.صنع الله ابراهيم؛ روائي مصري متميز ومتنوع، ودائما يبهر في الغوص عميقا في النفس البشرية بتنوعها.
الرواية بلسان طفل في أربعينيات القرن الماضي في مصر من خلال وجوده وحياته بجوار والده من زوجته الثانية التي بعمر ابنته، الطفل صغير ووالده في الستين والدته توفيت وبالكاد يعيها، ندخل من عيون وعقل طفل لعصر كامل، تتداخل فيه الحياة الاجتماعية بفقرها واميتها وحضور طاغي للسحر والشعوذة، الحكم في مصر وقتها ملكي، وحياة الملك وعصبته تحت النظر، والفساد وهيمنة الانكليز ، وأزمة الجيش الذي انهزم في فلسطين عام ١٩٤٨، عاد يشكو من فساد الحكم وفساد السلاح الذي كان بحوزته.
الوالد ، يبدو انه كان موظف حكومي كبير، وأصدقائه ضباط متقاعدين وموظفين كبار سابقين ، هو في خريف العمر، يعيش مع ابنه كمشرد، تتعدد الخادمات، بعضهن يهرب، وبعضهن يخدمن حتى بالحاجات الإنسانية والجنسيه لرجل يودع الحياة بملذات أصبحت مستحيله.
الطفل يكبر وتتوسع معرفته ومداركه ، مسكون بانطباع طفل يتفرج على العالم في بيته ووالده ومدرسته وأقرباؤه كلها حالات يعيشها بحياديه ، يراقب غرائزه تنمو في نفسه ومحيطه قبل جسمه، يراها ويعيشها ويكتشف -ونحن معه- كم أن الحياة قصيرة ، وخاصة حياة الإنسان، المرتكزة على غرائزه وحاجاته المحدودة والمحددة ، والتي قد لا يحصلها.
تنتهي الرواية والطفل يتذكر أمه قبل موتها بالمشفى ، والاب يعيد ترتيب اموره مع صهره وابنه الصغير وخادمته ، أما الوطن فهو يغلي بعد هزيمة فلسطين، والناس كل وراء لقمة عيشه صعبة المنال يركض، والانسان في كل ذلك تائه، وكأن هذا هو الاصل، الذي نهرب منه دوما.
الرواية تؤرخ لمرحلة مهمة في حياة مصر ، حيث ترصد بعيون طفل إرهاصات تغيرات اجتماعية وسياسية كبيرة أصبحت لازمة أن تحدث ، وحدثت انها ثورة مصر ١٩٥٢، وما سيكون لها من دور تغييري في مصر والوطن العربي والعالم.
٢/٤/٢٠١٨
رواية “التلصص” للروائي المصري “صنع الله ابراهيم” قراءة جميلة وتعقيب موضوعي من الكاتب “احمد العربي” الرواية تؤرخ لمرحلة مهمة في حياة مصر، حيث ترصد بعيون طفل إرهاصات تغيرات اجتماعية وسياسية كبيرة أصبحت لازمة أن تحدث، وحدثت انها ثورة مصر ١٩٥٢.