نحتاج رجال دولة لا أصحاب مناصب.. الشرع: لدينا فرصة لم تحدث منذ 5 قرون ولن نضيعها

أكد الرئيس السوري، أحمد الشرع، أن سوريا تمرّ بمرحلة استثنائية تحمل في طياتها فرصة لم تشهدها البلاد منذ 500 عام، مشدداً على ضرورة التركيز على العمل لا على المناصب، وعلى التحلي بروح الدولة لا التمسك بالمظاهر.

وذكرت الرئاسة السورية أن الشرع استمع خلال الاجتماع الدوري لمجلس الوزراء، إلى عرض قدّمه الوزراء حول آخر المستجدات والتحديات المتعلقة بالأداء الحكومي خلال الفترة الماضية، وجرى بحث سبل تعزيز التعاون بين مختلف الوزارات، بما يحقق مصلحة المواطن، ويسرّع وتيرة تعافي البلاد وتقدّمها نحو البناء والتطوير.

وفي كلمة خلال الاجتماع تطرق الشرع إلى عدة مواضيع، منها الاستثمار ورفع مستوى الخدمات وتحسين معيشة السوريين، إضافة إلى البنية التحتية ودفع عجلة الاقتصاد، إلى جانب توجيه الوزراء نحو بذل مزيد من الجهود وتعزيز التواصل والتنسيق فيما بينهم

الاستثمار ومكافحة الفقر

أوضح الشرع أن البلاد تسير باتجاه واضح نحو تشجيع الاستثمار، لا سيما في القطاعات ذات العلاقة المباشرة بالبنية التحتية، والتي تتطلب رؤوس أموال ضخمة وآجالاً طويلة لاسترداد العائدات، مبيناً أن الاستثمارات المحلية والسورية غير قادرة وحدها على النهوض بهذه المشاريع، ما يستدعي جذب مستثمرين من الدول المجاورة والأجنبية.

وأضاف أن مشروع قانون الاستثمار، الذي جرت مناقشته قبل نحو عشرة أيام، تم تجهيزه بعد إجراء التعديلات اللازمة عليه، وهو بانتظار اعتماده النهائي تمهيداً لإصداره في أقرب وقت ممكن.

وبيّن أن التوجّهات الاستثمارية تشمل قطاعات متعددة، منها المطارات والطاقة والمشاريع السياحية والنفط والمعادن والمناطق الحرة والموانئ والسكك الحديدية والعقارات، إضافة إلى إعادة الإعمار والصناعة والزراعة والاتصالات والطرقات، مشيراً إلى وجود إقبال واسع على هذا النوع من الاستثمارات.

الإصلاح المالي والخدمي

أشار الشرع إلى أن إعلان الحكومة معركة ضد الفقر يفرض على جميع المؤسسات التعاون لتحقيق أهدافها، لا سيما عبر تطوير قطاع التعليم وإدخال الوسائل الحديثة، باعتبار أن الموارد البشرية هي الأساس في مضاعفة الإنتاج وتعزيز الاقتصاد.

وتحدّث عن أهمية تحسين الخدمات الأساسية، مثل الصحة والمياه والكهرباء، والعمل على جذب استثمارات في هذا المجال لتخفيف العبء عن الدولة وتسريع عملية النهوض بالبنية التحتية، مؤكداً أن تحسين هذه الخدمات ضروري لإنجاح جهود مكافحة الفقر.

وتابع أن تهيئة البيئة المناسبة للاستثمار يجب أن تتم عبر قوانين واضحة، ونافذة واحدة، وتسهيلات حقيقية، وخاصة فيما يتعلق بحرية تحويل الأرباح ورؤوس الأموال إلى الخارج، بعد أن كانت القوانين السابقة تُلزم المستثمرين بإبقاء معظم أرباحهم في الداخل.

واعتبر أن زيادة الإنتاج وتأمين الأسواق للتصدير، لا سيما في قطاعات الصناعة والزراعة والدراما، من شأنها أن توفر سيولة كبيرة داخل البلاد، مما يعزز قدرة الدولة على النهوض الاقتصادي ومواجهة الفقر، مؤكداً الحاجة إلى إصلاح مالي عميق.

وأوضح أن كلاً من وزير المالية وحاكم مصرف سوريا المركزي قدّما مقترحات وتفاصيل حول سياسات الإصلاح المالي والنقدي، مشيراً إلى أن اجتماعاً مطولاً جرى مؤخراً لمناقشة هذه الملفات المهمة.

ولفت إلى أن الاستقرار الأمني لا يقل أهمية عن الملفات الاقتصادية، منوهاً بجهود وزارة الداخلية وجهاز الاستخبارات العامة في مواجهة المخاطر الأمنية، مؤكداً ضرورة الاستمرار بالمتابعة دون تهويل أو تقليل من حجم التحديات.

كما شدّد على أهمية دور الإعلام والثقافة في توجيه الرأي العام ومساندة الخطط الحكومية، مشيراً إلى أن سوريا أصبحت خلال الأشهر الستة الماضية في صدارة الاهتمام الإعلامي العالمي، وهي فرصة ينبغي استثمارها لنقل القيم الوطنية وتعزيز الرسائل الإيجابية.

القيادة والتكامل المؤسساتي

شدّد الشرع على أن التكامل بين الوزارات يمثل أحد الشروط الأساسية لنجاح العمل الحكومي، مشيراً إلى أهمية تجاوز فكرة “الجزر المنفصلة” والعمل بمنهج تشاركي يعكس الترابط الوثيق بين جميع القطاعات.

ونوّه إلى أن مجلس الوزراء يحمل آمال الشعب السوري، وأن قراراته تدخل كل بيت، مشيراً إلى أن هذه المسؤولية تستوجب العمل الجاد والمستمر، دون الالتفات إلى التفاصيل الشكلية للمناصب أو الامتيازات.

وختم بالقول إن الثورة التي أوصلت الحكومة الحالية إلى السلطة دفعت ثمناً غالياً من دماء السوريين، مؤكداً أن الدولة اليوم تُبنى بسواعد الجميع، وأن المطلوب هو أداء فعّال واستمرارية في العمل، بعيداً عن المظاهر والترف، مشيراً إلى أنه عمل لسنوات في إدلب من الشارع وتحت أشجار الزيتون، وأن الإنتاج هو المعيار الحقيقي للمسؤولية.

وأضاف: “نحن جئنا إلى السلطة من خلال ثورة، وهي ثورة دفعنا فيها ثمناً غالياً من الدماء. ولسنا من أولئك الذين اعتادوا الجلوس في القصور الفاخرة، ولا ممن اعتادوا المكاتب الفخمة والمركبات الفارهة. أياً يكن الحال، أستقلّ ما توفر، لا مشكلة لدي. أينما كنا، أعمل، سواء كان المكتب في الخارج، في الشارع، أو في أي مكان آخر”.

وتابع: “لقد مررت بظروف صعبة؛ ففي إدلب، ربما خلال السنتين الأخيرتين فقط كان لدي مكتب، أما قبل ذلك فكنت أعمل من السيارة، أو في الشارع، أو عند أي شخص يستضيفنا. كنا نلتقي تحت شجرة زيتون، أو نطلب من أحدهم فتح مكان لنا لنلتقي فيه ونتشاور. وبفضل الله، تمكّنا من إنجاز عمل كبير وتحقيق نتائج ملموسة”.

 

المصدر: تلفزيون سوريا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى