لا يعني أن حماس انتصرت، الثمن كان باهظًا جدًا

    معقل زهور عدي

لم تحقق اسرائيل أهدافها في غزة، لم تحرر الرهائن سوى بصفقة قدمت مقابلها تحرير المئات من الأسرى الفلسطينيين، لم تقض على حماس وتأسر قياديها وعناصرها في الأنفاق.

ما فعله ترامب بوجه من الوجوه هو حبل إنقاذ لإسرائيل من البئر الذي نزلت إليه , الجيش الاسرائيلي منهك , قالها ترامب بصراحة تامة , النصر الحاسم الذي وعد به نتنياهو لم يكن ممكنا , تقارير الاستخبارات الأمريكية كانت تقول بذلك وتضعه أمام ترامب , قادة الجيش الاسرائيلي كانوا شبه مجمعين على عدم جدوى الاستمرار في الحرب , حكومة نتنياهو اليمينية وحدها كانت مصممة على الابحار عكس التيار .

الآن تعود الحقائق لتفرض نفسها , هذا لايعني أن حماس انتصرت , الثمن كان باهظا جدا , حماس اليوم مجبرة على الانسحاب من المشهد , ربما لن تختفي تماما , لكنها لن تعود متحكمة بغزة كما كانت بالتأكيد , هناك ارادة دولية في نزع سلاح غزة والبحث في نمط جديد لادارتها , اسرائيل لم تعد صاحبة القرار في غزة , أصبحت مجرد طرف ضمن عدة أطراف تقودهم الادارة الأمريكية .

معنى ذلك أن حكومة نتنياهو قد انتهت سياسيا والمسألة أصبحت مسألة وقت , لبنان في طريقه لفتح مفاوضات نحو اتفاقية أمنية تشبه الاتفاقية الأمنية التي يجري العمل عليها بين سورية واسرائيل . حزب الله يقاتل قتالا تراجعيا , كل يوم يخسر موقعا له داخل لبنان , حزب الله لامستقبل له سوى بالتحول لحزب سياسي , أسلحته لم تعد تفيد , االاعتداءات الاسرائيلية القاسية على الجنوب اللبناني تهدف لجعل قيادة الحزب تحسم موقفها تجاه الدولة اللبنانية , هذا السياق الذي يلف المشرق العربي سوف يستمر , وضمنه تحتل سورية مكانا رئيسيا , العهد الجديد في سورية أثبت أنه قادر على فهم السياسة الدولية والتأقلم معها لصالح نهوض الدولة السورية وإعادة إعمار البلاد . هذا الفهم والتأقلم مع السياسة الدولية يحمي سورية من خطر التقسيم , مخطط التقسيم الاسرائيلي لسورية ينهار , قسد محاصرة ويشتد الخناق عليها كل يوم , تيار الهجري أصبح بلا أفق ووصل إلى حائط مسدود والمسألة أصبحت مسألة وقت ريثما تفعل الانقسامات داخله فعلها لتعيد الأمور إلى طريق دمشق .

مافعلته الادارة السورية على صعيد السياسة الخارجية إنجاز هائل خلال فترة قصيرة , لكن يبقى الداخل بحاجة للكثير من الانفتاح والمراجعة وهنا يأتي دور النقد , النقد الذي تتحمل مسؤوليته القوى الوطنية الديمقراطية وليس فلول النظام البائد والانفصاليون الذين ينظرون للوراء وأبواقهم التي تصرخ وتلطم كل صباح ومساء بلا جدوى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى