
إن ما يشهده العالم من ماراثون سياسي نتيجة حتمية لفوضى التصريحات والمواقف السياسية المتناقضة والمتعددة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعد استلامه للسلطة وتزامن بقاء بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الصهيوني وطاقمه في قيادة {إسرائيل} ، وهي تؤكد بأن المنطقة مقبلة على تصعيد خطير للإرهاب والتطرف .
إن التصريحات غير الواضحة للرئيس الأمريكي حول قطاع غزة والقضية الفلسطينية عموماً أصبحت تقلق النظام الدولي وتهدد السلم العالمي ولم تبقي للولايات المتحدة الأمريكية أي صديق قادر على تبرير هذا التصعيد الخطير ، حتى دول الخليج العربي المعروفة بارتباطها المطلق بالسياسة الخارجية الأمريكية أصبح قادتها يشعرون بالغثيان والقلق من ابتزاز وتنمر ترامب وعشوائية تصريحاته ، دون أن ننسى استفزازه لدول العالم الأخرى ومنها دول جوار الولايات المتحدة الأمريكية مثل المكسيك وكندا إضافة إلى تصريحاته العدوانية حول قناة بنما وجزيرة غرينلاند الدنماركية وغيرها من الدول الأخرى .
إن التصعيد والتنمر في التصريحات المتناقضة التي طرحها ترامب حول مشروعه السياسي لشراء قطاع غزة وإدارتها كما يدعي ، بعد تهجير شعبها إلى دول اخرى ، هو في حقيقة الأمر مخرجا لإنقاذ نتنياهو من الاستحقاقات التي عليه تقديمها بعد وقف الحرب ، وهي خلافاً لكل القرارات الدولية ، وتهديدا لأمن واستقرار الشرق الأوسط .
لقد سبق لهذا المشروع أن طرح في سبعينيات القرن الماضي وتم التصدي له ومقاومته وإفشاله من قبل الفلسطينيين والعرب ، كما أن إقدام الإدارة الأمريكية على طرح هكذا مشروع ينسف عملية السلام التي وقعت مع الفلسطينيين في ( أوسلو ) بالنرويج والتي ادارتها الأمم المتحدة برعاية دولية وبضمانات الإدارات الأمريكية المتلاحقة التي كانت تروج على أنها الراعي الأول والضامن لعملية السلام .
إن نقض الاتفاقية يفقدها تأثيرها ومحوريتها ويدفع زعماء الدول العربية التي وقعت اتفاقيات السلام مع ( إسرائيل ) إلى إعادة النظر في بنود تلك الاتفاقيات بما يخدم أمنها ومصالح شعوبها ، ومنها مصر التي وقعت إتفاقية السلام في (كامب ديفيد) وكذلك الأردن التي وقعت اتفاقية (وادي عربة) وحتى بعض الدول العربية التي فتحت بعثات دبلوماسية أو أقامت علاقات اقتصادية غير منظورة يدفعها للتمرد على السياسة الأمريكية مدعومة بالمواقف الأوروبية الداعمة لعملية السلام بعد أن أخذت الإدارة الأمريكية تفقد تأثيرها ومشروعيتها وحياديتها .
إن العالم يعيش حالة مخاض صعب لعدم وجود خارطة طريق سياسية واضحة المعالم ، إضافة إلى فقدان الضامن الدولي لإنهاء الصراع في الشرق الأوسط .
إن تنمر ترامب – نتنياهو وتمردهم على عملية السلام يجعل العالم مقبلاً على الفوضى وتفجير الصراعات الإقليمية والدولية وانتشار الإرهاب العالمي بكل أنواعه ويدفع إلى حرب تحرق اليابس والأخضر ويكون الرابح فيها خسران .