مثقفون سوريون يطالبون بهيئات منتخبة تسنّ قوانين العدالة الانتقالية

أطلق عشرات المثقفين والفنانين والإعلاميين والناشطين والحقوقيين السوريين المعروفين، بياناً للمطالبة بحماية الحريات في سوريا في المرحلة الجديدة وإجراء انتخاب لهيئة دستورية، بعد إطاحة نظام الرئيس بشار الأسد. هنا نص البيان:

بعد أكثر من خمسة عقودٍ من الطغيان والقمع الوحشيّ والفساد، سقط النظام الأسديّ مُخلّفاً تركةً ثقيلةً من الدمار الماديّ والمعنويّ، ومن الفقر الشديد والتهميش اللذين تُعاني منهما قطّاعات واسعة من الشعب السوريّ، ومن التدنّي المُريع للخدمات العامّة، ومن تفاقم العصبيّات الإثنيّة والطائفيّة التي عمل النظام البائد على تأجيجها، ومن الفراغ السياسيّ بسبب حرمان جيلين أو ثلاثة من الخوض بحرّيّة في القضايا العامّة.

يضع هذا كلّه بلادنا في عهدها الجديد أمام تحدّياتٍ كبرى لإعادة بنائها سياسيّاً واقتصاديّاً واجتماعيّاً وثقافيّاً ونفسيّاً وضمان حمايتها في المستقبل من الاستبداد ومن أيّ نزعةٍ من أيّ جهةٍ كانت للاستئثار بالسلطة على هواها.

وإيماناً منا بأن شعبنا مدعوٌ اليوم إلى المشاركة في صناعة حاضره ومستقبله فإننا، نحن الموقّعين أدناه، نشدّد في هذا البيان على مجموعة من المبادئ الأساسية التي من شأنها أن تحصِّن سورية الجديدة، وتشكّل إطاراً ناظماً للمرحلة الانتقاليّة، وتُسهم في إقامة النظام السياسيّ الذي ثار من أجله الشعب السوريّ تحت شعار الحرّيّة والكرامة واستُشهد مئات الألوف من أبنائه وبناته.

1-  نؤكّد أوّلاً أنّ جميع المواطنين والمواطنات، على اختلاف أصولهم القوميّة والطائفيّة، متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات وفي الكرامة والمنزلة الاجتماعية.

2-  ندعو إلى إطلاق الحريّات العامّة الأساسيّة، وأهمّها حريّة التجمّع والاحتجاج والتعبير والمعتقد، وهي تشمل الحريّات السياسيّة بما فيها الحقّ في تأسيس الأحزاب والصحف والمنصّات والمنتديات، وكذلك الحريّات الاجتماعيّة بما فيها الحقّ في إنشاء النقابات والجمعيّات المستقلّة عن أجهزة الدولة. وليس للدولة في هذا السياق أن تتدخّل سلباً أو إيجاباً فيما اعتاده الناس في مأكلهم ومشربهم وملبسهم وسائر شؤون حياتهم اليوميّة.

3-  نلحّ على ضرورة الالتزام من دون تحفظ بالمعاهدات والمواثيق الدولية الضامنة لحقوق الإنسان المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، وكذلك تلك التي تكفل التقيّد بالقانون الدوليّ الإنسانيّ وملاحقة المتورّطين في خرقه.

4-  نطالب سنَّ القوانين الناظمة للعدالة الانتقاليّة من قبل هيئات دستوريّة منتخبة، لمحاسبة المتّهمين في جرائم حربٍ وجرائم ضدّ الإنسانيّة، وفق إجراءات عادلة غير انتقاميّة تشمل كلّ من تورّط فيها أيّاً كان انتماؤه، وتكفل إنصاف الضحايا وحقوق الدفاع وقرينة البراءة، إضافةً إلى غيرها من التدابير الهادفة إلى الكشف عن مصير المغيّبين، وحفظ الوثائق، ومنع العبث بالمقابر الجماعية، وتمكين السوريّين من معرفة الحقيقة لأنّها السبيل الوحيد إلى الصفح والمصالحة الوطنيّة.

5-  نصرّ على وحدة الأراضي السورية بحدودها المعترف بها دوليّاً، وعلى استقلالها وسيادتها على جميع مواردها.

6- لا بدّ في سورية الجديدة التي نتطلّع إليها من حلّ عادلٍ للمسألة الكرديّة يُلبّي مطالب مواطنينا الكرد الثقافيّة واللغويّة والسياسيّة المشروعة، وذلك في إطار ٍمتوافقٍ عليه من اللامركزيّة الإداريّة.

7-  ندعو أخيراً إلى بناء الجيش وأجهزة الأمن على أساسٍ وطنيّ جامع بحيث يشمل وتشمل مكوّنات الشعب السوري بلا تمييزٍ بينها، وإلى حصر حمل السلاح بيد مؤسّسات الدولة المعنيّة بحماية حدود الوطن وأمن المواطنين، وإلى منع الأجهزة الأمنيّة منعاً باتّاً من التعسّف في ممارسة عملها، خصوصاً الاعتقال من غير سندٍ قانونيّ وتعذيب المعتقلين جسديّاً أو نفسيّاً.

لقد انتهى عهد الاستبداد، ولن يقبل السوريّون تكرار ما عانوا منه طويلاً، وعلى قواهم الحيّة في الوطن والشتات، أن تتكاتف وتُعبّر عن إرادتها بصراحةٍ ومسؤوليّة حتّى تتمكّن سورية من عبور المرحلة الانتقالية بسلام وأمان وإخاءٍ وثقة، إلى حين انتخاب جمعيّة تأسيسيّة وفقاً لقانونٍ انتخابيّ عادل، ثمّ إقرار دستورٍ جديد يكفل لجميع المواطنات والمواطنين حرّيّتهم وكرامتهم.

 

المصدر: المدن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى