
أكّد الرئيس السابق للحزب التقدّميّ الاشتراكيّ وليد جنبلاط، خلال ندوة بعنوان “تعزيز الصمود الوطنيّ” نُظِّمَت في “بيت المستقبل”، أنّ لبنان لا يمكن فصله عمّا يجري في الإقليم، مشيرًا إلى أنّ أحداث المنطقة الأخيرة كانت إيجابيّةً رغم التحدّيات. وقال جنبلاط: “من كان يتوقّع أن يسقط النظام السوريّ بهذه السرعة ويختفي؟ ومن كان يتنبّأ باجتماع أحمد الشرع مع ترامب؟ بات لدينا شرقٌ أوسط وسوريا جديدان”. وأضاف: “نأمل في هذا الشرق الأوسط الجديد أن نحافظ على خرائط سايكس-بيكو، لأنّ لبنان الكبير يهمّنا، إلّا أنّ بقاء هذه الخرائط يظلّ مشروطاً بحلّ قضيّة فلسطين”.
وتابع: “التحدّيات كبيرة، لكنّني لا أتّفق مع القائل إنّ ما يجري هو حرب الآخرين على أرضنا؛ فقد شهدنا حروباً كبيرةً وصغيرةً تراكمت معها أزمات الثقة. وإذا أردنا لبنان جديداً، فهل نغيّر الطائف؟ طبعاً لا، لكنّنا نريد تحديثه”.
وختم جنبلاط بشكر الرئيس أمين الجميّل ورئيس حزب الكتائب سامي الجميّل على تنظيم الندوة، مضيفًا: “أشكر أيضًا الرئيس ترامب على رفع العقوبات عن سوريا؛ وقد آن الأوان لوقف الإبادة ووقف تزويد إسرائيل بالأسلحة”.
الجمّيل: فرصة مهمّة
من جهته، أكّد رئيس حزب الكتائب، النائب سامي الجميّل، في الندوة أنّ هذا اللّقاء يمثّل فرصةً مهمّةً لالتقاء اللبنانيّين بقلبٍ منفتحٍ وبروحٍ إيجابيّةٍ من أجل إيجاد حلولٍ للمستقبل. وأشار إلى أنّه، رغم اختلاف الخلفيّات السياسيّة بينه وبين رئيس الحزب التقدّميّ الاشتراكيّ وليد جنبلاط، فإنّ اللّقاء يُغني النقاش ويُعزّز الحوار الوطني.
وشدّد على أنّ هدف اللّقاء هو تأمين مستقبلٍ أفضل لجميع اللبنانيّين، ليحيوا بسلامٍ واطمئنانٍ في بلدهم، بصرف النظر عن انتماءاتهم الطائفيّة، قائلاً: “نأمل أن يكون هذا اللّقاء بدايةً لحوارٍ إيجابيّ بين جميع اللبنانيّين من أجل بناء مستقبلٍ مشترك”.
وتابع الجميّل، في معرض حديثه عن تطوّرات الوضع السياسي في لبنان، أنّ البلاد تعيش—لأوّل مرّة منذ أكثر من خمسين عاماً—من دون وصاية، وأنّه لا يجوز لأيّ طرفٍ أن يتّخذ القرارات نيابةً عن اللبنانيّين. وأضاف: “هذه فرصة تاريخيّة لبناء واقعٍ جديدٍ بعيدٍ عن ماضي الوصاية”. وتطرّق كذلك إلى مسألة الثقة المتبادَلة، قائلاً: “ثمّة انعدام ثقة بين اللبنانيّين؛ وهو ما أوصلنا إلى حرب عام 1975. لو وُجدت ثقةٌ وعلاقاتٌ سويّة لما وقعنا في هذا الانقسام والصراع الدموي”. وأوضح أنّ المصارحة والمصالحة ضرورةٌ لتجاوز هذه المخاوف التاريخيّة، مذكِّراً بأنّه اقترح في مجلس النوّاب عقد مؤتمرٍ للمصارحة والمصالحة تحقيقاً لهذه الغاية. ورأى أنّ غياب الشجاعة في مواجهة القضايا يعمّق الانقسامات ويعوق بناء الثقة.
وتحدّث الجميّل عن “الجرح الكبير” الذي يعانيه المجتمع اللبناني، مؤكّداً أنّ المصارحة هي السبيل الوحيد لتطهيره ووقف التدهور: “عندما يكون الجرح عميقاً يجب أن نتحلّى بالشجاعة لتنظيفه تماماً كي نتجنّب مضاعفاتٍ مستقبليّة”.
وأضاف أنّ العائق الأبرز أمام تقدّم مسار المصارحة هو السلاح غير الشرعي، لافتاً إلى أنّ وجوده يَحول دون جلوس اللبنانيّين معاً لبناء توافقٍ وطنيّ. وأكّد أنّ الحلول ينبغي أن تكون دبلوماسيّة وحكيمة، بعيدةً عن المزايدات والمنطق العنيف.
أمّا عن اتفاق الطائف، فشدّد على وجوب الإفادة من بنوده الإيجابيّة وتطوير ما يستدعي التطوير بما يعزّز وحدة لبنان والعلاقات بين أبنائه، قائلاً: “علينا طمأنة اللبنانيّين حيال الهواجس الطائفيّة، والمضيّ في تحديث الدولة والنظام الصحّيّ وكلّ ما يمسّ حياتهم اليوميّة”.
وفي ختام كلمته، أعرب الجميّل عن أمله في أن يساهم الحزب التقدّميّ الاشتراكيّ واللّقاء الديمقراطيّ في ترميم الجسور بين مختلف فئات الشعب اللبناني وبناء علاقةٍ متينةٍ وصلبة.
المصدر: المدن