
يتصاعد الحديث في الأيام الأخيرة، بقوة، حول حل الدولتين كخيار استراتيجي لإنهاء الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي، خاصة في ظل تعقّد الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، وتصاعد العنف، وتدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة والضفة الغربية.
ومع أن هذا الحل يحظى بدعم متزايد من دول العالم، إلا أنه يواجه رفضًا مستمرًا وممنهجًا من قبل الحكومة الإسرائيلية، ما يضع المجتمع الدولي أمام معضلة سياسية وأخلاقية.
يقوم حل الدولتين على إقامة دولة فلسطينية مستقلة تعيش جنبًا إلى جنب مع دولة إسرائيل بحدود آمنة ومعترف بها، وهو طرح يعود إلى قرارات الأمم المتحدة، ولا سيما قرار التقسيم 181 الصادر عام 1947. وقد تبنّت مبادرات دولية متعددة هذا الحل، أبرزها “خارطة الطريق” التي طرحتها اللجنة الرباعية، ومبادرة السلام العربية عام 2002.
تتمسّك إسرائيل بموقفها الرافض لحل الدولتين في صيغته المعترف بها دوليًا. ويعكس هذا الرفض موقف اليمين الإسرائيلي الحاكم، الذي يرى في إقامة دولة فلسطينية تهديدًا لأمن إسرائيل وهويتها القومية.
رغم تعثّر المفاوضات مرات عديدة، ظل حل الدولتين الركيزة الأساسية لأي تسوية سياسية، كونه يحظى باعتراف دولي واسع، ويُنظر إليه كخيار لإنهاء الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي.
خلال السنوات الأخيرة، شهد العالم تحوّلًا نوعيًا في الموقف الدولي تجاه القضية الفلسطينية، تجلّى في موجات متصاعدة من الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين. وقد اتخذت عدة دول في أميركا اللاتينية وإفريقيا وآسيا هذه الخطوة منذ سنوات، إلا أن اللافت مؤخرًا هو انضمام دول أوروبية لطالما كانت حذرة أو مترددة في الاعتراف.
والمفاجئ هو بريطانيا، وهي كانت الداعم الأول لإسرائيل.
وفي مايو/أيار 2024، أعلنت كل من إيرلندا وإسبانيا والنرويج رسميًا اعترافها بدولة فلسطين، في خطوة وُصفت بالتاريخية وأثارت جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية الدولية. وأعربت تلك الدول عن قناعتها بأن الاعتراف ليس فقط حقًا للشعب الفلسطيني، بل هو أداة ضرورية لدعم السلام العادل في المنطقة. واليوم تسارع دول أوروبية، مثل فرنسا وبريطانيا، في هذا الاتجاه، في مؤشر واضح على تصاعد الدعم الأوروبي، لا سيما في ظل تنامي الانتقادات للسياسات الإسرائيلية، خصوصًا خلال الحرب الأخيرة على غزة.
في المقابل، تتمسّك إسرائيل بموقفها الرافض لحل الدولتين في صيغته المعترف بها دوليًا. ويعكس هذا الرفض موقف اليمين الإسرائيلي الحاكم، الذي يرى في إقامة دولة فلسطينية تهديدًا لأمن إسرائيل وهويتها القومية.
وقد عبّر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مرارًا عن رفضه التفاوض على أساس حدود 1967، كما شددت حكومته على أن القدس “عاصمة موحدة وأبدية لإسرائيل”، وهو ما يُعدّ انتهاكًا للقرارات الدولية.
بل إن بعض السياسات الإسرائيلية الميدانية، مثل توسيع المستوطنات، وفرض الحصار على غزة، وهدم المنازل في الضفة، تُقرأ باعتبارها خطوات عملية لعرقلة إمكانية قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة، وهو ما تعتبره منظمات حقوقية نوعًا من “الضم الزاحف”.
أما تزايد الاعترافات بدولة فلسطين فلا يأتي فقط من باب التعاطف، بل يعكس إدراكًا متزايدًا لدى المجتمع الدولي بأن استمرار الوضع القائم يعني مزيدًا من العنف وعدم الاستقرار في المنطقة.
كما أن تعثّر المسار التفاوضي، دون أفق حقيقي، دفع العديد من الدول إلى تغيير استراتيجيتها، من دعم المفاوضات الثنائية فقط، إلى خطوات أحادية لتعزيز الحقوق الفلسطينية، على رأسها الاعتراف بالدولة.
تسارع الاعتراف الدولي بدولة فلسطين يمثّل تطورًا مهمًا في مسار الصراع، ويعكس رغبة متنامية في كسر الجمود السياسي.
ولا يمكن تجاهل تأثير الحراك الشعبي والضغوط الداخلية في عدد من الدول، خاصة في أوروبا، حيث بات الرأي العام أكثر وعيًا بانتهاكات حقوق الإنسان التي يتعرض لها الفلسطينيون، مما أجبر بعض الحكومات على إعادة النظر في سياساتها التقليدية.
لكن رغم الدعم المتزايد، يظل تطبيق حل الدولتين رهينًا بجملة من التحديات السياسية والعملية. فإلى جانب الرفض الإسرائيلي، لا يزال الانقسام الفلسطيني الداخلي يُضعف الموقف الفلسطيني الموحّد، بينما لم تنجح القوى الدولية في فرض آليات تنفيذية تجبر إسرائيل على الالتزام بالقرارات الدولية.
إضافة إلى ذلك، فإن استمرار الانحياز الأميركي لإسرائيل، خاصة خلال الإدارات الجمهورية، أضعف من قدرة مجلس الأمن على إصدار قرارات ملزمة، رغم الموقف الداعم من الأمم المتحدة والجمعية العامة.
وسط هذا المشهد المعقد، هل يمكن أن يُفرض حل الدولتين على إسرائيل رغم رفضها؟
الواقع أن الاعترافات الدولية المتزايدة تخلق زخمًا سياسيًا وأخلاقيًا يمكن أن يُستثمر في فرض ضغوط اقتصادية ودبلوماسية على إسرائيل، شبيهة بتلك التي ساهمت في إنهاء نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا.
لكن هذه النتيجة لا تزال تتطلب إرادة دولية موحدة، وخطوات تصعيدية مثل فرض عقوبات، ووقف الدعم العسكري، ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات.
فتسارع الاعتراف الدولي بدولة فلسطين يمثّل تطورًا مهمًا في مسار الصراع، ويعكس رغبة متنامية في كسر الجمود السياسي. إلا أن استمرار الرفض الإسرائيلي وتواطؤ بعض القوى الكبرى لا يزالان يقفان عقبة في طريق تحقيق هذا الهدف.
يبقى حل الدولتين ممكنًا، لكن تحقيقه يتطلّب تغييرًا حقيقيًا في موازين القوى، ودعمًا فعّالًا يتجاوز البيانات الدبلوماسية إلى إجراءات ملموسة على الأرض.
المصدر: تلفزيون سوريا
الإعتراف الدولي بحل الدولتين كخيار استراتيجي لإنهاء الصراع الفلسTيني–الإسSرائيلي، وخاصة في ظل تعقّد الأوضاع في الأراضي الفلسطTينية، والحرب المتوحشة القذرة التي تشنها قوات الإحتلال في قطاع غZة والضفة الذي أدى لتدهور الأوضاع الإنسانية فيهما، وضمن رفض وتعنت القيادة الصhيونية بإسSرائيل بدعم أمريكي، هل يتحقق السلام بالمنطقة؟.