تواجه الانتخابات التي تقام في 68 بلداً هذا العام تهديدات شتى، لكن ظروف الطقس المتطرف التي لا تظهرها التحليلات السياسية ولا تتوقعها مراكز استطلاعات الرأي، تهدد بتعطيل أسس هذه العملية الديمقراطية.
يشهد العام الحالي انتخابات في 68 بلداً وتوجه مليارات الناخبين نحو صناديق الاقتراع. ويتعرض التصويت للأخطار المعتادة التي تتهدد الاقتراع، بما في ذلك حملات التضليل والتدخل الأجنبي والتزوير على يد الممسكين بالسلطة. في بعض الدول، قد يلجأ الممسكون بالسلطة ومعارضوهم، على حد سواء، إلى استعمال العنف كي يجبروا شرائح معينة من المقترعين على التزام البقاء في البيوت.
لكن ثمة عاملاً آخر سيترك تأثيره إلى حد أنه قد يحرف النتائج بأكملها، على رغم عدم أخذه في الحسبان على نطاق واسع. ويتمثل ذلك بالقوى الفيزيائية التي أطلقها تغير المناخ بما تمثله من تحدٍ فريد وجديد. وعلى رغم أن جميع التهديدات الانتخابية خطرة، فإن التهديدات الناجمة عن تغير المناخ لديها القدرة على حرمان الناخبين من حقهم في التصويت حتى في غياب النوايا الخبيثة. إن حرمان حتى عدد قليل من الناخبين من حقهم في التصويت يمكن أن يحدث فرقاً عميقاً في نتائج الانتخابات، على غرار الـ537 صوتاً في ولاية فلوريدا التي حسمت الانتخابات الرئاسية عام 2000. ومع تزايد تواتر الظواهر الجوية المتطرفة، تتنامى الأخطار التي يتعرض لها الناخبون. [شهد عام 2000 تنافساً حاداً بين المرشحين للرئاسة الأميركية، الديمقراطي آل غور، نائب الرئيس بيل كلينتون، والجمهوري جورج دبليو بوش. انحصر الفارق في الأصوات بينهما على صندوق مركز اقتراع في ولاية فلوريدا، أظهر العد اليدوي المباشر تقدم المرشح الجمهوري بفارق 537 صوتاً. تقبل آل غور النتيجة، على رغم اعتراضات شتى على عمليات فرز الأصوات واحتساب بطاقات التصويت الصالحة التي جرت يدوياً بسبب خلافات على آلات التصويت الممكننة].
يتعين على السلطات المسؤولة عن الانتخابات في جميع البلدان، بما في ذلك أستراليا وكندا والهند والولايات المتحدة، أن تتخذ إجراءات من شأنها ضمان ممارسة المواطنين لحقهم الديمقراطي الأساسي في التصويت، حتى لو تضررت أو دُمرت مراكز الاقتراع وبطاقات الهوية الشخصية وشبكات الاتصالات. وفي ذلك الشأن، تتضمن الخيارات إعادة تموضع مراكز الاقتراع وجعل قوانين الاقتراع أكثر مرونة وحماية شبكات الاقتراع.
تغير المناخ وأخطار التصويت
منذ الثورة الصناعية في منتصف القرن الـ19، أدى حرق الوقود الأحفوري إلى زيادة كبيرة في مستويات ثاني أكسيد الكربون وغيره من الغازات التي تسهم في احتباس حرارة الكوكب وتستمر تلك الغازات في الغلاف الجوي لعقود أو حتى قرون. ويحوي الغلاف الجوي حاضراً كميات منها تفوق نظيراتها خلال الـ4.3 مليون عام الماضية. بالتالي، تتصاعد حرارة الكوكب. وشهد العقد الماضي تسجيل 10 سنوات اعتبرت الأشد حرارة في التاريخ المسجل للمناخ، فيما احتل عام 2023 صدارة تلك المجموعة.
في “اتفاق باريس” لعام 2015، تعهدت 196 دولة، بما في ذلك الدول الرئيسة المسببة للانبعاثات مثل الصين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بالحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى أقل من درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، وتهدف بصورة مثالية إلى 1.5 درجة. في المقابل، لم توضع بعد الالتزامات الكفيلة بإنجاز تلك الأهداف، ولم ينفذ سوى أقل من قليل منها. أكثر من ذلك، قد تبدو الأرقام السابقة [عن المستوى المطلوب للتغير في حرارة الأرض] متواضعة، إلا أن تحليلاً معمقاً أجرته “الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالمناخ” المؤلفة من مجموعة علماء مكلفين إعطاء معلومات للمفاوضات المناخية في الأمم المتحدة، أظهرت أن كل ارتفاع بمقدار جزء عُشري من الدرجة المئوية في حرارة الأرض يؤدي إلى نتائج شديدة وقاسية. على سبيل المثال، تستجلب الدرجات العالية من الحرارة، أعاصير وعواصف مدارية إضافة إلى سيول جارفة على السواحل والأراضي الداخلية، وحرائق غابات وموجات حر متطرفة.
في 2023، ارتفعت حرارة الأرض بمقدار 1.36 درجة فوق مستوياتها قبل الثورة الصناعية. وخلصت تقديرات حديثة أصدرها “برنامج الأمم المتحدة للمناخ” إلى أنه في 2100، ستصل حرارة الكوكب إلى ثلاث درجات مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، إلا إذا تعززت السياسات الراهنة حيال المناخ. وبالفعل، تحدث كوارث مرتبطة بالطقس المتطرف بوتيرة متزايدة الإيقاع والحدة. وفي الولايات المتحدة، تكررت الكوارث التي تقدر خسائرها بمليارات الدولارات، بمعدل كارثة كل شهرين أو ثلاثة أشهر خلال العقدين الأخيرين من القرن الـ20. ويشمل ذلك الحرائق الكبيرة والعواصف الشديدة والفيضانات. وحاضراً، باتت تلك الكوارث تتكرر كل أسبوعين أو ثلاثة أسابيع. ويرجح حدوث أنماط مماثلة في أرجاء العالم، مما يترك المستجيبين للطوارئ والمسؤولين ومجموعات الإغاثة أمام وقت أقل للاستجابة والتعافي وإعادة الانتشار. وتؤدي الكوارث المتكررة إلى إجهاد قدرة المجتمعات المتضررة على التكيف، مما يؤثر فيها جسدياً ومالياً ونفسياً.
ولا شك في أن مثل هذه الكوارث ستؤدي إلى تعطيل الانتخابات. في الواقع، لقد فعلت ذلك بالفعل. بين يناير (كانون الثاني) 2019 ويناير 2024، صارعت أكثر من 10 بلدان أحوال الطقس المتطرف في وقت قريب من إجراء انتخابات محلية أو وطنية فيها بحسب “المعهد الدولي للديمقراطية والمساعدة في الاقتراع”. ومثلاً، في مارس (آذار) 2019، ضرب موزامبيق إعصار “إيداي” قبل افتتاح فترة تسجيل الناخبين. وأدت تلك العاصفة إلى تشرّد أكثر من 400 ألف شخص، وكثيرون منهم فقدوا وثائق هوياتهم الشخصية المطلوبة للتسجيل في الانتخابات. وكذلك دمرت تلك العاصفة آلافاً من غرف الفصول المدرسية التي تستخدم في التسجيل والاقتراع وعمليات احتساب الأصوات. وبعد ستة أسابيع، ضرب الإعصار المداري “كينيث”، فدمر سجلات المصوتين وأدوات الاقتراع والطابعات. وبالتزامن مع ذلك، عُرقِلت عملية التصويت مع موجات من الكوليرا التي ارتفعت معدلاتها عقب الفيضان.
ووقعت حادثة مشابهة في باكستان عام 2022، حين تسببت الأمطار الغزيرة بفيضانات غمرت ثلث البلاد، قبيل انتخاباتها الوطنية. وشردت ثمانية ملايين شخص، فيما انتقل مئات الآلاف إلى ملاذات موقتة. ولم يتمكن بعض المشردين من الوصول إلى بطاقات الهوية التي أصدرتها الحكومة لهم. بالترافق مع ذلك، خربت مياه الفيضان مجموعة من أمكنة الاقتراع، فيما استعصى الوصول إلى كثير منها. وخلُص تحليل أصدرته مجموعة “الحوادث المتصلة بطقس العالم”، وهي ائتلاف علمي دولي، إلى ترجيح أن التغيير المناخي جعل الهطول المتطرف للأمطار أشد قوة بمعدل 50 في المئة.
وحتى الدول الأكثر ثراءً ليست محصنة ضد مثل هذه الاضطرابات. على سبيل المثال، في الولايات المتحدة، وقبل ستة أسابيع من الانتخابات النصفية للكونغرس عام 2022، ضرب الإعصار “إيان” ولاية فلوريدا، مما أدى إلى إتلاف مواقع الاقتراع والبنية التحتية التي يستخدمها أكثر من 12 في المئة من الناخبين المسجلين. كما وجد الباحثون في جامعة ولاية نيويورك ومختبر “لورانس بيركلي الوطني” أن هطول الأمطار الناجم عن إعصار “إيان” كان أعلى بنسبة 18 في المئة بسبب تغير المناخ.
وبعد ذلك، مع بداية مارس (آذار) 2023، شهدت كندا أسوأ عام من الحرائق في تاريخها، مما جعلها تجهد في إتمام الانتخابات المحلية. وزاد تغيّر المناخ في خطر اندلاع حرائق الغابات الربيعية، بسبب ما ولّده من أحوال طقس تتسم بالحرارة والجفاف ورياح استمرت على مدى بقية ذلك العام. في الخريف، انتشرت حرائق الغابات في المناطق الشمالية الغربية غير المكتظة بالسكان، مما أدى إلى تشرد 65 في المئة من قاطنيها خلال الأسابيع التي سبقت الانتخابات العامة مباشرة.
وفي إسبانيا، دفعت الحرارة الشديدة خلال يوليو (تموز) 2023، بعض الناخبين إلى ارتداء ملابس السباحة عند الذهاب إلى صناديق الاقتراع. واستنتج ائتلاف “الحوادث المتصلة بطقس العالم” استحالة وصول الطقس إلى تلك الحرارة القصوى في ذلك الشهر لولا تغيّر المناخ الناجم عن النشاط البشري.
خارج كل توقّع
إذا استمرت الميول السائدة حاضراً، فستعمل الظواهر الجوية المتطرفة على تقويض حق المواطنين في التصويت بصورة متزايدة. بالتالي، يجب على مسؤولي الاقتراع تفهم كيفية تأثير المناخ في الانتخابات. وبالطبع، يجب عليهم التفكير في يوم الانتخاب بحد ذاته، إذ يقف الناخبون في كثير من الأحيان في الخارج لساعات في طوابير للإدلاء بأصواتهم. وفي حقبة الحرارة الشديدة، ستكون مثل هذه الطوابير خطراً على الأشخاص المعرضين للإصابة بالإجهاد الحراري، بما في ذلك الأشخاص الذين تفوق أعمارهم 65 سنة، أو يعانون حالات صحية، إضافة إلى الحوامل والأطفال المرافقين لآبائهم. لكن يوم الانتخابات هو مجرد غيض من فيض. وكما أظهرت الكوارث السابقة، يمكن للظواهر الجوية المتطرفة أن تعطل الأنشطة على طول العملية الانتخابية التي تستغرق أشهراً، بدءاً من تسجيل الناخبين وحتى فرز الأصوات. ويمكن أن تؤثر الأحوال الجوية القاسية أيضاً في حملات المرشحين وحشد الأصوات من قبل مؤيديهم.
ولا تنتهي الاضطرابات التي يسببها المناخ مع نهاية حال الطقس المتطرف. فقد يفر الناخبون الذين طردوا من منازلهم بسبب الظروف الطارئة من دون اصطحاب وثائق الهوية التي يحتاجون إليها للتسجيل أو الإدلاء بأصواتهم. وحتى لو خرجوا حاملين أوراقهم الثبوتية، فمن الممكن أن تؤدي مياه الفيضانات أو النيران إلى إتلافها أو تدميرها. وربما يواجه الناخبون أيضاً فترات طويلة من النزوح بعيداً من أماكن الاقتراع المخصصة لهم إذا ظلت منازلهم غير صالحة للسكن. بالنسبة إلى أولئك الذين لم ينزحوا، فإن إغلاق الطرق وغيرها من الاضطرابات المستمرة في وسائل النقل يمكن أن تجعل الوصول إلى صناديق الاقتراع مستحيلاً. وعلى نحو مماثل، يمكن للكوارث المتفاقمة بسبب المناخ أن تؤدي إلى نزوح مسؤولي الانتخابات والعاملين في مراكز الاقتراع، مما يجعلهم غير قادرين على الوصول إلى مكاتبهم أو مراكز الاقتراع التي ربما تعرضت للضرر أو الدمار. وحينما تؤدي العواصف إلى انقطاع إمدادات الكهرباء والطاقة، يغدو مسؤولو الانتخابات في مواجهة تحديات إضافية حول المحافظة على استمرار عمل مراكز الاقتراع، والتواصل مع بقية زملائهم والجمهور العام. علاوة على ذلك، فإن بطاقات الاقتراع نفسها يمكن أن تُتلف بواسطة العوامل نفسها التي تؤثر في وثائق الهوية، إما قبل توزيعها أو بعد جمعها.
وبغض النظر عن قدرة كل صوت على التأثير في نتائج الاقتراع، فإن الأفراد غير القادرين على التصويت بسبب الطقس المتطرف الناجم عن التغير المناخي، سيفقدون أحد الحقوق الأساسية في الديمقراطية. لذلك، يعدّ الاستعداد للتفاقم الحتمي لتأثيرات المناخ في الانتخابات أمراً ضرورياً. ومع ذلك، لم يتخذ أحد أي إجراء تقريباً. على سبيل المثال، نصحت “لجنة المساعدة الانتخابية الأميركية” عام 2014 بأن “التخطيط المسبق يقلل من الاضطراب ويساعد في التعافي السريع مع الحفاظ على أمن الانتخابات ونزاهتها”. ولكن بعد عقد من الزمن، تجاهل مسؤولو الانتخابات الأميركية إلى حد كبير الأخطار المناخية في تخطيطهم، حتى عندما قاموا بإجراء تغييرات أخرى على النظام الانتخابي. يمكن للأميركيين التصويت بصورة متزايدة عن طريق البريد، على سبيل المثال، ولكن الطرق المدمرة ربما تمنع الخدمات البريدية من تسليم بطاقات الاقتراع أو نقل بطاقات الاقتراع المكتملة إلى مسؤولي الانتخابات.
وتفشل بلدان أخرى في ذلك الأمر أيضاً. ففي 2023، قامت لجنة الانتخابات الهندية بمراجعة دليل إرشاداتها في شأن إدارة الأخطار الانتخابية ليشمل قسماً عن الكوارث الطبيعية. ومع ذلك، فإن الدليل المحدث لا يذكر تغير المناخ أو الحرارة الشديدة، على الرغم أن معظم الناخبين الذين تقل أعمارهم عن 80 سنة مطالبون بالتصويت شخصياً، وشهدت الهند درجات حرارة عالية خلال انتخابات هذا العام التي بدأت في أبريل (نيسان) وامتدت حتى أوائل يونيو (حزيران). خلال معظم تلك الفترة، أدى التغير المناخي الناجم عن النشاطات البشرية إلى زيادة احتمالية ارتفاع الحرارة الشديد في أجزاء من البلاد بمقدار خمسة أضعاف في الأقل، وفقاً لمؤشر التحول المناخي. ولحماية صحة الإنسان، حث رئيس هيئة الأرصاد الجوية الهندية، مروتيونجاي موهاباترا، السلطات على توفير إمدادات كافية من المياه، إضافة إلى المراوح والمساحات المكيفة. وعلى رغم هذه التدابير، كان إقبال الناخبين أقل بكثير من المعتاد، مما دفع السلطات الهندية إلى إنشاء فريق عمل لدراسة تأثير موجات الحر في الانتخابات. وتشير التقارير الإخبارية إلى أن ما لا يقل عن 77 شخصاً لقوا حتفهم بسبب الحرارة الشديدة خلال الأيام الـ10 الأخيرة من التصويت، بما في ذلك 33 من العاملين في مراكز الاقتراع.
وفي أماكن أخرى، تبنى مسؤولو الانتخابات أساليب جديدة أكثر مرونة، على أساس ارتجالي في الغالب. وفي أعقاب عاصفة مدمرة ضربت كيبيك الكندية عام 2022، مددت كندا ساعات عمل مراكز الاقتراع. وفي خضم حرائق الغابات عام 2023، عرضت مقاطعة ألبرتا إرسال بطاقات اقتراع خاصة عبر البريد إلى 29 ألف شخص ممن تم إجلاؤهم، ووسعت الأقاليم الشمالية الغربية مبادرة “التصويت في أي مكان”، مما يسمح للناخبين باستخدام أي موقع اقتراع داخل الولاية القضائية. وأرجأت كذلك الأقاليم انتخاباتها لمدة ستة أسابيع.
أما في أستراليا، وبعد فيضانات عام 2022، سُمح لضحايا الفيضانات بالتصويت عبر الهاتف، وهو خيار لم يُتَح قبل ذلك إلا لمصوتين يعانون إعاقات لأنه يستهلك أجزاء كبيرة من وقت الموظفين. وفي الوقت نفسه، في الولايات المتحدة، طورت كاليفورنيا وحدات تصويت متنقلة يمكن نشرها أثناء الكوارث. لكن هذه المبادرات، على رغم فائدتها، إلا أنها ليست واسعة النطاق بالدرجة الكافية، أو منهجية بالقدر الكافي، للتأكد من أن الانتخابات قادرة على الصمود في مواجهة الكوارث.
التصويت في عالم تزداد حرارته
لمراعاة تغير المناخ بصورة أفضل، يمكن لمسؤولي الانتخابات البدء بتعزيز قدرتهم على الاستعداد للكوارث والاستجابة لها من خلال التدريب الموجه والتخطيط الدقيق. ويمكنهم استخدام الأدوات المتاحة على نطاق واسع، مثل أداة فحص الأخطار الساحلية التابعة لهيئة المناخ المركزية التي تقدم خرائط مجانية ومحددة للغاية لأخطار الفيضانات إلى المجتمعات الساحلية، مما يمكّن المسؤولين من تحديد مواقع أكثر أماناً لمراكز الاقتراع. وكذلك يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي أيضاً في اختيار الموقع من خلال تحليل البيانات المتعلقة بنقاط الضعف ومواقع السكان ومصادر الطاقة والاضطرابات المحتملة في وسائل النقل والعوامل الأخرى ذات الصلة.
ويجب على المسؤولين أيضاً تطبيق قدر أكبر من المرونة في إدارة الانتخابات. فيوصي الخبراء في “المعهد الدولي للديمقراطية والمساعدة الانتخابية” و “المؤسسة الدولية لنظم الانتخاب” بإجراءات مثل السماح بتسجيل الناخبين في اليوم نفسه وتمكين المواطنين من التسجيل والإدلاء بأصواتهم في عملية واحدة وإنشاء أنظمة عبر الإنترنت للناخبين لتحديث عناوينهم بسهولة بعد النزوح. خيار آخر هو توفير فترات التصويت لأيام عدة. ويمكن للمسؤولين أيضاً تقديم بطاقات هوية بديلة أو موقتة مجاناً. إضافة إلى ذلك، فإن تركيب معدات احتياطية للانتخابات والطاقة وإنشاء طرق بديلة لإنتاج بطاقات الاقتراع أو إعادة طباعتها وتوسيع نطاق التواصل مع الجمهور يمكن أن تقلل من اضطرابات التصويت.
كثيراً ما تؤدي الكوارث الكبرى إلى تعطيل الاتصالات، لذا ينبغي للخطط الانتخابية القادرة على الصمود في مواجهة المناخ أن تتضمن أساليب قوية لإعلام المواطنين في شأن لوجستيات التصويت وإبقاء مسؤولي الاقتراع على اطلاع دائم بواجباتهم. وحيثما تتوافر الطاقة، يمكن للإعلانات الإذاعية والتلفزيونية أن تنشر معلومات حول أماكن الاقتراع البديلة وأوقات التصويت الممتدة والتعديلات الأخرى. كذلك يمكن أن تكون وسائل التواصل الاجتماعي مفيدة أيضاً إذا سمح الاتصال بذلك. وتستطيع المنظمات غير الحكومية أن تساعد مسؤولي الانتخابات في نشر المعلومات. على سبيل المثال، في الولايات المتحدة، تدير “لجنة المحامين لحقوق الإنسان” خطوطاً ساخنة محايدة حزبياً للإجابة عن أسئلة الناخبين حول العمليات الانتخابية، مما يساعد على نشر المعلومات المحدثة.
إن حق التصويت أمر أساسي للديمقراطية. وستشكل الظواهر المناخية المتطرفة تحدياً لهذا الحق، كما يحدث الآن بالفعل. ومع ذلك، فإن بناء بنية تحتية انتخابية أكثر قدرة على الصمود وإدخال قدر أكبر من المرونة في شأن كيفية وتوقيت وأمكنة تسجيل الناس والإدلاء بالأصوات، من شأنها أن تحد من الأضرار. إن النهوض بذلك سيغدو أمراً ضرورياً بصورة متزايدة، في كوكب ترتفع حرارته. ويجب أن يمتلك كل ناخب القدرة على الإدلاء بصوته الذي يجب أن يُحتسب أيضاً، بغض النظر عن الطقس.
* كارين فلوريني، نائبة الرئيس للتأثير الاستراتيجي في مركز المناخ
* أليس س. هيل، زميلة في قسم ديفيد روبنشتاين عن “مجلس الطاقة والمناخ” في “مجلس العلاقات الخارجية”.
مترجم من “فورين أفيرز” مايو/ يونيو 2024
المصدر: اندبندنت عربية