تحاصرها الهموم، وحرقة قلبها على ابنها لا تغيب، السيدة فاطمة (70 عاما) أرملة تعيش مع ابنها المصاب بمرض عقلي في مخيم باتبو بريف حلب، تعاني الفقر منذ أن كانت في بلدة كفرنبل بريف إدلب وزادها النزوح فقرا، احتياجات ابنها كثيرة، تسعى لتأمينها من بعض مساعدات الأهالي في المخيم.
تتخوف من فيروس كورونا فهي لا تغادر خيمتها إلا للضرورة، ولا تجد متنفسا لها إلا عتبة الخيمة التي تصفها “بالشرفة التي تطل على مآسي الناس”.
وتقول السيدة فاطمة “دواء ابني هو همي الأكبر لأنه إذا انقطع الدواء عنه يصاب بنوبات صرع ويصبح شديد العصبية ولا أستطيع السيطرة عليه”. وأضافت السيدة فاطمة “أحاول الابتعاد عن الجميع خوفا من كورونا ولكن الخيام متلاصقة ولا يوجد من يقدم لنا كمامات أو يعقم المخيم بشكل دوري”.
أوضاع إنسانية صعبة
تعيش مخيمات الشمال السوري أوضاعا إنسانية صعبة، وزاد عليها خطر انتشار فيروس كورونا مع تسجيل إصابات في مناطق سيطرة المعارضة، فالابتعاد عن التجمعات هو أكثر ما يشدد عليه الأطباء للوقاية من الإصابة، وهذا ما يصعب تطبيقه في المخيمات، لأنها أنشئت متقاربة لتتسع لأكبر قدر من النازحين، مما جعلها حاليا في خطر، فلا التباعد الجسدي ممكن فيها، ولا إمكانيات مادية للأهالي لتأمين مستلزمات الوقاية.
يقول عمار الخطيب النازح لمخيمات ريف حلب “كل همنا اليوم أن أطفالنا لم يعرفوا من الحياة إلا مرها، قصف ونزوح وتشريد وحاليا فيروس كورونا”.
وأضاف عمار “هناك تقصير كبير من المنظمات المحلية والدولية في تأمين الوقاية للمخيمات، نحن نطالب اليونيسيف أن تطلع على واقع المخيمات وما يعيشه أطفالنا من حرمان التعليم والطفولة بسبب نظام الأسد”.
مستلزمات الوقاية من كورونا
ارتفعت أسعار مستلزمات الوقاية من فيروس كورونا منذ تسجيل إصابات في الشمال السوري، بسبب زيادة الطلب عليها وقلة الكميات المتوفرة في المستودعات الطبية، وعدم إمكانية استيرادها بوفرة، إضافة لتدني سعر صرف الليرة السورية.
وهذا ما دفع ورشا محلية لصناعة كمامات وطرحها بالأسواق لعلها تغطي الطلب المتزايد عليها، ويقول القائمون على هذه الورش إن قدرتهم على التصنيع محدودة وهي مرتبطة بكمية المواد الأولية المتوفرة.
تحت وطأة خطر كورونا
وتنتشر المخيمات في أغلب مدن وبلدات الشمال السوري، ويقول فريق منسقي الاستجابة “إن عدد سكان المخيمات تخطى المليون شخص”.
وتتوزع العائلات في مخيمات مدرجة ضمن جداول المنظمات الإنسانية، ومخيمات أخرى عشوائية هي الأسوأ لقلة الدعم المقدم لها، ولكنها اليوم جميعا تحت وطأة خطر كورونا.
وما يزيد الخطر في تلك المخيمات هو نقص المياه ودورات المياه المشتركة، وافتقار المخيمات للصرف الصحي مما يجعل المياه المستخدمة في الاستحمام والتنظيف تتدفق من الخيام إلى سواقي تجمع بين الخيام، ففي حال تسلل فيروس كورونا إلى إحدى الخيام فستكون فرص انتشاره كبيرة.
ويقول الأطباء إن القدرة الطبية في الشمال السوري محدودة ولا يمكنها استيعاب أعداد كبيرة من الإصابات، وإذا انتشر الفيروس بشكل واسع سيكون الوضع كارثيا.
المصدر: الجزيرة نت