
أثارت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية جدلًا واسعًا إثر تقرير نشرته بتاريخ 12 أبريل 2025، زعمت فيه وجود مئات المقاتلين من جبهة البوليساريو أُرسلوا من قِبل إيران للقتال إلى جانب قوات النظام السوري خلال الحرب. التقرير، الذي استند إلى تحقيق ميداني أجرته الصحيفة في عدد من المواقع العسكرية بسوريا، كشف أيضًا عن تورط ميليشيات أجنبية – تحت إشراف إيراني – في أنشطة تشمل تجارة الأسلحة، والمخدرات، وتبييض الأموال.
ووفقاً لما ورد في التقرير، فإن هذه الميليشيات، المدعومة من «الحرس الثوري» الإيراني وحزب الله اللبناني، تلقت تدريبات مكثفة قبل دخولها الأراضي السورية، وكان من بين أفرادها – بحسب الصحيفة – مئات من عناصر جبهة البوليساريو، قدموا من مخيمات تندوف الجزائرية.
نفي سوري رسمي وشكوك حول المزاعم
وفي أول رد على هذه الادعاءات، نفى مصدر سوري مقرّب من الرئاسة صحة ما أوردته الصحيفة، مؤكدًا أن جميع السجون السورية تم إخلاؤها عقب «تحرير البلاد»، وأنه لم يُسجل وجود أي معتقل أجنبي، بما في ذلك عناصر من البوليساريو. وأشار إلى أن الميليشيات الإيرانية انسحبت من البلاد قبل تحرير دمشق، ولم يتم رصد أي سجين أو مقاتل من جنسيات أجنبية موالية للنظام.
وأوضح المصدر أن جميع المعتقلين بعد انتهاء العمليات العسكرية كانوا من السوريين المتورطين في جرائم حرب، وأنه في حال تم توقيف عناصر أجنبية، فإن السلطات السورية كانت ستتواصل مع حكوماتهم بشكل رسمي.
جبهة البوليساريو ترد ببيان رسمي وتتهم المغرب بتلفيق الادعاءات
من جانبها، أصدرت جبهة البوليساريو بيانًا رسميًا من مكتب الأمين العام، رفضت فيه بشكل قاطع الادعاءات الواردة في التقرير، ووصفتها بـ”الفبركة الإعلامية” التي تهدف إلى تشويه كفاح الشعب الصحراوي. واتهم البيان صحفية ألمانية من أصول مغربية بالوقوف خلف التقرير، معتبرًا أنه جزء من حملة دعائية مغربية منظمة ضد الجبهة.
وأكدت البوليساريو في بيانها:
رفضها التام لمحاولات ربط نضال الشعب الصحراوي بالإرهاب، واعتبارها ذلك مسًّا بحق شعب معترف بنضاله دوليًا.
التزامها الكامل باتفاقية منظمة الوحدة الإفريقية لمكافحة الإرهاب (1999) التي صادقت عليها الجمهورية الصحراوية سنة 2005.
تأكيدها توقيع اتفاقيات جنيف الأربع وبروتوكولها الأول كحركة تحرر ملتزمة بالقانون الدولي الإنساني.
دعوتها لإجراء تحقيق مشترك بإشراف الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي حول الجهات المتورطة فعلًا في الإرهاب والتهريب الإقليمي.
إعلان نيتها متابعة كل من يروج لهذه الادعاءات قضائيًا عبر الآليات القانونية الدولية.
شجبها للحملة المغربية الإعلامية التي تهدف لتقويض حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير.
تأكيدها أن أي حل لا يحترم إرادة الشعب الصحراوي مصيره الفشل.
ردود داعمة من دمشق والجيش الصحراوي
الخبير السوري في العلاقات الدولية، عبد الله الخير، علّق على التقرير مؤكدًا أن الميليشيات المدعومة من إيران في سوريا كانت تتكوّن من عراقيين، لبنانيين، أفغان وباكستانيين، ولم يُرصد أبدًا أي عنصر من جبهة البوليساريو على مدار سنوات النزاع. وأضاف أن لو كان هناك وجود فعلي لعناصر من البوليساريو، لكانت المعارضة السورية وثّقت ذلك بالصوت والصورة، كما اعتادت سابقًا مع مقاتلين أجانب.
كما أصدرت وزارة الدفاع الوطني الصحراوية بيانًا رسميًا، وصفت فيه تقرير واشنطن بوست بـ”الدعائي والكاذب”، مؤكدة أن الجيش الشعبي الصحراوي يمتلك من القدرات والخبرات ما يكفي لتدريب عناصره دون أي دعم خارجي. وأكد البيان أن التقرير يفتقر للأدلة، ويهدف فقط لتشويه صورة المقاومة الصحراوية.
مقاتلون سوريون ينفون أي وجود للبوليساريو في ساحات القتال
القيادي السابق في المعارضة السورية، حاتم السالم، أكد بدوره أنه خلال 15 عامًا من الصراع لم يتم رصد أي مقاتل من البوليساريو في صفوف قوات النظام أو الميليشيات الإيرانية. وأوضح أن أجهزة الرصد التي كانت تعمل على توثيق تحركات المقاتلين الأجانب لم تسجّل أي تواجد لعناصر صحراوية.
وسط تضارب الروايات وغياب أدلة موثوقة تأكد أن الواشنطن بوست أنجرت خلف معلومات مغلوطة مصدرها صحفية مغربية، مما اضطرها إلى نشر اعتذار جاء فيه: “نشرت جريدة “واشنطن بوست” تصويبا بخصوص مقال تشوه فيه نضال الشعب الصحراوي بتلفيق تهم لممثله الشرعي جبهة البوليساريو، التصحيح يعتبر انتكاسة جديدة للدعاية المغربية والدوائر واللوبيات التي يستعين بها لتشويه كفاح الشعب الصحراوي وصورة “البوليساريو”.
وجاء في التصويب الذي نشرته الجريدة الأمريكية أن “جبهة البوليساريو، التي تسعى لاستقلال الصحراء الغربية، تنفي أي صلة لها بإيران”، مؤكدة أن “الإيحاء بأن مقاتلي البوليساريو قد يتخلون عن نضالهم المستمر منذ عقود ضد الاحتلال المغربي لصالح صراعات بعيدة لا علاقة لهم بها ليس فقط أمرا غير معقول، بل هو إهانة لكرامة وعزيمة شعب يناضل من أجل حريته”.”
المصدر: موقع دمشق