إلى جنيف ليس بجعبته شيء وليس مخولًا بحث أي بند دستوري إطلاقًا”.
وأكد جباوي أن “هذه الجلسة، المُتفق على جدولها، عملها واضح، هو بحث مبادئ الدستوري، لكن النظام جاء لإفراغ الجولة من مضمونها، لم ولن تُفضي هذه الجولة عن أي نتائج تُرجى”، وشدّد على أنه “في حال لم يُمارس على روسيا ضغط أولاً قبل النظام، ومن ثم روسيا تضغط على النظام، أو يُصاغ ضغط دولي على النظام، فإن النظام لن يُصغي إلى جدول الأعمال”.
وتابع أن وفد المعارضة “ذهب إلى جنيف وفي جعبته أوراق كاملة متكاملة مدروسة على أعلى المستويات، لطرحها كمواد دستورية قابلة للنقاش، وعلى أمل أن يُحققوا شيئا، إلا أن وفد النظام يسير على عكس ذلك تمامًا”، وعدّ أن “كل المبعوثين الأمميين، ابتداءً من الدابي وانتهاءً ببيدرسون، هم متحيزون للنظام، وخاصة دي ميستورا الذي أفرغ القرار 2254 من مضمونه وحوّله إلى سلال أربعة، وبعد ذلك بدأ بسلة الدستور متجاوزًا سلة هيئة الحكم الانتقالي”.
وأضاف أن “دور الأمم المتحدة سلبي للغاية، وكان يجب أن يكون دورها وسيطاً لتقريب وجهات النظر الخلافية بين الطرفين، ولاحظنا أن إحاطات بيدرسون مؤخرًا خالية من أي إشارة إلى أن النظام ليس جديًا أو أنه يتحمل مسؤولية التعطيل الحاصل”.
وكان أعضاء وفد المعارضة للجنة الدستورية المُصغّرة عقَدوا اجتماعًا أمس مساء، في مقر الأمم المتحدة، ركّزوا فيه “على مراجعة خطة عملهم لهذا الأسبوع وفقا لجدول الأعمال، لمناقشة المبادئ الأساسية في الدستور وفقا لولاية اللجنة الدستورية والمعايير المرجعية والعناصر الأساسية للائحتها الداخلية”، بحسب بيان صحافي وزّعه الوفد على الإعلاميين صباح اليوم، ووصلت إلى “العربي الجديد” نسخة منه.
ووفق البيان، فإن الرئيس المشترك للجنة الدستورية هادي البحرة أجرى، برفقة عدد من وفد المعارضة، لقاءً مع المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سورية غير بيدرسون، ركّز فيه البحرة على “ضرورة تسريع عملية الإصلاح الدستوري للوصول إلى صياغة دستور جديد لسورية”، وأن “السبيل الوحيد لوضع حد لمعاناة وآلام أهلنا، وأولها إطلاق سراح المعتقلين، ومعرفة مصير المغيبين، والعودة الآمنة والكريمة والطوعية للنازحين واللاجئين، ولتحقيق تطلعات شعبنا بالحرية والكرامة والعدالة والديمقراطية، ودولة المواطنة المتساوية، لا يكون إلا بإنجاز حل سياسي عادل من خلال التطبيق الكامل للقرارين الأممين 2254 (لعام 2015) و2118 لعام (2013)”.
المصدر: العربي للجديد