اتفاق روسي تركي على وقف النار في إدلب .. قلق في موسكو من احتمال إغلاق تركيا مضيق البوسفور

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنه اتفق مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان خلال محادثات في موسكو على صيغة يأمل أن تؤدي لوقف العمليات العسكرية في محافظة إدلب السورية، وأضاف بوتين أن محادثاته مع أردوغان استمرت أكثر من ست ساعات.

وأفاد الكرملين بأن القمة الروسية التركية تواصلت بمشاركة وفدي البلدين، وقال المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، في تصريح صحافي، إن الرئيسين “تحدثا حوالي ثلاث ساعات” وجهاً لوجه، مضيفاً أن “المحادثات تستمر الآن بمشاركة الوفدين اللذين انضما منذ نصف ساعة”، وبدأت المحادثات بين بوتين وأردوغان في الكرملين حول الأوضاع المتوترة في سوريا ولا سيما منطقة إدلب. وفي مستهل اللقاء، قال الرئيس الروسي إن الأوضاع في إدلب توترت إلى درجة تتطلب حديثاً مباشراً بين الطرفين، مؤكداً على ضرورة تجاوز هذا التوتر والعمل على عدم تكراره، وتطرق بوتين إلى مقتل العسكريين الأتراك في سوريا، مشيراً إلى أن الخسارة في الأرواح دائماً مأساة كبيرة، موضحاً أن العسكريين الروس والسوريين لم يكونوا على علم بموقع الجنود الأتراك، والجيش السوري خلال هذه الفترة تكبد أيضاً خسائر كبيرة.

من جانبه اعتبر الرئيس التركي أن القرارات التي سيتم اتخاذها خلال اللقاء في موسكو للتخفيف من حدة الوضع في المنطقة.

تعزيز قواتها في سوريا

وقبيل بدء المحادثات بين بوتين وأردوغان، أظهرت بيانات الرحلات الجوية ومراقبة حركة السفن، أن روسيا سارعت الخطى لتعزيز قواتها في سوريا من طريق البحر والجو، واتفق الرئيسان وأردوغان على الاجتماع بعد تصاعد التوتر بين بلديهما نتيجة القتال في محافظة إدلب السورية بين قوات الحكومة السورية المدعومة من روسيا والمعارضة المتحالفة مع تركيا.

في المقابل، قتل 15 مدنياً، بينهم طفلة، اليوم الخميس في غارات شنتها طائرات حربية روسية في محافظة إدلب شمال غربي سوريا، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.

واستهدفت الغارات بعد منتصف الليل “تجمعاً للنازحين”، ممن فروا من التصعيد المستمر في المنطقة منذ أشهر، قرب بلدة معرة مصرين في ريف إدلب الشمالي بحسب المرصد الذي أشار إلى إصابة 18 شخصاً بجروح مرجحاً ارتفاع حصيلة القتلى نتيجة وجود جرحى في حالات خطرة.

وشاهد مراسل لوكالة الصحافة الفرنسية في المكان مبنيين، عبارة عن مزرعة دجاج لجأ إليها النازحون قرب حقل زراعي، وقد انهار جزء كبير منها.

وفي أحد المستشفيات، شاهد المراسل جثث القتلى وقد لُفت ببطانيات شتوية بينهم جثة طفلة رضيعة بلباس زهري اللون.

في المقابل، قال المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا إن شراء تركيا صواريخ إس-400 الروسية “أمر خطير جداً” في وقت تبحث واشنطن سبل الدعم في ما يخص إدلب.

ضربة إسرائيلية

من جهة ثانية، تصدت الدفاعات الجوية السورية فجر الخميس لصواريخ إسرائيلية في جنوب البلاد ووسطها، وفق ما أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).

وأوردت “سانا” في خبر عاجل أن “دفاعاتنا الجوية تتصدى لعدوان إسرائيلي بالصواريخ على ريف القنيطرة الجنوبي الغربي”، مشيرة إلى أن “الأهداف المعادية” كانت تستهدف أيضاً وسط البلاد، من دون إضافة تفاصيل حول الأهداف.

ونقلت سانا عن مصدر عسكري قوله  “تم التعامل مع الصواريخ المعادية، والتصدي لها بنجاح ومهنية حالت دون وصول أي منها إلى مواقعنا المستهدفة”.

اشتباك

من جهة ثانية، يثير القتال احتمال وقوع اشتباك مباشر بين الجيشين الروسي والتركي اللذين يدعمان طرفين متناحرين في الصراع السوري، ويأمل أردوغان في أن تسفر المحادثات عن وقف لإطلاق النار في إدلب.

وأظهر تحليل أجرته “رويترز” لبيانات الرحلات الجوية ومراقبة المراسلين للملاحة في مضيق البوسفور في شمال غربي تركيا أن روسيا بدأت في زيادة الشحنات البحرية والجوية إلى سوريا في 28 فبراير (شباط) 2020، أي بعد يوم من مقتل 34 جندياً تركياً في ضربة جوية بسوريا.

وأثار هذا الحادث قلقاً في موسكو من احتمال أن تغلق تركيا مضيق البوسفور، أمام السفن الحربية الروسية وتمنع طائرات النقل العسكرية الروسية من استخدام المجال الجوي التركي.

ولم ترد وزارة الدفاع الروسية حتى الآن على طلب للتعليق. وقال مسؤول تركي طلب عدم الكشف عن هويته إنه لا توجد خطة لإغلاق المضيق الذي سيجبر روسيا على سلك مسارات أطول إلى سوريا.

لكن يبدو أن روسيا تعمل على تعزيز وجودها في سوريا بأسرع معدل لها منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2019 حين انسحبت القوات الأميركية من بعض أنحاء سوريا وسارعت موسكو لملء الفراغ.

البوسفور

وتظهر مراقبة “رويترز” للبوسفور منذ 28 فبراير الماضي، أن روسيا أرسلت خمس سفن حربية باتجاه سوريا خلال ستة أيام. ويتجاوز ذلك الحد المعتاد وهو إرسال سفينة حربية واحدة أو اثنتين في الأسبوع.

في المقابل، أعلن الجيش الروسي عن انطلاق الفرقاطة الأميرال جريجوروفيتش والفرقاطة ماكاروف إلى سوريا لكن ثلاث سفن حربية أخرى تبعتهما في تحرك لم يعلن عنه.

إحداها هي السفينة أورسك القادرة على حمل 20 دبابة و50 شاحنة أو 45 ناقلة جند مدرعة وما يقرب من 400 جندي. والسفينتان الأخريان، نوفوتشيركاسك وسيزار كونيكوف، تقدران على حمل أكثر من 300 جندي ودبابة ومدرعة.

وردت تركيا بتعزيز بروتوكول مرافقة السفن الحربية الروسية التي تستخدم مضيق البوسفور، إذ رافقت ثلاث سفن دوريات تركية وطائرة هليكوبتر الفرقاطتين الروسيتين بينما تبحر مثل هذه السفن عادة بمصاحبة سفينة واحدة تابعة لخفر السواحل.

استعراض عضلات

أظهرت بيانات الرحلات أن ما لا يقل عن خمس طائرات ركاب وطائرات شحن يشغلها الجيش الروسي وصلت إلى سوريا، بينها ثلاث طائرات في يوم واحد منذ 28 فبراير الماضي.

وجاء ذلك في أعقاب وصول 12 طائرة عسكرية أخرى خلال 18 يوماً. ويمثل ذلك أكبر نشاط عسكري جوي روسي في سوريا منذ أشهر.

ولا تقدم بيانات التعقب المتاحة علناً سوى لمحة عن الرحلات العسكرية الروسية لسوريا لأنه ليس بالإمكان تعقب كل هذه الطائرات.

وقال أحد الأشخاص الذين يعملون من قرب مع القوات الروسية في سوريا إن مساعي موسكو تهدف إلى بعث رسالة إلى أنقرة كما أنها “استعراض عضلات”.

وأضاف أن الحشد السريع هو بطاقة ضمان في حال فشل اجتماع بوتين وأردوغان وفرضت أنقرة قيوداً على مضيق البوسفور أو مجالها الجوي.

وتبدي تركيا مؤشرات أي أنها رصدت التعزيزات الروسية لقواتها قرب حميميم وهي قاعدتها الجوية الرئيسية في محافظة اللاذقية.

وقال مسؤول أمني تركي “روسيا تقوم بعمليات تعزيز كبيرة قرب حميميم” مضيفاً أن موسكو كثفت الدعم اللوجيستي للجيش السوري.

وأوضح “هذه تحركات قد تضر بالأجواء الإيجابية التي ربما تسود الاجتماع” لكنه عبر عن أمله في “نتائج إيجابية”.

المصدر: رويترز / اندبندنت عربية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى