أصدرت الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي العربي بتوقيع الأمين العام للمؤتمر الشعبي العربي المحامي أحمد عبد الهادي النجداوي بيانًا مهمًا حول ما جرى في لبنان جاء فيه: ” توقَّفت الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي العربي باهتمام بليغ أمام الأحداث المتسارعة على الساحة اللبنانية، وخاصة أمام تداعيات ما تركه التفجير المروع في مرفأ بيروت في الرابع من شهر آب الجاري. ومع إعلان تضامنها الكامل مع الشعب اللبناني، فهي تعتبر أن ما حصل كان بمثابة كارثة وطنية. وليست كارثة أمنية فحسب، بل تعتبرها كارثة سياسية حصلت بفعل تداخل عوامل التبعية للخارج مع أهداف قوى هذا الخارج للحصول على أوراق قوة في لبنان تستفيد منها في هذا القطر العربي المنكوب لأسناد امتدادتها الداخلية من خلال أحزاب السلطة. ولكل ذلك أصدرت الأمانة العامة البيان التالي:
يعيش لبنان منذ 17 تشرين الأول من العام 2019 حالة انتفاضة ثورية ضد أحزاب السلطة السياسية التي ركبتها عفاريت الفساد والنهب حتى أوصلت لبنان إلى حالة الإفلاس فالتجويع، غير آبهة بغير مصالحها الذاتية. تلك المنظومة الفاسدة المسيطرة التي بدلاً من أن تعمل على معالجة أسباب الأزمة الداخلية بحس وطني، عملت على ادخال لبنان في حالة تبعية خانقة للقوى الخارجية كل منها حسب انتماءاتها الطائفية، إذ راح كل منها يعمل لمصلحة تقوية عوامل سيطرة حليفه الخارجي في صراعات المحاور الدولية والإقليمية التي يسعى كل منها للحصول على حصته في الوطن العربي الكبير. ولقد أدى ذلك الالتحاق إلى تعميق الأزمة التي كانت ظواهرها مطلبية معيشية وكان على أحزاب السلطة أن تداويها بإصلاحات اقتصادية اجتماعية داخلية عاجلة ومن بعدها العمل على إصلاحات سياسية في بنية النظام الطائفي السياسي. وبدلاً من مهمتها الأساسية حوَّلتها إلى صراعات داخلية يعمل كل حزب منها لتدعيم هذا المحور الدولي – الإقليمي أو ذاك.
وإذا كانت الحالة السياسية شهدت انقساماً حاداً بين أحزب السلطة، فإن الانتفاضة الشعبية كانت تجدد نفسها ياستمرار، فانقسمت أحزاب السلطة إلى فريقين: أحدهما يؤيدها من منطلق استفادته من زخمها بمواجهة الفريق الذي ظلَّ حاكماً، وأما الفريق الحاكم فقد عمل على إجهاضها بشتى الوسائل والسبل ولكنه فشل في ذلك. وبين هذا الموقف وذاك، ضاعت الحقوق الشعبية في صراعات المحاور الداخلية.
قد يكون انفجار الرابع من آب قد حرَّك الضمير العالمي، فوجد صدى له بين قوى الخارج المؤيد للفريق المعارض لحكومة الدكتور حسان دياب، لا لعيب فيه بل لعيب فيها كونها سياسية مغطَّاة بعباءة التكنوقراط. وقد عبَّر الرئيس الفرنسي عن الصدى الخارجي، ربما بدفع من حلفاء آخرين من الدول الكبرى وبعض النظام العربي الرسمي. وعلى هذه الصورة، يمكننا رؤية المشهد في لبنان. ومن المؤكد أن الكارثة الأمنية التي حصلت في المرفأ هي التي حرَّكت الجمود السياسي على الساحة اللبنانية. وهذا مشهد جديد من دون شك، وحتى لا تذهب نتائجه بغير اتجاهات مصلحة الشعب اللبناني، كما تدل مقدماته، ترى الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي العربي التحذير منها، وتدعو إلى العمل في المرحلة القادمة في لبنان وفق الخطوات التالية:
أولاً وقبل أي شيء آخر، أن تحافظ انتفاضة الشعب اللبناني على استمراريتها وزخمها، والاستفادة من كل عوامل تقويتها وإدامتها، داخلياً وخارجياً، على قاعدة تحصين أهدافها التي انطلقت على أساسها منذ البداية. وردع اي محاولة استثمار غير بريء لتلك الأهداف.
الترحيب بكل دعم دولي أو إقليمي أو عربي، على أن يكون مجرَّداً من أي هدف نفعي سياسي أو أمني يراد تمريره تحت عباءة الغيرة والإنسانية. وإذا وُجدت، وهي ستكون موجودة أصلاً، فإنه يتوجب على قوى الانتفاضة والشخصيات الوطنية المؤيدة والمشاركة والداعمة، وفي المقدمة منها نقابة المحامين في لبنان، أن تكشف اللثام عن تلك الأهداف وتفضحها.
من الطبيعي أن تواجه الدول كوارثها الوطنية بـ(حكومة وحدة وطنية)، وهذا كان من شروط الدول التي أبدت مساعدتها للبنان. ولكن لكي لا يُستخدم الإعلان كدعوة حق من أجل أهداف باطلة، يتوجب أن لا تنطلي على أحد خدعة الوحدة الوطنية كما تم تطبيقها من قبل منظومة أحزاب الطائفية السياسية لعشرات السنين، والقائم على المحاصصة بين الطوائف. بل إن المفهوم الحقيقي هو ما دعت إليه الانتفاضة الشعبية والقائم على إلغاء الطائفية السياسية أولاً، وإلغاء عوامل الاستقواء بالخارج ثانياً. الامر الذي يقتضي تشكيل حكومة بعيدة عن المنظومة السياسية التي حكمت البلد تأسيساً على قواعد المحاصصة الطائفية المنوه عنها لمصلحة تشكيل حكومة من شخصيات مشهود لها بنزاهتها ومهنيتها، من أجل إدارة المرحلة الانتقالية في معالجة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية الأشد وطأة على حياة الشعب اللبناني تمهيداً للانتقال إلى مرحلة تغيير سياسي جدي وموثوق.
إن غياب الثقة بالمؤسسات الرسمية اللبنانية لأنها خلايا مزروعة بسلسلة متشابكة من أنصار أحزاب السلطة، والتي تأتمر باوامر الخارج الدولي والاقليمي يملي الدعوة الى التحقيق بأسباب انفجار المرفأ بكل شفافية ومسؤولية وطنية واذا ما قضت الحاجة الى الاستعانة بالخبرة الدولية فهذا أمر مقبول، ولكن بشرط ان يكون ذلك بواسطة هيئات دولية موثوقة تنأى بنفسها عن استثمار النتائج لمصالح سياسية لهذا المحور أو ذاك.
الى جانب كل ذلك فإن التدخل الفارسي السوري المزدوج والمعلن لدعم (حزب الله) في سعيه للاستقواء على الشعب اللبناني والدولة اللبنانية باستعمال شعارات مقاومة العدوان الصهيوني المحتل للارض العربية الفلسطينية والمتربص بلبنان ومصالحه الوطنية والقومية العليا هو تدخل مرفوض بكل المعايير ولأن الجماهير العربية واللبنانية الحرة تملك زمام امورها وهي القادرة على قهر المعتدين وردعهم.” وتابع يقول:” إذ يعلن المؤتمر الشعبي العربي وقوفه معكم وإلى جانبكم، مراقباً ومتابعاً لأي خلل قد ترتكبه أحزاب السلطة الحاكمة، فإنه يتقدم منكم بأشد التحايا حرارة لصمودكم في مواجهة أحزاب السلطة التي نهبت اقتصادكم، والتي دفعت بكم إلى مهاوي الجوع والمرض، ويدعو بالرحمة للشهداء الذين قضوا نتيجة سقوط السلطة في مهاوي الفساد والسرقة. كما يعلن المؤتمر تأييده الكامل لانتفاضتكم الرائعة، ويقف إلى جانبها، ويدين كل من أشار إليها بإشارات السوء والاتهام.”
460 4 دقائق