علاقة الكويت – العراق

عصام البوهلالة

في ظل تصاعد التوتر الشعبي بين العراق والكويت .. نتيجة الخلافات السابقة والصراع على الحدود منذ إعلان استقلال إمارة الكويت عام 1961 ولغاية الآن اتخذت حكومة الكويت الفتية حينها سياسة الخبث ونقض الاتفاقات والتوسع بقضم الأراضي العراقية مستغلة الدعم البريطاني ألا محدود لتكون أحد عناصر الشغب وتحريك الفتن والتآمر والأنقلابات في العراق خاصة بعد تغيير نظام حكمه عام 1958 وفك ارتباطه ونقل تحالفاته من الحلف الغربي البريطاني – الأمريكي إلى الحلف الشرقي السوفيتي ، مما جعل المعسكر الغربي يرسم سياسة عدائية كويتية لدفع الحكومات العراقية المتعاقبة لفخ الصراع وحسمه عسكرياً مع الكويت ، الأمر الذي مكن الغرب من التدخل بالأزمات واستغلالها للتآمر على العراق وإحداث حالات الفوضى وتشجيع الانقلابات الداخلية على انظمته ، منذ حكم عبد الكريم قاسم إلى زمن الصامتة في حكم البكر حتى{ 8/2 عام  1990 } ودخول الجيش العراقي إمارة الكويت وضمها للعراق رسمياً ، وفي هذه المرحلة خلطت الاوراق وتعرضت منطقة الشرق الأوسط لإهتزازات سياسية خطيرة نتج عنها تشكيل حلف عسكري مزوداً بقرارات مجلس الأمن الدولي والجامعة العربية التي أعطتهم الشرعية للقيام بعمل عسكري قذر سمي [عاصفةالصحراء] لإخراج الجيش العراقي من الكويت بعد وضع العراق تحت البند السابع وبنود اخرى جائرة للأمم المتحدة نتج عنها تشكيل لجان متعددة لإعادة رسم حدود العراق مع جيرانه والتحكم بموارده وثرواته وإيقاف نهضته العلمية والصناعية التي استمرت لغاية 2003 ، العام الذي تعرض فيه العراق للاحتلال المباشر والفوضى والإرهاب المنظم ومكن الكويت من العبث في وحدته الوطنية بطريقة إنتقامية ، والاستيلاء على ثرواته وحقوله النفطية وأراضيه وموانئه مستغلة تواجد الاحتلال وحصول فراغ في السلطة المركزية في بغداد .

وبعد مرور أكثر من 22 عاماً ونصف على إحتلال العراق نشهد تصاعد بعض الأصوات الكويتية النشاز والمدعومة بالجانب الرسمي وهي تحرض للاستيلاء على اكبر قدر من الأراضي والحقول والموانئ العرقية مستغلة ضعف الحكومة المركزية وفساد قادتها السياسيين الجدد الذين تمكن جهاز المخابرات الكويتي من النفاذ إليهم وتقديم الرشى معتقدة أنها فرصة لن تعوض للثأر والحصول على الغنائم العراقية .

لقد استبعد حكام الكويت ترجيح العقل والحكمة للتعامل مع وضع العراق الجديد معتقدين أنها فرصة لن تعوض لتمرير الأجندات التي تقوض وحدته ولم يدركوا أن عمر العراق يوازي عمر التاريخ البشري .

إن عقلاء المنطقة بما فيهم الكويتيين والعراقيين يطرحون تساؤلات مشروعة أهمها :

لماذا يستبعد دائماً ترجيح العقل والمنطق في حل الخلافات بين الطرفين ؟ ويتعمد الأخ الصغير إستفزاز أخيه الأكبر في طلباته غير الشرعية أثناء رسم العلاقة بينهم في محاولة لقضم الكثير من حقوق شقيقه الأكبر والذي {يذكرني بصورة طفل يستخدم طرق البكاء والعويل مرة ، وأخرى المشادة والهجوم غير المتكافئ على شقيقه الأكبر لأخذ لقمة من فمه رغم أن الصغير ليس جائعاً ولكن لأجل خبث في عقله } .

لماذا تسعى الحكومات الكويتية المتعاقبة للتآمر على العراق بكل الطرق الملتوية مستقوية بالأجنبي من أجل الاستحواذ على ممتلكاته مستغلة صبره وكثرة أعدائه ؟

هل الكويت فعلاً بحاجة إلى خور عبد الله وغيره من المواقع والحقول المدرجة في قائمة مطالبه ؟ .

منذ أن وعينا في بداية الستينات وكذالك الجيل الذي قبلنا ونحن نسمع ونرى الاستفزازات التي تنتهجها الكويت تجاه العراق ، وكلما تهدأ الأمور يأتي الشيطان الذي يحرك الفتنة النائمة ، كم من الأرواح التي أزهقت ومن الدماء سالت بين الطرفين بسبب الفتنة والتوتر واللجوء إلى السلاح ؟

لماذا يستبعد عقلاء الكويت والعراق من طرح مشاكل الطرفين وإيجاد حل جذري لها ؟ هل استعصى الحل على أهل الرأي الحكمة ؟

لماذا يتصدر في وسائل الإعلام مجموعة من المستفزين أمثال فهد الشليمي وعايد المناع وغيرهم من الذين ينفذون أجندات بعيدة عن مصلحة الشعبين ، ولا يقدم الدكتور عبد الله النفيسي وأمثاله من الباحثين والمهتمين العقلاء كي يناقشون مقترحات مشتركة لتعتمد حلولاً دائمة في معالجة الخلافات المستمرة ؟

في الختام فإن عراق اليوم يرجح سياسة العقل والمنطق ، ليس ضعفاً إنما درئ للفتنة وحلا للمشكلة وهي فرصة ذهبية لا تتكرر بسهولة وعلى الجانب الكويتي الاستفادة منها حتى لا تتكرر احداث ما قبل الصامته وما بعدها ؟ وإبعاد الويلات وسفك الدماء البريئة من جديد ؟ .

نعم العراق جريح وقد أناخ لمرور العاصفة وسوف ينهض من جديد وعلى عقلاء الكويت يكونوا قد استفادوا من هذه المرحلة لتسوية أوضاعهم بشكل لا يوجع العراقيين .

{ وَلۡتَكُن مِّنكُمۡ أُمَّةٞ يَدۡعُونَ إِلَى ٱلۡخَيۡرِ وَيَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِۚ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ } ال عمران 104

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى