خطة ترمب بالنسبة لـ”حماس”: قبولها استسلام ورفضها انتحار

   خليل موسى

خطة ترمب ستمنح واشنطن الوصاية على فلسطين وستلغي دور الأمم المتحدة والأطراف الأخرى بحسب محللين

انضمت تركيا إلى مصر وقطر في المفاوضات الجارية مع حركة “حماس” بالدوحة في محاولة للتوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب في قطاع غزة وفقاً للخطة الأميركية، والتي أعلنت حركة “حماس” أنها تعكف على دراستها بـ “مسؤولية”، في ظل إجماع على أنها تضع الحركة بين خيارين أحلاهما مرّ.

فخطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب التي تنص على وقف فوري لإطلاق النار مقابل تبادل الأسرى، تتضمن انسحاباً تدريجياً من دون جدول زمني للجيش الإسرائيلي من قطاع غزة في ظل إشراف قوة دولية على تأمين الحدود.

وتنص الخطة على “نزع سلاح حركة ‘حماس‘ وتدمير البنية التحتية العسكرية في قطاع غزة بإشراف دولي، مع التزام الحركة بعدم لعب أي دور في حكم غزة مباشر أو غير مباشر”.

لجنة انتقالية دولية

لذلك فإن لجنة انتقالية مؤلفة من فلسطينيين تكنوقراط وخبراء دوليين ستتولى إدارة الشؤون الداخلية لقطاع غزة، لكن بإشراف لجنة انتقالية دولية برئاسة ترمب.

ولا تستبعد الحركة عودة السلطة الفلسطينية لتولي مسؤولياتها في قطاع غزة، لكن ذلك مشروط بتنفيذها إصلاحات جدّية والتقدم في إعادة إعمار غزة.

وتشير الخطة إلى أن ذلك قد يتيح “طريقاً موثوقاً نحو تقرير المصير والدولة الفلسطينية، وهو ما تعترف به الولايات المتحدة كتطلّع مشروع للشعب الفلسطيني”.

وفي رد فعلها على خطة ترمب، تجنّب بيان رسمي صادر عن دولة فلسطين الإشارة بصورة مباشرة إليها، مع “الترحيب بجهود الرئيس ترمب الصادقة والحثيثة لإنهاء الحرب على غزة، والثقة بقدرته على إيجاد طريق نحو السلام”.

وبحسب البيان، فإن دولة فلسطين “ملتزمة بالعمل مع واشنطن ودول المنطقة والشركاء لإنهاء الحرب على غزة، من خلال اتفاق شامل يضمن إيصال المساعدات الإنسانية الكافية إلى غزة والإفراج عن الرهائن والأسرى وتكفل احترام وقف إطلاق النار والأمن للطرفين وتمنع ضم الأرض وتهجير الفلسطينيين وتوقف الأعمال، وتقود إلى انسحاب إسرائيلي كامل وتوحيد الأرض والمؤسسات الفلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية.

السلطة الفلسطينية

وطالب البيان بأن يؤدي ذلك “إلى إنهاء الاحتلال، وفتح الطريق أمام سلام عادل على أساس حل الدولتين”.

وقال مسؤول فلسطيني إن الموقف الرسمي من خطة ترمب جرى تنسيقه مع دول عربية عدة، في ظل السعي لمنع استبعاد السلطة الفلسطينية من اليوم التالي للحرب في قطاع.

وفي رد على المطالب العربية والدولية للسلطة الفلسطينية لتنفيذ إصلاحات ونبذ الإرهاب والتوافق مع الشرعية الدولية، أكدت دولة فلسطين الالتزام بإجراء الانتخابات العامة خلال عام بعد انتهاء الحرب، والتزام جميع المرشحين بالبرنامج السياسي والالتزامات الدولية لـ”منظمة التحرير” والشرعية الدولية، ومبدأ نظام واحد وقانون واحد وقوات أمن فلسطينية شرعية واحدة.

“لقد أكدنا أننا نريد دولة فلسطينية ديمقراطية عصرية غير مسلحة، تلتزم بالتعددية والتداول السلمي للسلطة”، تابع البيان الرئاسي.

وجددت الرئاسة الفلسطينية الالتزام بتنفيذ برنامج تطوير المناهج الدراسية وفق معايير الـ”يونسكو” خلال عامين، وإلغاء القوانين واللوائح التي يتم بموجبها الدفع لعائلات الأسرى والضحايا وإنشاء نظام رعاية اجتماعية موحد يخضع للتدقيق الدولي.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رفض عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة “حتى تتوقف عن التحريض على الكراهية وتوقف حربها القانونية في المحاكم الدولية ضد إسرائيل وتجري إصلاحات جذرية”.

وجاء الموقف الفلسطيني الرسمي مباشرة بعد صدور بيان لثماني دول عربية وإسلامية رحّب بـ “الدور القيادي للرئيس الأميركي وجهوده الصادقة لإنهاء الحرب في غزة والثقة بقدرته على إيجاد طريق للسلام”.

خطة ترمب

كذلك رحّب البيان بـ “إعلان ترمب مقترحه الذي يتضمّن إنهاء الحرب وإعادة إعمار غزة ومنع تهجير الشعب الفلسطيني ودفع عجلة السلام الشامل، وكذلك إعلانه بأنه لن يسمح بضمّ الضفة الغربية”.

وأكدت الدول الثماني “الاستعداد للتعاون مع الولايات المتحدة والأطراف المعنية لإتمام الاتفاق وضمان تنفيذه، بما يضمن السلام والأمن والاستقرار لشعوب المنطقة”.

اقرأ المزيد

وطالبت تلك الدول بوجود اتفاق شامل “يضمن إيصال المساعدات الإنسانية الكافية من دون قيود وعدم تهجير الفلسطينيين وإطلاق سراح الرهائن وإنشاء آلية أمنية تضمن أمن الأطراف كافة والانسحاب الإسرائيلي الكامل وإعادة إعمار غزة وتكريس مسار للسلام العادل على أساس حل الدولتين يجري بموجبه توحيد غزة بالكامل مع الضفة الغربية في دولة فلسطينية”.

ورفض مسؤول فلسطيني الدخول في تفاصيل خطة ترمب، مشيراً إلى وجود تنسيق مكثف مع الدول العربية لضمان إنهاء الحرب والانسحاب الكامل وعودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة لتكون جزءاً من دولة فلسطين.

وبحسب المسؤول الذي رفض الكشف عن اسمه فإن “الأولوية الآن هي لوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات وتبادل الأسرى ووقف التهجير”.

ونفى المسؤول الفلسطيني الموافقة على خطة ترمب من خلال الترحيب بجهود الرئيس الأميركي، وحتى البيان العربي الإسلامي لم يوافق على الخطة، نحن رحبنا بالجهود فقط”.

ويرى السياسي والوزير الفلسطيني السابق نبيل عمرو أن ترمب حاول “إرضاء جميع الأطراف، لكن أولويته كانت إرضاء إسرائيل لأن موقفها مفصلي في الذهاب إلى تسوية أو استمرار الحرب”.

وبحسب عمرو “ترمب قدّم ضمانات لطمأنة إسرائيل في المواضيع الأمنية للدفع باتجاه وقف إطلاق النار ثم إنهاء الحرب”.

“لا بديل لها”

وعن النقاط الإيجابية للفلسطينيين في الخطة، أشار عمرو إلى “ربطها بين وقف الحرب على قطاع غزة وفتح الملف في الشرق الأوسط، في ظل سعي تل أبيب للفصل الجغرافي بين قطاع غزة والضفة وبين المصائر الفلسطينية”.

وتوقّع عمرو موافقة حركة “حماس” على خطة ترمب، و”أن تمارس قطر وتركيا ضغوطاً عليها لكي تقبل بها لأن لا بديل لها”.

ووفق عمرو، فإن الخطة “تحتاج إلى جهد كبير لتفسيرها لأنها عبارة عن عناوين عريضة، كذلك تمنح رئيس الوزراء الإسرائيلي مساحة لكي يخرّب الأوضاع ويعود إلى الحرب”.

وبحسب عمرو، تريد واشنطن “موافقة الطرفين على خطة ترمب، ثم تقديم ملاحظاتهما، ثم معالجة تحفظات الطرفين، لكن دعونا نبدأ بالتنفيذ وفق المنطق الأميركي”.

واعتبر مدير مركز “مسارات” للأبحاث هاني المصري أن الدول العربية والإسلامية “لم توافق على الخطة بصورة نهائية بسبب وجود تحفظات لديها بشأنها، بخاصة في شأن انسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة”.

وأوضح النص الحالي “يمنح نتنياهو الحرية في قضية الانسحاب من دون جدول زمني”.

وأشار إلى أن الدول العربية “سترفض نشر قوات لها في القطاع في حال بقي الجيش الإسرائيلي فيه، وفي ظل غياب دور للسلطة الفلسطينية”.

ورجّح المصري بأن ترد “حماس” على خطة ترمب على طريقة “نعم ولكن، لذلك لأنها لا تستطيع قبولها أو رفضها، فموافقتها عليها تُظهر بأنها قد استسلمت، أما رفضها فيشير إلى أنها تنتحر”.

وأوضح أن ذلك الرد من حركة “حماس” سيشجعها عليه البيان العربي والإسلامي حيث ستجد دعماً من تلك الدول”.

ويرى رئيس المركز الفلسطيني للبحوث والدراسات الاستراتيجية محمد المصري أن خطة ترمب “تأتي بعد نحو عامين من حرب الإبادة الجماعية، لم تستطع خلالها أي دولة تقديم أي شيء للفلسطينيين، وفي ظل صمودهم على أرضهم، والتحوّلات في الرأي العام الدولي، والاعترافات الدولية بدولة فلسطين، وعزلة إسرائيل الدولية”.

“نقاط ملتبسة”

وبحسب المصري فإن خطة ترمب “أسهمت في صياغتها المجموعة العربية الإسلامية، حيث دفعت لوقف الحرب وإدخال المساعدات ومنع التهجير، وضرورة فتح مسار سياسي يؤدي إلى قيام دولة فلسطينية”.

لكن المصري أوضح أن الخطة تتضمن “إجراءات ملتبسة بخاصة في موضوع الانسحاب المتدرج بغياب سقف زمني لذلك، إضافة إلى عدم الوضوح في دور السلطة الفلسطينية”.

ومع ذلك فإن المصري أشار إلى أن الهيئة الفلسطينية التي ستتولى إدارة شؤون قطاع غزة سيكون رئيسها من الحكومة الفلسطينية، لكن بإشراف ورقابة هيئة دولية انتقالية برئاسة ترمب.

وأشار المصري إلى وجود “موقف عربي مُشرّف يعارض تجاوز السلطة الفلسطينية، نحن أمام فرصة لوقف الحرب والتهجير وانسحاب قوات الاحتلال”.

ويرى الباحث السياسي جهاد حرب أن الخطة “وضعت الفلسطينيين أمام خيارات صعبة أحلاهما مرّ، فإذا رفضوها فإن الفرصة تُمنح لنتنياهو للمزيد من القتل والاستمرار في الحرب، وإذا وافقوا عليها تعرضوا للوصاية الأميركية”.

وأشار حرب إلى أن “الدول العربية الإسلامية مع ترحيبها بالجهود الأميركية، لكن لديها بعض التحفظات حول عدد من بنودها”.

وبحسب حرب فإن بيان دولة فلسطين تحدث عن المبادئ العامة وضرورة وجود أفق سياسي واضح بعد وقف الحرب والانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة.

ومع ذلك أوضح حرب أن “الوصول إلى الاتفاق من عدمه أصبح مرهوناً برد حركة ‘حماس‘على خطة ترمب”.

ووفق حرب، فإن خطة ترمب “ستمنح واشنطن الوصاية على فلسطين وستلغي دور الأمم المتحدة والأطراف الأخرى، وهو ما يعني العودة إلى العباءة الأميركية بعد موجة الاعترافات بدولة فلسطين”.

وأشار إلى أن الخطة “تضمن إنقاذ نتنياهو ثم إنقاذ إسرائيل التي باتت شبه منبوذة في العالم”.

المصدر: اندبندنت عربية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى