يوم الثلاثاء الماضي 22 ديسمبر/ كانون الأول، الجاري، صدرت قائمة جديدة من العقوبات الأميركية على زمرة من أعوان الأسد ضمت أسماء الأخرس زوجة الطاغية الكوني، وعددًا من أفراد أسرتها آل الأخرس، في إجراء آخر يهدف الى تضييق الخناق على من (يعرقلون الوصول الى حل سياسي) و (يطيلون أمد هذا الصراع) بحسب تصريح مايك بومبيو وزير الخارجية الأميركي.
من جهته قال وزير الخزانة الاميركي ستيفن منوتشين في بيان رسمي إن هذه العقوبات (خطوة مهمة في محاسبة نظام الأسد على الفظائع التي ارتكبها ضد شعبه).
كما أكد وزير الخزانة في بيانه أن الولايات المتحدة الأميركية (ستواصل استخدام جميع أدواتها لفضح أولئك الذين يقفون إلى جانب نظام الأسد، والمساعدة باستمرار هذه الجرائم).
القائمة الجديدة هي السابعة في قوائم العقوبات الأميركية بموجب قانون قيصر/ سيزر الذي وقعه الرئيس ترامب في نهاية العام الماضي، والشروع في تنفيذه بدءا من نهاية حزيران/ يونيو الماضي، التي تهدف عدا عن تضييق الخناق على الأسد وزمرته المحيطة به، الى قطع الطريق على الدول والشركات التي تتعامل مع نظام دمشق وتحاول أن تحجز لنفسها حصة في إعادة الإعمار المنتظر، التي يسعى حلفاؤه بأقصى الجهد الممكن لأن يبدأ بوجود الأسد مع إعادة تأهيله وبقائه متسلطًا على سورية وشعبها.
منذ صدور القانون اختلف السوريون حول جدواه وتأثيره على العامة من الناس، وكان رأينا في هذا المكان بالذات أنه لن يسقط النظام بالضربة القاضية، وها نحن نرى الآن أن هذه العقوبات أصبح لها تأثير كبير وواضح على نظام آل الأسد، وأركان حكمه الغاشم، وأصبحت سيفًا مسلطًا على رقابهم وتحد من حركتهم وتربكهم، بالنظر الى أن العقوبات شملت ابنه وشقيقه وأخيرًا زوجته مع العشرات من الأفراد والشركات التي تمده بالقوة لممارسة مزيد من النهب الجشع والمنظم لإفقار الشعب السوري الممنهج وزيادة معاناته، وتحميل كل ذلك، مع ما ارتكبه من فظائع القتل والإجرام، للخارج، بحسب ادعائه، في إطار (المؤامرة) على نظامه (المقاوم والممانع).!!
أيضًا، من الواضح أن إدارة الرئيس ترامب، الذي تنتهي ولايته بعد أسابيع قليلة، يريد أن يترك البيت الأبيض، وقد كرس وثبت خارطة طريق لخلفه الديمقراطي، بايدن، في كيفية التعاطي مع الملف السوري الذي لا نراه ولا تراه أميركا نفسها يمر الا عبر تطبيق القرار الأممي 2254، بحسب معظم التصريحات الأميركية بهذا الخصوص، كما إن قائمة العقوبات الأخيرة في توقيتها توحي برغبة عدم تفويت مناسبة أعياد الميلاد ورأس السنة دون “هدية” ثمينة لنظام بشار الأسد من خلال وضع السيدة الأولى، الساعية والطامحة لممارسة دور سياسي واقتصادي واجتماعي، على قائمة المشمولين بالعقوبات، وهو يعكس فهمًا لطبيعة هذا النظام، المافيوي العائلي، الذي يذكر بنظم بائدة كنظام نيقولاي شاويشسكو في رومانيا الذي كانت زوجته إلينا صاحبة دور وتأثير كبيرين على مجمل السياسات الداخلية والخارجية، والذي أطاحت بهم ثورة الشعب الروماني في مثل هذه الأيام قبل ثلاثين عامًا، وأعدمهما الثوار في يوم عيد الميلاد المجيد، في مصادفة لا يمكن لأحد إعدادها سوى الأقدار غير السعيدة للأسد وزوجته.
على كل حال فإن القلق والانتظار يراودان السوريين وحالة من التشاؤل تعم المتابعين للقضية السورية بانتظار الادارة الأميركية الجديدة، التي يتوقع أن يكون لديها الكثير من أوراق القوة والضغط لو أرادت فعلاً وضع نهاية لمأساتنا المستمرة منذ ما يقرب من عشر سنوات، وأرادت اختصارها، ولم تستمر في دور المستثمر في معاناتنا، كما هو حاصل حتى الآن، ونقول ذلك بعد أن جرى تدويل القضية السورية، وفقد السوريون قرارهم الوطني المستقل، ورهنت المعارضة إرادتها لصالح الدول المتدخلة، مع تأكيدنا ويقيننا بأن أقوى ما يملك السوريون هو وحدتهم، واستعادة زمام المبادرة على أسس محض وطنية.
مرة أخرى نكرر أن تجاربنا مع أميركا مخيبة وفاشلة، في معظم قضايانا، وفي قضيتنا السورية تحديدًا كانت الخيبة كبيرة في ظل إدارة الديمقراطي أوباما، على مدى ثماني سنوات من عهده في ولايتين متتاليتين، وهنا لابد من التذكير والإشارة الى الطامة الكبرى التي وقعت بها المعارضة، الفاشلة والمصنعة، في اختصار كل رهاناتها على التدخل الخارجي الذي لم تجن منه سوى الخيبة والخذلان، وكانت في ذلك بنسبة ما شريكة فيما حل بنا، من أهوال وفظائع.
العقوبات الأميركية بدون سياسات واضحة وشاملة تجاه نظام القتل والإجرام، ودون فعل وطني صرف في أهدافه وغاياته، استمرار للدوران في حلقة مفرغة لا تأتي إلا بالمعاناة والألم للسوريين. نتمناه عام خلاص وعيد ميلاد للحرية والعدالة والسلام.
911 3 دقائق