مع انتشار وباء الكورونا في دمشق وكل الجغرافيا السورية التي يسيطر عليها النظام السوري، وازدياد مساحة الانتشار، وسط صمت وهروب واضحين من قبل هذا النظام، وفي سياق سياسة القمع الممنهجة والحرمان، والتغول الأسدي على جل مفاصل المجتمع السوري، تتمظهر على السطح حالة السجون السورية والمعتقلات، التي تضم ما ينوف عن 400 ألف إنسان سوري، كان قد زُج بهم في أسوأ أنواع المعتقلات والسجون، وأماكن الاحتجاز، ضمن ظرف لا صحي ولا إنساني يفوق كل التصورات، ويجعلنا، ويدفع بنا، وكل الشرفاء بالعالم إلى إعلاء الصوت والضغط على النظام السوري المجرم، لإطلاق السجناء السوريين الوطنيين المعتقلين منذ سنوات من أجل الحرية والكرامة.
فمصير المعتقلين السوريين (فيما لو انتشرت الكورونا داخل المعتقلات المكتظة)، مجهول وقد يؤدي إلى الموت المحتم، علاوة على أن النظام من الممكن أن يستثمر انتشار الوباء ليقتل ما يريد أن يقتل من معارضيه تحت دعوى انتشار الوباء، وقد فعلها قبل ذلك في سجون عديدة منها سجن تدمر، وكل المعتقلات التي زج فيها من يعارضه، أو يثور ضده.
إذًا فإن مصير المعتقلين السوريين اليوم في سجون النظام السوري يعود إلى الواجهة وبقوة في ظل صمت عالمي (معولم) لا يأبه لمئات الآلاف من السوريين المعرضين للقتل في هذه الأقبية، بسبب انتشار وباء كوفيد-19 في مناطق سيطرة النظام. والتي قد تصل عاجلًا أم آجلًا إلى أماكن احتجاز المعتقلين السوريين، وقد قامت الشبكة السورية لحقوق الإنسان بتوثيق ما استطاعت توثيقه من المعتقلين حاليًا، وبنظرها أنها وثقت أعداد المعتقلين السوريين بـ 129989 معتقلاً، ويشكل المختفون قسرًا قرابة 100 ألف منهم، فيما يقدر مدير الشبكة، فضل عبد الغني إجمالي عدد المعتقلين بضعف ذلك، أي نحو 250 ألف معتقل. بينما يتجاوز العدد الحقيقي ذلك بالكثير حسب إحصاءات قوى الثورة السورية برمتها. كما ناشدت وحذرت 43 منظمة مجتمع مدني سورية وعربية من “انتشار الفيروس داخل أحد مراكز الاحتجاز” أو كلها. خاصة بعد أن أصبحت تنتشر في سورية ميليشيات إيرانية ومحلية وأجنبية تابعة لطهران، يزيد عددها على 50 فصيلاً، ويتجاوز عدد مسلحيها 60 ألفاً، يعملون تحت قادة خبراء عسكريين إيرانيين، وهم من نقل الوباء إلى سورية، وهو ما يلاحظه السوريون في دمشق وحلب والبوكمال.
ولا يستغرب الشعب السوري أي جريمة من الممكن أن يرتكبها النظام السوري بحق السجناء اليوم، حيث يستذكر السوريون في مثل هذا الشهر الرابع من نيسان/ابريل 2017 عندما قتلت ميلشيا الأسد بغاز السارين أكثر من 90 شخصًا، 30 منهم أطفال في خان شيخون.
وهو يُشبه إلى حد بعيد ما قام به النظام السوري في هجوم الغوطتين بريف دمشق في 21 أغسطس/ آب 2013، والذي راح ضحيته أكثر من 1400 مدني سوري بدم بارد.
ولعل الشبكة السورية هي من وثقت أيضًا في تقريرها، قرابة 221 هجوماً كيميائياً منذ 23 كانون الثاني /يناير 2012 وهو تاريخ أول استخدام موثَّق للسلاح الكيميائي في سورية حتى 4 إبريل/ نيسان 2019، كان النظام السوري مسؤولاً عنها، معظمها في محافظتي ريف دمشق وإدلب. حيث أكدت الشبكة أنّ الهجمات تسبّبت بمقتل ما لا يقل عن 1461 شخصاً، مسجلون بالاسم والتفاصيل، كان النظام مسؤولاً عن مقتلهم (بينهم 185 طفلاً، و252 سيدة)، و57 من مقاتلي المعارضة المسلحة، وسبعة أسرى من قواته كانوا في أحد سجون المعارضة، إضافة إلى إصابة ما لا يقل عن 9753.
من هنا يأتي السؤال الإنساني السوري الذي بات يلح بسؤاله: هل أحس هذا العالم المكورن اليوم بشهقات أطفالنا جراء كورونا الأسد الذي يدعموه؟؟ وهل بات بالإمكان محاسبة الأسد على كل ما اقترفته يداه بحق السوريين من قتل، بكل أنواع الأسلحة الكيماوية والمحرمة دوليًا؟ وهل من الممكن أن يبقى المجرم طليقًا ومفلتًا من العقاب؟ أسئلة مشروعة يطرحها السوري هذه الأيام وهو محق فيها كل الحق بينما يزداد انتشار الكورونا ويزداد الخطر الذي بات محدقًا بكل المعتقلين السوريين في سجون الظلام الأسدي. وهو ما يدفع اليوم بكل وضوح إلى أهمية وجود المزيد من الضغوط على النظام الأسدي ومن يدعمه من روسيا أو إيران، لإطلاق المعتقلين قبل أن تحصل الكارثة المحدقة بهم، لا قدر الله.
المصدر: صحيفة إشراق