الكاتب معقل زهور عدي يبدأ مقدمته من أجل رؤية موحدة للقضية الفلسطينية من التيار العروبي، لكنه بعد ذلك يوغل في إدانة حماس لارتباطها بالنظام الإيراني.
كلنا يعلم مطامح ومطامع النظام الإيراني في التمدد للمنطقة.. ولكن القضية الفلسطينية قضية لا يمكن النظر لها بما تحمله حماس أيديولوجياً وسياسياً واختلافنا في العديد مما تحمله في ذلك ..
القضية الفلسطينية والنضال فيها يدخل في باب التحرر الوطني والاستقلال من أجل تأسيس الدولة الفلسطينية الحرة والمستقلة، كما يجب التوقف عند النظر إليها في أن كل الدول العربية والإسلامية رفعوا يدهم عنها ، بل أغلبهم لا يمكن أن يسمحوا بدعمها في مواجهة عدو عنصري استيطاني ، لا يفهم إلا لغة القوة ، وفرض وجوده بالقوة ، وبأن كل اتفاقات السلام التي وقعت سابقا كانت حبراً على ورق وذهبت أدراج الرياح .. في مقابل ما يشتغل عليه الكيان الصهيوني باستمرار من عمليات قضم الأراضي وتهويدها وطرد الفلسطينيين منها ، أما غزة فقد أطبق عليها الكيان الصهيوني منذ عشر سنوات حصاراً خانقاً لا يمكن تجاهله وتجاهل انعكاساته المؤلمة جدا على أهلنا في غزة ..
ضمن هذا الوضع هل يطلب الكاتب ” عدي ” الاستسلام للشعب الفلسطيني ، وليس أمامه إلا نافذة واحدة لدعم مواجهته ، إلا فقط النافذة الإيرانية .. وما علاقة حماس بمسألة الامتداد الإيراني في الأقطار العربية التي تمددت فيها ، أليس زعماء هذه الدول إن كان بموافقتهم أو برعونة سياساتهم هي التي فتحت الباب أمام هذا التمدد الإيراني بدون رادع يردعه ، ثم أن هؤلاء الزعماء العرب هم ذاتهم وقفوا ولا زالوا ضد القضية الفلسطينية التي بدأت من عقود عديدة بالتطبيع ونسج العلاقات مع الكيان الصهيوني تحت الطاولات ، واليوم يجري التطبيع علناً وبكل وقاحة وصفاقة ..
ما جرى يوم السابع من تشرين صحيح كانت حماس على رأس الهجوم، ولكن كان معها فصائل وقوى فلسطينية عديدة، وحتى بعد فترة دخلت أجزاء من حركة فتح في القتال معها .. وبشكل منصف فقد أحدثت هزة عنيفة في المجتمع الدولي وفي الرأي العام الدولي ، وهزة أعنف داخل الكيان الصهيوني .
عندما لا تجد المقاومة الفلسطينية داعم لها من أجل تحرير وطنها أو وقف قضم أراضيها وإذلال الشعب الفلسطيني يومياً، فإنه من الطبيعي أن تمد المقاومة الفلسطينية يدها إلى من يمدها لها ، سواء الإيراني أو غيره .. أما عن التمدد الإيراني فإنه من غير المنطقي وغير العادل تحميل حماس وغيرها والشعب الفلسطيني مسؤولية تفريط زعماء الدول في هذا التمدد وفتح أبوابها للتغلغل الإيراني
قد تكون الخسائر لحماس وللشعب الفلسطيني كبيرة ولم تكن منظورة في حجمها وٱثارها .. ولكن السؤال الذي يمكن أن يطرح ، هل يمكن أن يتحرر الشعب الفلسطيني أو يسمح له بتأسيس دولته الفلسطينية بدون أن يدفع ثمناً باهظاً في مواجهة عدو عنصري استيطاني ..
وسواء اليوم أو غدا او بعد غد ، أو حتى في المدى البعيد بالتأكيد سيدفع الشعب الفلسطيني الثمن الباهظ الكبير ..
كما أن السؤال الذي يطرح نفسه أيضا هل الانتظار ، انتظار الظروف يمكن أن يؤدي إلى حل للقضية الفلسطينية بدون تدخل مناضلي ومقاومي الشعب الفلسطيني لنيل حريتهم واستقلالهم ، وهل يمكن الاستكانة للانتظار في ظل تراكم القوة الإسرائيلية وتضخمها مادياً وتطور التقنيات العسكرية فيها عبر الزمن ، وبالتوازي مع تطور ٱلتها العسكرية والدعم غير المحدود من أمريكا والغرب ، تصاعد استمرار حالة التمدد الاسرائيلي المستمر على الأراضي الفلسطينية ، وصمت العالم على كل ما يفعله الكيان الإسرائيلي في الشعب الفلسطيني..
أعتقد أن ربط الكفاح الفلسطيني وربطه بإيران وكأنه ( كفاح ايراني ) بربط حماس بإيران , هو رؤية غير صحيحة ولا تستقيم في وزن الأمور وستقود إلى نتائج بالتأكيد هي ما تبناها كاتب المقال .. وهنا لا بد من الفصل بين إيران وسياستها في المنطقة وبين الموقف الفلسطيني ونضاله ضد الإحتلال ، وقد قالها يوماً الزعيم جمال عبد الناصر بأن السلاح الروسي لا يعود بيد الجندي المصري للدفاع عن أرضه وكرامته إلا سلاحا مصرياً بغض النظر عن اسمه وماركته ومصدره ..
ولذلك فإن عملية الفصل ضرورية وأساسية في اتخاذ الموقف والاتجاه ، فهي التي تقود إلى وحدة العروبيين في الرؤية والموقف دون تباينات واصطدام في المواقف ..
تعقيب موضوعي لمقال “معقل زهور عدي” تظل المقاومة الوطنية الفلسطينية مقاومة محقة تستحق الدعم والتأييد، وحلف المقاومة والممانعة نعتبره غدر بهذه المقاومة، وإستغلها لصالح أجندة ملالي طهران، وأن ربط الكفاح الفلسطيني بإيران وكأنه ( كفاح ايراني ) بربط حماس بإيران , هو رؤية غير صحيحة.