اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة لمشروع قرار قدمته دولة فلسطين يطالب بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي ووجوده غير القانوني على أراضيها بما فيها القدس الشرقية وتفكيك المستوطنات يعد قرار مهم وتاريخي ولكن الأهم هو تنفيذه، خاصة أنه صادر ضد كيان مارق على الشرعية الدولية وأن تصويت الأغلبية لصالح القرار الأممي يؤكد أن المجتمع الدولي رافض تماما لاستمرار الاحتلال وممارساته الإجرامية الوحشية وحرب الإبادة الجماعية التي يشنها ضد الشعب الفلسطيني .
جلست فلسطين لأول مرة على مقاعد الأمم المتحدة كبقية الدول كاملة العضوية حسب الترتيب الأبجدي، وقدمت مشروع قرار بالأصالة عن نفسها والذي يعتبر انجازا تاريخيا آخر، وما من شك بان القرار الخاص بفلسطين والذي اعتمد في الجمعية العامة للأمم المتحدة وبأغلبية ساحقة يعد انجاز يسجل للمسار القانوني الدبلوماسي الفلسطيني باعتباره فتوى هامة صدرت عن أهم هيئة قضائية واجبة التنفيذ لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وتنفيذ حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره ويتضمن القرار إمهال الاحتلال مدة 12 شهرا لسحب قواتها من الأراضي المحتلة عام 67 بما فيها القدس وتفكيك منظومة الاستيطان، وإجلاء كافة المستوطنين من تلك الأراضي، وأن القرار يلزم إسرائيل والدول ذات العلاقة بتنفيذ مجموعة من الخطوات، كما يتوجب على الأمين العام أن يقدم تقريرا خلال ثلاثة أشهر حول مدى التزام إسرائيل وتطبيقها لما ورد في القرار .
اعتماد القرار بأغلبية 124 دولة يعد انعكاساً للتأييد الواسع للمجتمع الدولي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة وتداعياته غير القانونية كافة، فضلاً عن الرغبة في تصحيح الظلم التاريخي الواقع على الشعب الفلسطيني واعترافاً بحقه في تقرير المصير، ولا بد من تضافر الجهود الدولية للعمل على استعادة الشعب الفلسطيني لحقوقه المشروعة، وتفعيل حل الدولتين، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني للأراضي الفلسطينية، بما يكفل إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط 4 يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية .
القرار الذي اتخذته الجمعية العامة للأمم المتحدة يعد قرار قانوني بالدرجة الأولى وليس قرار سياسي ونستغرب مواقف بعض الدول التي لم تصوت انطلاقا من خلفية سياسية، وأن أي دولة صوتت ضد القرار فقد صوتت ضد الشرعية الدولية، وضد محكمة العدل الدولية وخاصة ان القرار يلزم أيضا الدول الأعضاء بعدم إرسال السلاح لإسرائيل والذي من شأنه انتهاك حقوق الشعب الفلسطيني على أرضه الفلسطينية المحتلة، علاوة على منع هذه الدول إبرام اتفاقيات تجارية مع المستوطنات، أو عقد اتفاقيات ثنائية مع إسرائيل يمكن أن تخل بقواعد القانون الدولي، أو ما ورد بالقرار وان القرار يعني إلغاء وإزالة كل ما قام به الاحتلال منذ عام سبعة وستين على أراضي الضفة بما فيها القدس وتفكيك الاستيطان وجدار الفصل العنصري وإعادة كل الأراضي والممتلكات التي تمت مصادرتها لأبناء شعبنا الفلسطيني .
وفي ظل الإجماع الدولي على دعم عدالة القضية الفلسطينية حان الوقت لان يتخذ مجلس الأمن موقف واضح من جرائم الاحتلال التي يتم ارتكابها في قطاع غزة والإرهاب المنظم الذي تمارسه إسرائيل ممثلة في حكومتها المتطرفة وعدوانها على الشعب الفلسطيني وأهمية وضع حد لإرهاب دولة الاحتلال وإجراء تحقيق في جرائم الحرب الإسرائيلية خلال العدوان على قطاع غزة، وإرهاب المستعمرين في الضفة الغربية، والانتهاكات بحق المعتقلين، وغيرها من الجرائم التي يرتكبها الاحتلال في الأرض الفلسطينية المحتلة .
بعد جلوس ممثل فلسطين على مقعد بالجمعية العامة للأمم المتحدة كعضو كامل العضوية وطرحه مشروع قرار يطالب بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي ووجوده غير القانوني على أراضيها بما فيها القدس الشرقية وتفكيك المستوطنات واعتماد الجمعية العامة لمشروع القرار بـ 124 صوت، ليكون قرار مهم وتاريخي ولكن الأهم هو تنفيذه.