غارات إسرائيل وثأر نصرالله: معادلة جديدة في لبنان وسورية

سامي خليفة

ترجح المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، استمرار محاولات حزب الله تنفيذ عملية ضد الجيش الإسرائيلي، انتقاماً لمقتل أحد عناصره في غارة إسرائيلية نُفذت قبل نحو شهرين في دمشق. والتقدير لدى المحافل الأمنية والعسكرية، مواصلة الحزب محاولة الثأر، ما يحتم بقاء مستوى التأهب في قيادة المنطقة الشمالية عالياً.

إصرار حزب الله
حاول حزب الله مرتين الثأر لمقتل علي كامل محسن في تموز المنصرم، عقب غارة جوية على مطار دمشق نُسبت لإسرائيل. لكن العمليتيّن، وفق الدولة العبرية، أُحبطتا على الحدود اللبنانية. أما المحاولة الثالثة، التي بدأتها إيران على ما يبدو لتصفية حسابات مختلفة، فتم إحباطها أيضاً على الحدود مع سوريا في مرتفعات الجولان.

ورغم تغيير الانفجار المدمر الذي أصاب مرفأ بيروت في الرابع من آب المنصرم، جدول الأعمال اللبناني بالكامل. سرعان ما اتضح، كما كشف المحلل العسكري لصحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، عاموس هرئيل، في تقريره الأخير، أنه ليس للحادث الجلل أي تأثير على خطط أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، المصمم على قتل جندي إسرائيلي قبل إعلان عودة الهدوء على الحدود.

استنزاف واحتواء
يشير هرئيل أن نصرالله يحاول أن يمسك الحبل من الطرفين. وهو إذ ينفي التقارير الإسرائيلية حول إحباط محاولات هجوم لحزبه، يفاخر في الوقت عينه بالتوتر الذي يعيشه الجيش الإسرائيلي بينما ينتظر رد حزب الله.

يرى هرئيل أن ادعاء نصرالله بأن الحزب لم يخطو أي خطوة انتقامية على الحدود، ما هو إلا كذبة فاضحة. في حين ينظر إلى ادعاءه الثاني حول حالة الاستنزاف التي يعيشها الجيش الإسرائيلي بأنه ليس بعيداً عن الحقيقة. لقد كان التأهب على طول الحدود طويلاً ومرهقاً للأعصاب، واستنزف الاستخبارات العسكرية لوقتٍ طويل، تجاوز بأشواطٍ ما كان يعتقده الإسرائيليون. ويواصل الجيش اليوم استدعاء ضباط الاحتياط لتعزيز مراكز القيادة، ونشر قوات كبيرة نسبياً في الشمال وإبقاءها بعيدةً عن السياج الحدودي.

ويذكر المحلل العسكري للصحيفة الإسرائيلية، أن كل من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع بيني غانتس وقائد الجيش أفيف كوخافي، اتخذوا قراراً باتباع سياسة الاحتواء. ففي الحادثة الأولى، عندما أرسل حزب الله ثلاثة مقاتلين لعبور الحدود وفتح النار على موقع استيطاني في مزارع شبعا، شنت إسرائيل “هجوماً تحذيرياً” من الجو، أعاد المتسللين إلى مواقعهم. وبعد نيران قنص أخطأت قوة استخباراتية قرب كيبوتس المنارة في شمال إسرائيل، رد الجيش الإسرائيلي بشن هجوم على مواقع فارغة لحزب الله.

معادلة جديدة تشمل سوريا
قبل أربعة عشر عاماً، حرص نصر الله على عدم تجاوز الخطوط الحمراء ضد إسرائيل. وقد تم توبيخه من قبل رعاته الإيرانيين على قراره بأسر إيهود غولدفاسر وإلداد ريغيف إثر هجوم على دورية إسرائيلية، أطلق حرب تموز عام 2006، ما عرّض حينها مصالح طهران للخطر.

وعلى الرغم من الإخفاقات السابقة، والتحذيرات الإسرائيلية وانفجار المرفأ، يسير حزب الله، حسب هرئيل، في طريقه الخاص، معتقداً أنه قادر على تحمل الثمن الذي سيدفعه عندما يرد الإسرائيليون على أي هجوم من قِبله. ذلك أن نصرالله مستعد للمخاطرة لأنه يعتقد بحرص إسرائيل على عدم التصعيد.

ويضيف هرئيل أن شرف حزب الله على المحك هنا. فمنذ سنوات تخوض إسرائيل حرباً بين الحروب في الشمال هدفها منع تهريب الأسلحة المتطورة من سوريا إلى حزب الله في لبنان. وإذا أنشأ نصرالله ميزاناً جديداً للتهديدات، وسط استعداد لتحمل مخاطر أكبر، فيمكنه أيضاً التأثير على التحركات المنسوبة إلى إسرائيل في سوريا.

يفرض نصرالله معادلته الجديدة للردع كما يأتي: “سيرد الحزب على كل مقاتل لبناني يسقط في هجوم إسرائيلي، حتى لو حدث هذا الهجوم في سوريا”. إغراء نصرالله يكمن في توسيع المعادلة لإجبار إسرائيل على التفكير ثلاث مرات قبل كل هجومٍ في سوريا. وهو يعتقد بالفعل أنه يحرز النقاط من خلال إبقاء القوات الإسرائيلية محاصرة في الشمال.

وضعٌ متناقض
من ناحيةٍ ثانية، نقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، عن ضابط في هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي قوله إنه في حال نجح حزب الله بقتل جندي إسرائيلي، ينبغي أن يكون رد إسرائيل شديداً وأن يجبي ثمناً من الحزب، حتى لو أعقب ذلك أيام من القتال، وذلك من أجل تغيير المعادلة التي وضعها نصر الله.

ووصف الضابط الوضع عند الحدود الإسرائيلية بأنه ينطوي على تناقض، في ظل التوتر وتأهب القوات الإسرائيلية، فالمواطنون يتحركون في الطرقات بحرية، فيما يختبئ عناصر الجيش ويبتعدون عن المناطق الحدودية كي لا يتم استهدافهم. مضيفاً “من المُعيب أن نكون في مثل هذا الوضع. وليس جيداً أن يختبئ الجيش بهذا الشكل، ولذلك ينبغي تغيير المعادلة في أول فرصة من أجل منع حالة مشابهة في المستقبل”.

وتسود شكوك في الجيش الإسرائيلي من إعطاء الحكومة ضوءاً أخضر لشن هجمات واسعة في لبنان إذا ما نفذ نصرالله وعده. وأشارت الصحيفة في هذا السياق، أن الضابط علّق على تصريحات رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن، بيني غانتس، حول ردٍ شديد بحال مقتل جندي، مشيراً أن الجيش الإسرائيلي لم يرد على هجوم نفذه حزب الله في مزارع شبعا عام 2015، أسفر عن مقتل ضابط وجندي إسرائيليّين، رغم تصريحات وتهديدات القيادة السياسية الإسرائيلية في حينه.

وعلى غرار ما نقله هرئيل بشأن تعزيزات القوات الإسرائيلية على الحدود، قالت “يديعوت أحرونوت” إن الجيش الإسرائيلي وضمن استعداداته لمواجهة هجوم من قبل حزب الله، نقل قوات للجليل وقدرات نارية، ونشر وحدات خاصة مثل “ماجلان” ووحدات للمظليين، في قيادة المنطقة الشمالية، كما كثّف أيضاً نشاط سلاح الجو.

المصدر: المدن

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى