يوم القيامة

فايز الحلاق

إِنْ أَتى يومَ الحسابِ،

مُعلنًا صِدْقَ الكتابِ،

والسِّراطُ المستقيمُ،

خاطَبَ الميزانَ: هَيّا

أَيُّها العَدْلُ الأَمينُ،

نحنُ أهلُ الانتصابِ.

جاءَ وعدُ المؤمنينْ

هذِهِ جَنّاتُ عَدْنٍ،

والسّواقي من شَرابٍ،

فَتَّحَتْ أَبوابَها،

زَمجرَتْ نارُ جهنمٍ،

صَوتُ السنةِ اللهبِ

بانتظارِ المذنبينَ.

والوجوهُ الخاطآتُ،

باتَ يعلوها الوجومُ،

ساهماتٌ غاضباتٌ.

كانَ للصمتِ ضَجيجًا،

ليسَ بالآذانِ يُسمَعُ.

جاءَ للميزانِ نذْلٌ مُفتَريْ،

يحملُ الفأسَ يُحطمُ،

مَمْعِنٌ في الاقترابِ،

ناكرٌ يومَ المِعادِ

فاحَتِ الأرياحُ منهُ،

مثلَ إنتانِ جيفةٍ،

ليسَ يَقبلهُ أَحَدٌ.

ضاقَ رضوانُ زرعًا،

قلْ هوَ اللهُ أحدٌ.

وانبَرى عيسى يُصلّي،

باكْتِئابٍ،

ثمَّ أردفَ قولًا:

(إنَّ هذا من يَهودٍ).

صاحَ انكرٌ ونكيرٌ:

– أيُّها الوَغْدُ الحقيرُ،

عدْ إلى كومِ الحَطَبِ،

لا تفكرْ بالنَّجاةِ

من سَعيراتِ اللَّهبِ،

سَوفَ تُمضي مدةَ القرنِ عذابًا،

فانتظرْ،

ليْسَتِ النارَ عقابا

قال موسى باكيًا:

(أَنتَ أدرى يا إلهيْ باليهودِ،

فالحقاراتُ فيهم تَكثر،

من كبيرٍ أو صغيرٍ يكبرُ،

أو فقيرٍ أو أميرٍ يَسْكرُ

إنما هذا الحقيرُ،

ليسَ منهم أبدًا،

فهو حتمًا من عربٍ).

كانَ خَيرُ الأنبياءِ حاضِرًا يَتَوَضَأُ.

قالَ ربُّ العزَّةِ:

يا رسولَ المسلمين!

صاحَ صلى اللهُ عليهِ:

(يا إلهي لبيكَ،

خاتمَ الأديانِ ربّي لا يَحتوي ذئبٌ حقيرٌ،

أَنْتَ ربُّ العالمينْ

إِنَّ هذا ليسَ منِّي،

أَنتَ أَعلَمُ منّي،

منكَ قرآني وإيماني وظنِّي،

أَنتَ تَدْري كلَّ شيْءٍ؛

بلْ تُريدُ الاعترافْ،

وجهُ أتباعي منيرٌ،

فيه بشرٌ وصلاةٌ وضياءٌ وتُقى؛

فيه حبُّ الأنبياءِ السّابقين المصْطفى.

غيرَ أنَّ الذِّئبَ هذا

فيهِ شرٌّ وبلاء،

لستُ أَدري أينَ وجهَهْ،

من أمامِ أمْ وراءٍ،

فيهِ مكرٌ وخِداعٌ،

وسمومٌ ضمنَ داءٍ،

ينشرُ العَلَّةَ، ثمَّ لا يُعْطي الدّواءَ،

حارَ عقلي في حضورهِ

هل منْ الكهريزِ آتٍ

أو قاذوراتِ ماءٍ،

أَدْهَشَ الناسَ جميعًا كيفَ جاءَ،

ربّما من بالوعةٍ تحتَ الطريقِ؛

عطستْ فخرجْ،

ربّما ضابطٌ في فرعٍ أَمنٍ؛

هاربٌ من حرجِ،

إِنَّما ليسَ من أهلِ السَّماءِ).

قال رضوانُ الأمينُ:

(ذاكَ من فعلِ الخبيثِ،

عندهُ سِرُّ الحقارةِ،

منهُ تأتينا المرارَةُ –

أيُّها الإبليسُ أُقْدِمْ).

قال: إني حاضرٌ تحتَ القَدَمْ،

في قبورٍ أو حياةٍ أو عدمٍ –

قال رضوانُ الرَّضيُ:

(أَنتَ مِحراكُ الفِتَنْ،

لعنةُ اللهِ عليكَ،

هلْ ترى هذا اللعينْ؟

أيُّها الخدَّاعُ قلْ لي ابنُ منْ؟

ربّما منكَ يكونُ).

قالَ إبليسُ قبلَ أَنْ ينظرْ إليهِ

يا لَشُؤْمي كيفَ صرتُ المهزَلَةَ؛

 

 

بسؤالٍ واحدٍ؛

حولوني مزبَلَةٍ،

كلُّ من أمسى حقيرًا؛

دائمًا أو مرحلةً،

آتيا حكمًا إليْ،

يا لِهولِ المُعْضِلَةْ.

ثمَّ التَفَتْ

يا لِسعدي، أَنتَ هنا يا سيِّدي؟

كنتُ أبحثُ عَنكَ، كما

كنتَ تبحثُ عنّي،

أنتَ أُستاذي وشَيخي،

كيفَ لا تَعرفونَ الَّذي

نابَ عنّي؟

فهوَ صاحبُ علمٍ؛

في الخداعِ وفنِّ،

إِنَّه من أَسس

للأباليسِ أَرقى مدرسةٍ،

يتلوى مثلَ أَفعى إِنْ تَكَلّمَ،

كلُّ أَبنائي عِنْدَهُ قَدْ تعلّمَ،

من لا يأْخُذُ عنهُ،

سوفَ يأتيهِ الكمدُ،

منهُ يأتيني الرّشَدُ،

يَقْلِبُ الخياناتِ بُطولَهْ،

والحقاراتُ من عندهِ تشترى،

منذُ أقدمِ عصرٍ للأبدْ،

 

شباط 2015

مهداة إليه في ذكرى وفاته

 

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. شعر جميل ومعبر عن يوم القيامة والحساب وأبليس و.. [إِنْ أَتى يومَ الحسابِ، .. مُعلنًا صِدْقَ الكتابِ، .. والسِّراطُ المستقيمُ،……] .

زر الذهاب إلى الأعلى