الإعلان الدستوري في سورية بين الحاجة للتغيير ومخاوف التفرد بالسلطة

سامر الطه

يشكل الدستور في أي دولة حجر الأساس للنظام السياسي، فهو الذي يحدد شكل الحكم ويوزع السلطات ويضمن الحقوق والحريات للمواطنين.

وفي حالتنا السورية ما يزال الإطار الدستوري موضع جدل كبير، خاصة في ظل المطالب المستمرة برؤية الوجه السياسي الجديد للدولة، في هذا السياق تم طرح فكرة الإعلان الدستوري كخطوة انتقالية، من جهة ثانية يخشى البعض أن يكون أداة لإعادة إنتاج السلطة المتفردة بطريقة جديدة.

فهل يمكن أن يكون الإعلان الدستوري حلاً مناسباً للوضع السوري أم أنه مجرد محاولة لتجميل واقع سياسي معقد؟

يعد الإعلان الدستوري وثيقة مؤقتة تصدرها السلطة لتنظيم المرحلة الانتقالية بعد التغيير السياسي وإنهاء حقبة النظام السابق، عادة يكون هدفه تحديد شكل السلطة التنفيذية والتشريعية، وضمان الحد الأدنى من الحقوق والحريات لحين اعتماد دستور دائم.. على غرار ما جرى في مصر وليبيا عام 2011، والسودان عام 2019 لكن النتائج كانت متفاوتة.

في السياق السوري، والحالة السورية اليوم وبعد الكشف عن تشكيل لجنة خاصة لصياغة الإعلان الدستوري فإن الفرص والتحديات من حيث المبدأ موجودة، ومن بعض هذه الفرص يمكننا ضمان استمرارية الدولة من خلال وضع أسس قانونية تحكم المؤسسات خلال المرحلة الانتقالية. وإعادة تشكيل السلطة بما يحد من الصلاحيات المطلقة، ويوضح العلاقة بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية.. وإعطاء الشرعية للحكومة الانتقالية لتتمكن من إدارة شؤون البلاد حتى صياغة دستور دائم..ووضع خارطة طريق للانتقال إلى نظام حكم مستقر من خلال الانتخابات وتشكيل مؤسسات دائمة وصياغة دستور جديد، وتحديد مدة المرحلة الانتقالية وشروط نهايتها، مثل تسليم السلطة إلى الحكومة الجديدة.

وفيما يتعلق  بالتحديات فإن هناك تحديات كبيرة تجعل من الإعلان الدستوري أداة محفوفة بالمخاطر منها:

محاولة التفرد وتغييب القوى السياسية والشخصيات الوطنية، مما قد يجعل أي إعلان دستوري موضع خلاف بدلاً من أن يكون خطوة نحو الحل.

غياب الآليات الواضحة لتنفيذه قد يؤدي إلى انتهاكه أو تعطيله لصالح الحكومة الحالية، وإطالة الفترة الانتقالية دون العمل على تنفيذ التغييرات الحقيقية، قد يحول الإعلان الدستوري نفسه ليصبح عقبة أمام التحول الديمقراطي.

وتدخل القوى الإقليمية والدولية الفاعلة في الوضع السوري قد يؤدي إلى فرض رؤى متناقضة للإعلان الدستوري، مما قد يعرقل فعاليته أيضاً.

من ناحية أخرى هناك أسئلة متنوعة تطرح في الشارع السوري من بينها كيف سيكون نظام الحكم في المستقبل هل هو رئاسي أم برلماني؟ ومن سيحكم المرحلة الانتقالية؟ هل هي حكومة مؤقتة أم برلمان مؤقت؟ هل سيكون هناك تعددية سياسية وقانون للأحزاب؟ هل سيتشكل مجتمع مدني ومن ثم حر وقانون ينظم عملهم؟

كل هذا سينعكس في المجتمع حال صدور الإعلان الدستوري المرتقب. وهناك المزيد من النقاط الإيجابية والسلبية التي يمكن طرحها لكنني سأكتفي بما ذكرت. فقد يكون الإعلان الدستوري أداة انتقالية مفيدة، لكنه بالتأكيد ليس حلاً سحرياً، بل يتوقف نجاحه على مدى الالتزام بمبادئ العدالة والمساواة والشفافية والتشاركية، في ظل تعقيدات الوضع السوري الحالي وما يحتاجه الشعب من تطمينات تريحه.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. هذا طرح صحيح و لكن لابد من الاستمرار في و تيرة الثورة بشكل سلمي للضغط على الادارة في تحقيق المطالب و بنفس الوقت نبتعد عن تضخيم الأنا في تحركاتنا و مساعينا لنهضة الوطن و الحفاظ على و حدته و استقلاله ضمن انتماآته التاريخية . و من ذلك اذكر ان ليس المهم ما ينص عليه الدستور بل المهم الالتزام بتطبيقه. و الاهم من الدستور يقظة الشعب للحفاظ على ثورته و تحقيق أهدافه. و افضل مثال اسوقه الحالة البريطانية، فكما نعلم ليس هناك دستور في بريطانيا بل هناك المغناكارتا و هو شبيه بميثاق و طني يحدد سبعة اسس منها دين الملك و حماية اعضاء مجلس العموم …الخ . كما ان القانون المطبق في محاكمها الأعراف و التقاليد . ومن حافظ عل المكاسب السياسية و تطبيق تلك البنود هو الشعب بتضحيات كبيرة على مدى السنين الى ان استقر بهم المطاف و اصبحت الحقوق تؤخذ عبر التوازنات في مجلس العموم.
    لذلك علينا ان نتابع في العمل السلمي لتحقيق المطالب دون ملل. مع انني متفائل في أن القادم خير و سيكون بداية خيرة لمستقبل بلدنا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى