فاز الألماني “أرمين لاشيت”، اليوم السبت، برئاسة الحزب الديمقراطي المسيحي (CDU)، خلفاً لـ أنغريت كرامب كارنباور التي خلفت بدورها المستشارة الألمانية الحالية، أنجيلا ميركل، برئاسة الحزب في نهاية 2018، ولتستقيل هي الأخرى من المنصب بعد نحو 14 شهراً.
وتابع السوريون اللاجئون في ألمانيا مجريات العملية الانتخابية باهتمام وقلق بالغين، خصوصاً وأن المرشَحَين الآخرين لرئاسة الحزب، “نوربرت روتغن” و”فريدريش ميرتز” يعتبران خصمين قديمين للمستشارة ميركل، ولا سيما أثناء رئاستها الحزب، بالإضافة إلى أن الفائز برئاسة الحزب سيكون الأقرب للفوز بمنصب المستشار.
وبالمقارنة مع المرشحَين الأخيرين، يعد أرمين لاشيت (58 عاماً) الأقرب إلى ميركل، و”يطمح بمواصلة سياستها الوسطية في البلاد التي يراها أنها عادت عموما بالخير على البلاد” بحسب تعبير الصحافي في موقع “دير تلغراف”، سليمان عبد الله، الذي يشير إلى امتلاك لاشيت “خبرة سياسية واسعة تؤهّله لحكم البلاد”.
ويشغل لاشيت حالياً رئاسة وزراء الولاية الأكبر من حيث عدد السكان في ألمانيا، ولاية شمال الراين/ فستفاليا، ويحظى بدعم من وزير الصحة “يينس شبان” الذي ينتمي إلى الجناح المحافظ في الحزب، ويتمتع بشعبية لدى الألمان بالرغم من كونه مثليّ الجنس ومتزوج منذ عام 2017 من رجل.
ووصولاً إلى العام 2010 ظل لاشيت وزيرًا للاندماج في ولاية شمال الراين، وشكّل موقفه المتوازن في سياسة الأجانب والاندماج انزعاجاً داخل الأوساط المحافظة في الحزب المسيحي الديمقراطي. كما دافع لاشيت مراراً عن فكرة الاعتراف رسميًا بالإسلام كمكوّن من مكونات المجتمع الألماني كما المسيحية واليهودية.
أمنياً، يتّبع لاشيت سياسة أمنية متشددة، ويعتمد كلياً على وزير الداخلية في ولايته لمكافحة الجرائم. كما أنه أنشأ لجنة حكومية تحمل اسم “مزيد من الأمن لشمال الراين ووستفاليا”.
وفي الجانب الصحي الذي أثّرت على برامجه جائحة كورونا، اتخذ قرارات مؤثرة خلال أزمة الفيروس المستجد، حيث كان من المطالبين بتخفيف القيود المفروضة من قبل الحكومة.
موقفه من الملف السوري ورئيس النظام
“موقف لاشيت الداعم لرئيس النظام واضح لدى الجميع، إذ يعتبر بشار الأسد محارباً لـ (الإرهاب) في سوريا، شأنه شأن العديد من أنظمة دول الغرب” بحسب الخبير في الشأن الألماني، فادي موصللي.
ويلفت الموصللي، في حديثه لموقع تلفزيون سوريا، إلى أن فريقاً من اللاجئين السوريين يقعون في خطأ حين “يربطون بين موقف لاشيت من النظام ومن اللاجئين السوريين بألمانيا”.
وأوضح أنه “في حال فوز لاشيت وحصوله على منصب المستشار في البلاد، هناك سياسة عامة للحزب يجب اتباعها تجاه اللاجئين، وموقفه كداعم للنظام لن يؤثر على وضع اللاجئين أو اتخاذ قرارات فردية تضرّ بأوضاعهم، فألمانيا دولة تحكمها المؤسسات والقوانين ولا مكان لقرارات فردية ارتجالية”.
ولا يستبعد الموصللي في الوقت نفسه “أن يكون له تأثير خارجي -في حال فوزه كمستشار- على قرارات ألمانيا ومواقفها من التعاطي مع النظام مثلاً، سواء ضمن الاتحاد الأوروبي أو على الصعيد العالمي” نافياً أن ينعكس ذلك على اللاجئين داخل ألمانيا.
ويمكن الاستدلال على موقفه الداعم للنظام عبر ردودٍ على تغريدة لوزير الخارجية الأميركي السابق، جون كيري، في العام 2014. وكتب كيري حينها “إن تنظيم داعش يجب أن يسحق” فكان رد لاشيت: “نعم سيد كيري لكنك تدعم داعش والنصرة (في قتالهم) ضد الرئيس الأسد في سوريا. ويتم تمويلهم من قبل قطر والسعودية” بحسب تعبيره.
وتابع لاشيت في ردوده: “الأسد كان يقاتل داعش وكيري حاول أن يضعف الأسد في هذا القتال”. وحين رد أحد المعلقين بالقول إن “الأسد قتل 170 ألف شخص”، نفى لاشيت أن يكون ذلك صحيحاً، وقال: “هؤلاء ضحايا الحرب الفظيعة، كثير منهم قُتلوا على يد المتمردين وعناصر النصرة”.
ويلفت العبد الله عبر مقال في “دير تلغراف” إلى موقف آخر لـ لاشيت يُستدَل به على دعمه للأسد حين حذر في لقاء صحفي، في العام نفسه (2014)، من سقوط الأسد، وقال: إنه “ديكتاتور لكن على الأقل بوسع الأقليات الدينية ممارسة شعائرها الدينية خلال حكمه”.
وبعد ذلك بعام واحد، انتقد سياسة الغرب حيال رئيس النظام، وتساءل في مقابلة مع إحدى الإذاعات الألمانية، إن كان من الصحيح “إضعاف الغرب للأسد والاعتماد على المعارضة”، ورأى أن تلك السياسة ستؤدي إلى “تدمير التنوع الديني الذي كان موجودًا حيث كان المسيحيون واليهود والعلويون والشيعة والسنة يعيشون بسلام سوية”، معتبراً أن التدخل الغربي سيضر بالمنطقة بدل أن يفيدها.
وطال النقد أيضاً رئيسة حزبه/ وزيرة الدفاع، كرامب كارنباور، في نهاية عام 2019، لعدم تنسيقها مع وزير الخارجية في اقتراح قدمته حول إنشاء منطقة آمنة شمال شرقي سوريا، مشيراً إلى أن اقتراحها ليس واضحاً، متسائلاً عن نوعية المهمة العسكرية إن كانت بصفة “قتالية” وبتفويض أممي. وقال حينها: “لم نفعل شيئاً على مدى سنوات في سوريا. الوضع في سوريا ما زال معقداً للغاية. ولم يجد الغرب جوابا صحيحاً في كل هذه السنوات خلال إدارة أوباما وكذلك ترامب”.
المصدر: موقع تلفزيون سوريا