كيف نواجه إسرائيــــــــــل في اللحظة الراهنة؟

د- حازم نهار

ليس لدي اطلاع على تركيبة السلطة السورية الراهنة، ولا على التوازنات في داخلها، ولا على درجة تماسك أركانها، ولذلك أنا أتعامل وفق ما يظهر منها إلى العلن، ومن الطبيعي أن أتعامل معها بوصفها المسؤول الأول اليوم عن تقدم البلد أو تراجعه، حمايته أو تفككه، على الرغم من إقراري بمسؤوليتنا جميعًا، ومن ثم بالدور المطلوب منا جميعًا.

هذه السلطة، ومعها سوريا والسوريون، تواجه عدوانًا إسرائيــــــــــليًا صريحًا، له أهداف واضحة ومعلنة: تقسيم سوريا وإبقاؤها في حالة تنازع وعدم استقرار.

أعتقد أن المرتكز الرئيس في المواجهة هو الاقتناع أولًا بأهمية الداخل السوري في المواجهة، وثانيًا بضرورة الحل السياسي في الداخل. كيف السبيل إلى ذلك؟

  1. لا تحتاج السلطة الراهنة إلى خطاب تسويغ نفاقي ولا إلى خطاب شعبوي انتحاري: أي لا تحتاج إلى من يسوِّغ عدم مواجهتها لإسرائيــــــــــل عسكريًا (ولا سيما أن أغلب المسوغين الذين يرتدون ثوب الحكمة اليوم كانوا في الأمس القريب يعيبون على السلطة السابقة تقاعسها عن مواجهة إسرائيــــــــــل، ويفرحون أو يشمتون عندما تتعرض سوريا لضربات إسرائيــــــــــلية)، ولا تحتاج إلى أصحاب الصوت العالي والشعبوي بضرورة مواجهة إسرائيــــــــــل وعدم السكوت (ولا سيَّما أن بعض أنصار هذا الصوت كانوا في الأمس القريب يسوِّغون للسلطة السابقة تقاعسها عن مواجهة إسرائيــــــــــل، ولا يريدون اليوم سوى توريط السلطة الراهنة في حرب غير متكافئة، فيما البعض الآخر مؤلَّف ممن لا يستطيعون العيش من دون قتال أو حرب انطلاقًا من تسويغات أو منطلقات دينية مفهومة فهمًا خاطئًا “الجهاد المفتوح إلى الأبد”).
  2. لا مخرج من دون أن تعبِّر السلطة الراهنة بوضوح عن رغبتها في إنجاز حلٍّ سياسي وبرنامج سياسي انتقالي واضح المعالم، من خلال مؤتمر وطني سوري حقيقي يهدف من دون لبس إلى بناء دولة وطنية ديمقراطية، دولة حق وقانون ومؤسَّسات، على أساس المواطنة المتساوية. من دون ذلك ستجد إسرائيــــــــــل ألف مدخل لتنفيذ مشروعها. هذا يعني أن متانة الجبهة الداخلية هو أساس كل مواجهة خارجية (بدهية صالحة دائمًا).
  3. تحتاج السلطة الراهنة إلى التماسك والشرعية، وهذان غير قابلين للتحقق من دون السوريين، من دون إشراك السوريين وتحمّلهم المسؤولية إلى جانبها. ويحتاج السوريون إلى الثقة بالسلطة الراهنة، وهذه غير ممكنة التحقّق على نطاق عام ووطني من دون أن يشعروا بأنهم مشاركون في القرارات المصيرية التي تتعلق بواقعهم ومستقبلهم.
  4. أما ذهاب السلطة في طريق الاعتماد على العلاقات الخارجية، ونسج علاقات أو تفاهمات دولية وإقليمية وحسب، فهو غير مضمون العواقب، ولا يُتوقع له النجاح في هذه اللحظة العاصفة، ولن يجلب للسوريين الثقة بدولتهم، وستكون السلطة الراهنة مضطرة إلى تقديم تنازلات متنوعة أمام إسرائيــــــــــل، وغيرها، في سبيل ضمان استمراريتها وحسب.
  5. الحل السياسي الداخلي له جملة من الركائز: إعلان دستوري وطني، بناء نظام وطني ديمقراطي لامركزي، حقوق الإنسان والمواطنة المتساوية، ضمان الحريات بجميع أشكالها، بناء جيش وطني وأجهزة أمنية على أسس وطنية، برنامج واضح للعدالة الانتقالية يتعامل مع الانتهاكات الحاصلة خلال 14 عامًا، قضاء عادل ومستقل ونزيه يتعامل مع الانتهاكات الحاصلة خلال الأشهر الفائتة. وهنا تصبح مسألة حصر السلاح بيد الدولة مسألة طبيعية ومتوقعة، وكل جهة ترفض هذا الاتجاه تصبح خارجة على القانون وينبغي للجميع مواجهتها.
  6. مع هذا الحل ستكون السلطة الراهنة أقوى، وشرعيتها أعلى، وثقة السوريين بها أكبر، وستكون سورية دولة أكثر استقرارًا وأكثر قبولًا في العالم، ما يزيد من احتمالات وقوف كثير من الدول إلى جانبها لمنع إسرائيــــــــــل من الاستمرار في عدوانها على أقل تقدير.
  7. لا أعتقد أن الشعب السوري، في حال توافرت له دولة وطنية ديمقراطية، يمكن أن يكون قابلًا للاختراق الخارجي أو مستعدًا للتضحية بوحدته أو بدولته.

المصدر: صفحة د- حازم نهار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى