بعد لقاء إسطنبول: ما مؤشرات التحوّل الأميركي تجاه سوريا؟

في حلقة جديدة من برنامج “سوريا اليوم” على تلفزيون سوريا؛ سُلط الضوء على أبعاد اللقاء الذي جمع الرئيس السوري أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني مع المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، توماس باراك، في مدينة إسطنبول التركية، في إطار تنفيذ قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن دعم السلام والازدهار في سوريا.

استعرضت الحلقة ما جاء في بيان الرئاسة السورية، والذي أشار إلى أن اللقاء ناقش عدداً من الملفات الحيوية، وعلى رأسها متابعة تنفيذ قرار رفع العقوبات الأميركية عن سوريا، وسبل دعم الاستثمار الأجنبي، لا سيما في قطاعي الطاقة والبنية التحتية. كما أشار إلى توافق الطرفين على ضرورة التخلص الكامل من الأسلحة الكيميائية بالتعاون مع المجتمع الدولي، بالإضافة إلى بحث سبل التعاون الأمني لمواجهة التحديات الإقليمية ومكافحة الإرهاب.

وفي الشق السياسي، شدد الرئيس الشرع خلال اللقاء على رفض أي محاولات لتقسيم البلاد، مؤكداً التمسك بوحدة وسيادة الأراضي السورية، كما جرى التأكيد على أهمية تطبيق اتفاق فصل القوات لعام 1974 مع إسرائيل لضمان الاستقرار في الجنوب. وتطرقت المحادثات أيضاً إلى اتفاق الحكومة السورية مع قوات سوريا الديمقراطية، حيث أُكدت ضرورة تطبيق اتفاق شامل يضمن عودة سيادة الحكومة السورية على كامل الأراضي، وبحث آليات دمج قوات قسد ضمن مؤسسات الدولة.

وقال المبعوث الأميركي توماس باراك في أعقاب الاجتماع إن الحكومة السورية وافقت على مساعدة الولايات المتحدة في تحديد مكان المواطنين الأميركيين أو رفاتهم وإعادتهم، مشيداً بالخطوات التي اتخذها الرئيس الشرع بخصوص المقاتلين الأجانب.

استضاف البرنامج الباحث في مركز حرمون للدراسات يمان زباد، والمحامي ورئيس التخطيط الاستراتيجي في المنتدى السوري ياسر تبارة. ورأى تبارة أن هذا اللقاء يمثل نقطة تحول في العلاقات الأميركية-السورية، مضيفاً أن خطاب ترمب في الرياض أعاد صياغة النظرة الأميركية إلى المنطقة. وأشار تبارة إلى أن التغييرات التي شهدها الملف السوري خلال الأشهر الماضية، وتحديداً ما يتعلق بتعامل الحكومة الجديدة مع الملف الأمني والسياسي، كانت عوامل مساعدة في تحقيق هذا التحول، مؤكداً في الوقت ذاته أن الدعم السعودي والخليجي كان عاملاً مرجحاً في دفع إدارة ترمب نحو هذا المسار.

إرادة أميركية جادة

من جانبه، اعتبر يمان زباد أن من مصلحة الولايات المتحدة وجود سوريا مستقرة وموحدة، خاصة في ظل ما سببته من قلق أمني للمنطقة ولأوروبا بسبب انتشار الميليشيات المدعومة من إيران وتهريب المخدرات. وأكد أن اللقاء يعكس إرادة أميركية جادة بالتزامن مع بداية فترة رئاسة ترمب، مضيفاً أن هناك جهوداً عربية وإقليمية لعبت دور الوسيط في هذا التقارب، كما أشار إلى وجود تحرك مكثف من الحكومة السورية وجماعات ضغط في الولايات المتحدة للمطالبة برفع العقوبات.

وفيما يخص ملف المقاتلين الأجانب، أشار زباد إلى أن التعيينات الأخيرة في وزارة الداخلية السورية خلت من أي عناصر أجنبية، في خطوة تعكس تجاوب الحكومة مع المطالب الدولية. ولفت إلى أن واشنطن تنظر إلى هذه الإجراءات باعتبارها اختباراً حقيقياً للحكومة السورية لإثبات جديتها في الإصلاح.

وبخصوص العلاقة مع إسرائيل، أشار زباد إلى محاولات الدولة السورية للتهدئة، وذلك عبر التأكيد على تطبيق قرارات الأمم المتحدة وتفعيل وساطة دول مثل تركيا والإمارات. واعتبر أن الأولوية السورية باتت أمنية واقتصادية، في ظل مساعٍ لرفع العقوبات وجذب الاستثمارات.

ملف قسد

أما فيما يتعلق بملف “قسد”، أوضح تبارة أن واشنطن تنظر إليه من زاوية التوازنات الإقليمية، خاصة في ضوء العلاقة الوثيقة بين الرئيس ترمب ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، مضيفاً أن الإدارة السورية تتعامل بدقة مع هذا الملف، ضمن سياق معقد يراعي مصالح تركيا وسوريا والولايات المتحدة.

وفي ختام الحلقة، أكد الضيفان أن اللقاء يعكس بداية مسار طويل لبناء الثقة بين دمشق وواشنطن، وقد يستغرق سنوات، مشددين على أهمية استمرار الدور العربي والتركي في هذا السياق، من أجل الوصول إلى رفع شامل للعقوبات وتطبيع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

المصدر: تلفزيون سوريا

تعليق واحد

  1. لقاء الرئيس “أحمد الشرع” ووزير الخارجية “أسعد الشيباني” مع المبعوث الأميركي الخاص لسوريا “توماس باراك”، في مدينة إسطنبول التركية، تضمنت عدة نقاط من قرار الرئيس ترامب بالشأن السوري، تحليل موضوعي.

اترك رداً على khatib yehya إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى