على أية دعائم تستند مطالبات قسد ؟

معقل زهور عدي

حرصت قسد وحلفاؤها من الأحزاب الكردية على إضفاء شيء من الغموض حول مطالباتها الادارية والسياسية والعسكرية , فهي تطالب باللامركزية دون تحديد المنطقة التي تقصدها ونوع اللامركزية هل هي لامركزية إدارية أم سياسية والجميع يعرف أن اللامركزية السياسية إما أن تكون الفدرالية أو الكونفدرالية ولاعلاقة لها باللامركزية الادارية , وعندما يخف الضغط على قسد أو تجد فرصة لتوضيح مطالبها الحقيقية فهي تطلب الفدرالية لكن حتى الفدرالية لاتلبي مطالبها العسكرية ففي الفدراليات هناك الجيش الفدرالي الذي لاينازعه جيش آخر أما الولايات الفدرالية فتقتصر على الحرس المحلي المكلف بحفظ النظام بينما تصرقسد على بقاء جيش مستقل تماما ضمن المنطقة التي تديرها ولامانع من رفع العلم السوري إلى جانب علم قسد لكن الجيش بجنوده وضباطه وقيادته يجب أن يبقى مستقلا تماما عن المركز في دمشق وهذا يتوافق مع أكثر صيغ الكونفدرالية تشددا , والكونفدرالية تتيح الانفصال من طرف واحد بينما الفدرالية تتطلب موافقة الدولة المركزية تجاه طلب الانفصال .

تطرح مطالبات قسد أسئلة لم تفكر قسد قط في الاجابة عليها :

أولا : ماهو الأساس الشرعي لسلطتكم حتى يحق لكم التحدث حول مصير الجزيرة السورية ؟

أنتم قوة احتلال عسكرية ميليشياوية انحدر قادتها من جبال قنديل من أصول مختلطة تركية وايرانية وعراقية وسورية ضمن مفاهيم ايديولوجية تختلط فيها ماركسية رثة مع قومية شوفينية تبنت أعمالا ارهابية في تركيا وخارجها وفرضت نفسها بقوة السلاح على أهل الجزيرة , قوة احتلال مرفوضة من الغالبية الساحقة من السكان لاتمتلك أية شرعية .

ثانيا : من قال لكم إن أهل الجزيرة يريدون الفدرالية ؟ بأي حق تصادرون إرادة الملايين في العيش ضمن سورية الموحدة ؟

إن أي مطلب من نوع المطلب الفدرالي ينبغي أن يكون موجها من قبل سلطة تمثل أهالي الجزيرة على أن يكون مطلبا يحظى بدعم الغالبية من سكان الجزيرة .

حرصت قسد على استخدام وتمرير عبارات ومصطلحات ذات مدلولات حقوقية محددة وفق القانون الدولي بغض النظر عن تطابقها أو عدم تطابقها مع حالة الأكراد في سورية مثل ” الشعب الكردي في سورية ” .

فمفهوم “الشعب” يحيل مباشرة لمفهوم الأرض القومية فلايمكن تصور شعب بدون أرض خاصة أقام فيها مدة تاريخية كأغلبية بحيث طبع تلك الأرض بطابعه القومي الخاص .

وفي الحقيقة فإن إقليم الجزيرة أبعد مايكون عن أن يحقق تلك الصفة , فتاريخه منذ ماقبل العصر الاسلامي هو تاريخ الشعوب السامية وثيقة الصلة بالعرب حضاريا ولغويا من الاكاديين والبابليين والاشوريين والآراميين أما بعد الفتح الاسلامي فقد تأكد طابعه العربي بالقبائل الكبيرة التي انزاحت إليه كبكر وربيعة وإياد وغيرها وهو إقليم معروف ومطروق في كتب التاريخ باسم اقليم الجزيرة بين العراق والشام .

صحيح أن بعض القبائل الكردية كانت تطرقه بين حين وآخر لكنها لم تتخذ منه وطنا يبدل طابعه العربي في أي وقت ويشهد على ذلك أنه لاتوجد آثار قديمة لمثل ذلك التمركز السكاني , كما أن الخرائط التي رسمتها الدولة العثمانية عن توزع شعوب الامبراطورية العثمانية لاتلاحظ وجودا للأكراد ضمن سورية الحالية أما الخرائط التي وضعها الانتداب الفرنسي فيظهر فيها وجود للأكراد ضمن جيب صغير في أقصى الشمال الشرقي لسورية .

الديموغرافيا الحالية تقول إن الأكراد ليس لهم وجود تقريبا في محافظة دير الزور أما في الرقة فلايزيد وجودهم عن 5% من السكان وفي الحسكة التي تتواجد فيها أكبر نسبة للأكراد فلم تصل نسبتهم إلى 27% من السكان , ونسبتهم العامة في سورية بين 6-7% ولاتنسجم المعطيات السابقة مع القول بأرض قومية كردية في اقليم الجزيرة وحين ينتفي وجود الأرض لقومية معينة فلامعنى للحديث عن ” شعب” وفق القوانين الدولية . يمكن فقط الحديث عن أقلية قومية لها حقوقها الثقافية ضمن حق المواطنة .ويتشابه في ذلك الأكراد مع أقليات قومية أخرى في سورية مثل التركمان والشركس والأرمن ..

وهناك فرق كبير بين كردستان العراق وهي بالحقيقة أرض قومية للأكراد وجدوا فيها منذ مئات السنين حول أربيل والسليمانية وبين الجزيرة الفراتية العربية الطابع والتاريخ .

وبخصوص دعوى المظلومية الكردية عموما وفي سورية , فالمظلومية الكردية القومية التي تتجلى بعدم وجود دولة قومية للأكراد فهو أمر لاعلاقة للسوريين به فهم أنفسهم كانوا ضحايا الاستعمار الغربي الذي قسم المشرق العربي , وأما مايتعلق بوضعهم كأقلية قومية في سورية فقد كانوا دائما جزءا من النسيج الوطني السوري , وجميع عائلات حماة ذات الأصول الكردية تعربت لغة وثقافة وعادات أجتماعية ومنها شعراء وأدباء وسياسيون وبعضهم كان في قيادات التيار القومي العربي منذ مطلع القرن العشرين وحتى الأمس القريب .

ومثل ذلك يمكن أن يقال عن حلب وقائد ثورتها ضد الاحتلال الفرنسي ابراهيم هنانو , وعن دمشق وأديبها المشهور مؤسس مجمع اللغة العربية بدمشق محمد كرد علي , ورؤساء سوريين عديدين مثل حسني الزعيم وعطا الأيوبي وفوزي سلو .

ليست الكردية بالنسبة لغالبية أكراد المدن السورية سوى احترام للنسب الأصلي واعتزاز به فهم كما يصفهم القوميون في الأحزاب الكردية مستعربون , وليسوا بوارد الانفصال عن بيئتهم وثقافتهم , ولم يسجل التاريخ أي اضطهاد ضد الأكراد في سورية بل على النقيض من ذلك فقد كانوا ضمن كل الشرائح الاجتماعية بما في ذلك ملاك الأراضي الأغنياء والوجهاء والنخب الثقافية والعلمية والسياسية فماهي تلك المظلومية المدعاة إذن ؟

بقيت الجزيرة الفراتية في عزلة لفترة طويلة لذا انتشر فيها الفقر والجهل والمرض ولم تمنح الحكومات المتعاقبة في سورية تلك المنطقة الرعاية والاهتمام وهذا يصدق على جميع السكان العرب مثل الأكراد , وما تتذرع به الأحزاب القومية الكردية هو مشروع الحزام العربي في عهد البعث , هذا المشروع الذي لم ير النور قط , أما العرب الذين نقلتهم الدولة من أراضيهم التي غمرتها المياه بسبب سد الفرات فهو إجراء آخر سببه واضح محدد وهو من حق أي دولة بل من واجبها . وهذا كل مافي الأمر .

وخلال حكم حزب البعث فقد نال السوريين كلهم الظلم خاصة بعد الثورة السورية ولقي السوريون العرب من القتل والتهجير والسجن ما لايوصف .

هكذا نرى بوضوح أن دعوى المظلومية الكردية ليس لها مايسندها في سورية لذا فالأحزاب القومية الكردية في سورية تضطر باستمرار للخلط بينها وبين المظلومية الكردية في افتقاد دولة للقومية الكردية عموما .

المصدر: صفحة معقل زهور عدي

تعليق واحد

  1. مطالب سلطة أمر الواقع قسد/مسد لمناطق شرق الفرات للمحافظات الثلاث الحسكة ودير الزور والرقة، تتجاوز المنطق والعقل والتاريخ والديموغرافية، مهاجرين وميليشيات عابرة للحدود تسيطر بإسم الطيف الكردي، لا يحق لها طرح مطالب إقتسام جزء من الوطن والتحدث بإسم شعبنا بالمحافظات الثلاث، قراءة موضوعية دقيقة.

اترك رداً على khatib yehya إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى