فاقم ارتفاع درجات الحرارة معاناة النازحين السوريين في شمال غربي البلاد، وسط قلق ملايين النازحين في المخيمات من استمرار موجة الحر، في وقت تشهد الأوضاع الإنسانية تراجعاً في الخدمات الأساسية، وانعدامها في معظم الأحيان، كالكهرباء وتوفر المياه.
وقال حمود الحسين مدير مخيم المهجرين والفقراء في منطقة دير حسان الحدودية مع تركيا، إن أكثر من 1000 أسرة في المخيم عانت من ارتفاع درجات الحرارة التي تشهدها البلاد خلال الآونة الأخيرة، التي تصل يومياً إلى 40 درجة، الأمر الذي فاقم معاناة الأسر القاطنة في خيام سقفها من الشوادر البلاستيكية التي تزيد من معاناة الأطفال والشيوخ والمرضى في ظل انعدام الكهرباء ضمن الخيام، حيث تعتمد الأسر على قطع القماش المبللة بالمياه، ووضعها على أجسادهم في أوقات الذروة للتخفيف من الحر.
ويضيف: «موقع المخيم في منطقة جبلية وعرة، وكثافة الصخور في المكان، ساهما في معاناة النازحين، حيث لا تصل إليهم صهاريج المياه، ويعتمدون على أبنائهم بنقل المياه عن طريق غالونات بلاستيكية قد لا تفي بالغرض في ظل ارتفاع درجات الحرارة، وتضطر كثير من الأسر إلى شرب المياه ساخنةً دون تبريد، الأمر الذي أدى إلى إصابة أكثر من 20 طفلاً بجفاف حاد، فضلاً عن تدهور صحة كبار السن والمرضى في المخيم».
من جهته، قال «أبو خالد»، وهو نازح من بلدة البارة، في مخيم الأمل الحدودي، «أقيم أنا وأسرتي المؤلفة من 4 أطفال وزوجتي وأمي داخل خيمة لا تتجاوز مساحتها 10 أمتار مربعة. نعاني الآن من الحر الشديد الذي بات لا يطاق، والأمر الآخر هو اكتظاظ المخيم بالخيام الملاصقة لبعضها البعض دون توفر أي مساحة أو فسحة بين الخيمة والأخرى، الأمر الذي زاد من معاناتنا»، فيما قال جهاد المصطفى، وهو نازح من ريف حمص، «بسبب عدم توفر الكهرباء في الشمال السوري يلجأ المواطنون ميسوري الحال إلى شراء قوالب الثلج لتبريد مياه الشرب، ولكن مع قدوم موجة الحر الشديدة بدأت معامل الثلج والتجار في استغلال موجة الحر، وذهبت إلى رفع أسعاره، ووصل سعر قالب الثلج الآن إلى 15 ليرة تركية، أي ما يعادل 4000 ليرة سورية تقريباً، ما اضطر المواطنين إلى شراء قطع صغيرة من الباعة الجوالين في المدن والأسواق».
من جهته، قال الدكتور محمد الحسين في منطقة قاح الحدودية، التي يحيط بها عشرات المخيمات للنازحين من مناطق مختلفة في سوريا: «يردنا بشكل يومي عشرات الأطفال مصابين بالحمى والسحايا والحساسية الجلدية منذ أن اجتاحت البلاد موجة الحر». ويضيف: «بعد إجراء الاختبارات والتحاليل الطبية والفحوص السريرية تبين أن إصابة الأطفال بالأمراض مرتبط بارتفاع درجات الحرارة»، لافتاً إلى أن ذلك متوقع أمام الظروف المعيشية الصعبة للنازحين، وعدم توفر وسائل التبريد التي من شأنها التخفيف من الحر الشديد الذي تمر به البلاد خلال الآونة الأخيرة.
ودعا نشطاء، المنظمات الإنسانية والإغاثية، لرفع مستوى خدماتها الإنسانية للنازحين في المخيمات، بزيادة نسبة المياه المخصصة للشرب، ودعم النازحين بعوازل مصنوعة من القماش بدلاً من النايلون أو البلاستيك التي تزيد بمكونها الصناعي درجات الحرارة في الخيام. وقال أحدهم: «نقوم كفريق إنساني تطوعي بجوالات يومية منذ دخول البلاد موجة الحر، وتقديم الإرشادات والنصائح بعدم تعرض الأطفال لأشعة الشمس المباشرة، وتبريد الخيام بالمياه على مدار الساعة، حرصاً على سلامتهم من الإصابة بالأمراض الناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة».
المصدر: الشرق الأوسط