
يسود هدوء حذر في محافظة السويداء، جنوبي سوريا، منذ ظهر أمس الأحد، مع بدء تنفيذ الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الحكومة السورية ووجهاء الطائفة الدرزية، وسط تصاعد في الأزمة المعيشية، وتجدد للتوترات الأمنية في بعض المناطق الريفية، وتزايد انتشار مقاطع الفيديو التحريضية والأخبار المضللة عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
وعادت التوترات مساء الأحد إلى بلدتي الثعلة وعرى في ريف السويداء الغربي، حيث سقطت قذائف هاون على منازل وأراضٍ زراعية، دون تسجيل إصابات. وسرعان ما ردّت الفصائل المحلية على مصادر القصف في قرية الدارة، الواقعة على الحدود الإدارية مع محافظة درعا.
وترافقت هذه التطورات مع حملات تحريض إعلامية زعمت أن أبناء عشائر البدو يتعرضون للحصار في السويداء ويُمنعون من ارتياد الجوامع، وذلك عقب اقتحام بلدة الصورة الكبيرة من قبل مجموعات مسلحة قدمت من خارج المحافظة، ارتكبت انتهاكات بحق المدنيين، من بينها حرق مقام الخضر، أحد الرموز الدينية لدى الطائفة الدرزية.
نفي رسمي وبيانات تكذّب التحريض
ونفت عشائر السويداء في بيان، وجود أي حصار على أبناء العشائر، وأكدت أن عناصر درزية يقومون بحماية الجوامع على مدار الساعة منعاً لأي فتنة. كما أصدرت عائلات سنية في السويداء بيانات تدين ما نُشر من معلومات مضللة، وتؤكد تمسكها بالوحدة الوطنية والعيش المشترك.
كذلك أصدر الشيخ حكمت الهجري، الرئيس الروحي للطائفة الدرزية، تعميماً دينياً دعا فيه إلى الامتناع عن نشر الصور والتعليقات التحريضية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وفرض الحُرم الديني على كل من يشارك في خطاب الكراهية أو الطائفية. كما حثّ أبناء المحافظة على ضبط النفس، ونشر الوعي، وتجنب الرد على الحسابات المجهولة التي تسعى إلى إشعال الفتنة.
وقفة نسائية وفتح جزئي للطرق
وفي تعبير واضح عن موقف المجتمع المدني، نُظّمت وقفة نسائية رمزية أمام مبنى المحافظة في مدينة السويداء، رفعت خلالها النساء شعارات تدعو إلى السلم الأهلي، وترفض الفتنة، وتطالب بتأمين المواد الأساسية، ووقف الاحتكار، وإعلاء صوت العقل في مواجهة كل ما يهدد تماسك النسيج المجتمعي.
تزامنت الوقفة مع إعلان المحافظة بدء تفعيل جهاز الأمن العام من أبناء السويداء، وانتشاره في مراكز ومداخل المحافظة. وتسلمت الشرطة المحلية نقاطاً أمنية على الطريق بين السويداء وبلدة الصورة الكبيرة، وشهد الطريق صباح اليوم فتحاً جزئياً سمح بدخول عدد محدود من سيارات الخضار، في ظل ترتيبات لتسيير الحافلات تدريجياً.
وفي خطاب موجه لأهالي المحافظة، قال محافظ السويداء مصطفى البكور، إن “المحافظة تقف على أعتاب مستقبل أكثر إشراقاً”، داعياً إلى تجاوز الفتن والانقسام، ومضيفاً “الاتفاق الأخير ليس مجرد كلمات على ورق، بل عهد نبنيه على المحبة والتعاون، وبصمة أمل نتركها للأجيال القادمة”.
أزمة معيشية خانقة
وتضاعفت معاناة السكان في تأمين الغذاء والدواء بعد مرور خمسة أيام على إغلاق طريق دمشق–السويداء. ووفقاً لمصادر أهلية، يتم استخدام احتياطي القمح لتزويد الأفران بالخبز.
ولم يدخل إلى المدينة سوى ثلاثة صهاريج فقط من أصل 16، تضم سبعة صهاريج محملة بالبنزين وتسعة بالمازوت، كانت موجهة بتعليمات من المحافظ البكور، وذلك بسبب العراقيل على الطرقات.
المصدر: المدن