يؤكد تركيز النظام السوري على إعادة افتتاح منفذ عرعر الحدودي بين العراق والسعودية، والتصريحات الاستعراضية التي تصدر عن مسؤوليه، عن تصدير البضائع السورية إلى السعودية، حرص النظام على تصوير التبادل التجاري مع الرياض كمقدمة لإعادة العلاقات الدبلوماسية مع دول الخليج العربية.
وأكثر ما يركز عليه النظام السوري في هذه الأيام، تصوير افتتاح المنفذ الحدودي بمحافظة الأنبار غرب العراق، المغلق منذ العام 1991، وكأنه معبر مخصص لتدفق البضائع السورية، متجاهلاً التراجع في إنتاجه الزراعي، ومحاولاً تصدير نفسه كطرف لا يزال قادراً على التصدير.
وإلى جانب التراجع الكبير في حجم الإنتاج الزراعي، يصطدم حديث النظام عن تنشيط افتتاح المنفذ لتدفق البضائع السورية نحو السعودية، بالتهديدات الأمنية لحركة الشاحنات التجارية نتيجة الوضع الأمني الهش، الناجم عن انتشار خلايا تنظيم الدولة (داعش)، في الطريق إلى المنفذ.
وحسب نائب رئيس لجنة التصدير في غرفة تجارة دمشق فايز قسومة فإن افتتاح المنفذ واعتماده بديلاً عن معبر “نصيب” مع الأردن، سيسهم في توفير 1500 دولار أميركي عن كل شاحنة سورية تعبر المعبر نحو دول الخليج، موضحاً أن السعودية سمحت مؤخراً بدخول الشاحنات السورية إلى أراضيها، بعد أن كانت البضائع السورية تدخل سابقاً بواسطة شاحنات غير سورية.
ويرى الباحث الاقتصادي يونس الكريم أن النظام السوري يفترض نظراً لعلاقاته الوطيدة مع السلطات العراقية أن يؤدي افتتاح المنفذ إلى الاستغناء عن الأردن الذي يفرض رسوماً مرتفعة على الشاحنات التي تعبر أراضيه نحو الخليج.
ويقول ل”المدن”: “لكن مراهنة النظام تعترضها تحديات عدة، أهمها الخطورة الأمنية المرتفعة على الشاحنات في طريقها إلى العراق، إذ تُعتبر البادية السورية ومحافظة الأنبار مسرحاً لخلايا التنظيم، فضلاً عن وجود الحشد الشعبي العراقي غير المنضبط في محافظة الأنبار”.
ويضيف الكريم أن منفذ عرعر “قد يكون مهماً للبضائع السورية، في حال كان معبر التنف الحدودي مفتوحاً، لكن بإغلاق المعبر الأخير، يصبح طريق الشاحنات السورية إلى العراق عبر معبر البوكمال الحدودي، مروراً بالبادية السورية، طويلاً وخطراً للغاية”.
ويعني كل ذلك، من وجهة نظر الكريم، أن تصريحات النظام عن منفذ عرعر، هدفها الضغط على الأردن، لتسهيل شروط عبور الشاحنات السورية إلى السعودية من معبر نصيب، وتحديداً لجهة فرض الرسوم المرتفعة (2000 دولار على كل شاحنة)، وطول فترة انتظار الشاحنات قبل السماح لها بالعبور إلى السعودية. وقال: “يفترض النظام ويتخيل معطيات لا أساس لها على الأرض، وكل ذلك لتصدير نفسه وكأنه تجاوز أزمته”.
لكن الباحث بالاقتصاد السياسي أحمد قاروط يعتبر أن من المنطقي أن تقوم السلطات العراقية بمحاولة الاستفادة من حركة عبور الشاحنات، بالتقليل من الرسوم الجمركية على الشاحنات السورية وغير السورية، وذلك لأنها تدخل هذا السوق من جديد. ويضيف ل”المدن”، أن “العراق يريد كسب حصص الأردن التي زادت في الآونة الأخيرة من الرسوم الجمركية”.
ويرى قاروط أن المشكلة الوحيدة التي تعترض دخول العراق في هذه السوق، هي السيطرة الأمنية الهشّة على الطرق المؤدية للمنفذ الحدودي، ويكفي أن تتعرض شاحنة واحدة أثناء مرورها إلى العراق، لعملية سطو إلى وقف الحركة التجارية بشكل نهائي، والعودة إلى الطريق الآمن، أي الأردن، حتى لو كانت الرسوم مرتفعة.
ويمكن القول، حسب الباحث، إن سماح السعودية للشاحنات السورية بدخول أراضيها، إلى جانب الانفتاح الخليجي على دمشق، يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك، أن السعودية لا زالت تولي سوريا مكانة كبيرة في رؤيتها الإقليمية.
وأضاف “تعتقد السعودية أن النظام السوري لن يبقى إلى ما لا نهاية تحت الوصاية الإيرانية، ولن يسلّم كل أوراقه لطهران، ومن هنا تأتي كل هذه المحاولات لتشجيع الأسد على اتخاذ خطوات جريئة تقلل من حجم التأثير الإيراني”.
وتحمل الشاحنات السورية التي تتجه نحو السعودية، الخضار والفواكه والألبسة، إلى جانب المفروشات المنزلية.
وكان العراق قد أعلن الاربعاء عن افتتاح المنفذ أمام حركة التبادل التجاري ومرور المسافرين، معتبراً أن منفذ عرعر سيحقق طفرة بالاتجاه الصحيح بين الجانبين السعودي والعراقي، وسيسهم في تسهيل حركة نقل البضائع بين البلدين.
المصدر: المدن