الحركة ستسرع ردودها على الوسطاء تخوفاً من خسارة أهم ورقة لديها وتقديمها بعض التنازلات للداخل الفلسطيني وارد فيما ستتجه تل أبيب نحو إتمام عمليات مماثلة في عمق القطاع
من المتوقع أن يكون لتحرير الأربعة المحتجزين انعكاسات على حركة حماس وكذلك خطط الحكومة الإسرائيلية… فما تداعيات تلك العملية؟
نجحت شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) وجهاز الأمن العام (شاباك) وعناصر من الشرطة المدنية وخلية أميركية متخصصة بمكافحة الإرهاب في تحرير أربعة جنود من عدد 120 محتجزاً لدى الفصائل الفلسطينية، وعلى رأسها حركتا “حماس” والجهاد والجبهتان الشعبية والديمقراطية.
تداعيات متوقعة
وسيؤدي الإفراج عن هؤلاء المحتجزين إلى تداعيات مباشرة على جهود السعي إلى التوصل للمرحلة الأولى من الهدنة، بل وإعادة الثقة إلى الحكومة الإسرائيلية ورئيسها نتنياهو في مسار استخدام القوة وعدم إيقاف العمليات العسكرية، واسترداد هيبة الأجهزة الأمنية والاستخباراتية في إسرائيل بعد تسعة أشهر من بدء الحرب في قطاع غزة.
كما ستنقل العملية رسالة إلى الجمهور الإسرائيلي المطالب بوقف الحرب بأن إسرائيل كدولة قادرة على الحل والحسم من دون اللجوء إلى تقديم تنازلات لحركة “حماس”، مع التوقع باستمرار الحكومة الإسرائيلية وعدم تفككها، وضرورة إتمام صفقة تبادل الأسرى لتهدئة الشارع الإسرائيلي مع اتجاه الحكومة الإسرائيلية إلى التصعيد في منطقة وسط غزة واتجاهات الغرب، واستعادة وتمشيط منطقة الشمال لتأكيد خيار استمرار القوة، وعدم التجاوب مع طرح الوسطاء بعد المبادرة الأميركية التي أعلنها الرئيس جو بايدن والتي زعم أنها مشروع إسرائيلي على رغم كل التحفظات التي أبدتها إسرائيل على بعض بنودها.
وسيؤدي تحرير المحتجزين الأربعة إلى تغيير في المزاج العام الإسرائيلي ونقل رسالة إلى الجمهور الرافض وأُسر العائلات المحتجزين الداعين إلى إتمام الصفقة، بأن الدولة قوية وقادرة على استعادة الجميع على رغم الكلفة العالية التي تدفعها في هذا التوقيت لإتمام أهدافها العسكرية، والتأثير في الاتجاه المعاكس بالجبهة الشمالية، واستعادة العمل على جبهة غزة بدلاً من التخطيط الذي استمر طوال الأيام الأخيرة على جبهة الشمال، ولحين استعادة مزيد من الأسرى.
ماذا عن موقف “حماس”؟
من المتوقع أن يكون لعملية تحرير الأربعة المحتجزين تداعيات على حركة “حماس” في إطار احتمال عدم تشددها وربما تسريع ردودها على الوسطاء تخوفاً من خسارة أهم ورقة لديها، واحتمال تقديمها بعض التنازلات للداخل الفلسطيني لبناء موقف عام تجاه الحكومة الإسرائيلية، وكذلك احتمالات تأثير إتمام تحرير بعض الجنود في الموقف الأميركي، مما يجعله يميل إلى الموقف الإسرائيلي ويوقف ضغوطه لإتمام صفقة تبادل الأسرى.
كما يمكن أن يكون أحد التداعيات تقوية موقف الجناح العسكري في “حماس” على موقف المكتب السياسي في الخارج وفي الأقاليم، مما يدفع بصعوبة استمرار جهود الوسطاء في الوقت الراهن، وكذلك محاصرة “حماس” في معاقل نفوذها والاستمرار في تقطيع القطاع وشطره، بعد أن تأكدت خيارات توظيف القوة ونجاح سياستها في تحرير بعض المحتجزين، وتأكيد نهج الحكومة الإسرائيلية بعدم وجود دور للحركة في الفترة المقبلة، على رغم أن المقترح الأميركي الذي قدمه بايدن لم يشر فيه إلى إنهاء حكم “حماس” أو إلغاء دورها.
وسيؤدي تحرير المحتجزين الأربعة إلى تأثيرات في الداخل الإسرائيلي من خلال التوقع بتماسك الحكومة الإسرائيلية الحالية وعدم تفكك ائتلافها الحزبي، على رغم استقالة بيني غانتس من حكومة الحرب الإسرائيلية، بعد أن كانت مرشحة للتفكك بسبب تحفظات وزيري المالية والأمن القومي سموتريتش وابن غفير حال توقيع اتفاق الهدنة، والمضي قدماً في خيار المشروع الأميركي للهدنة، واستئناف الحوار الوطني في إسرائيل والذي يعمل على إتمامه الرئيس الإسرائيلي هرتسوغ بنفسه طوال الأسابيع الماضية، وتزايد تأييد الحكومة الإسرائيلية من داخل المكونات الحزبية وخارج الائتلاف الراهن، مما سيقوي استمرارية الحكومة بصورة لافتة، وارتفاع تزايد شعبية رئيس الوزراء وتقدمه على منافسه وزير مجلس الحرب بيني غانتس، مما سيدفع نتنياهو إلى مزيد من التصلب والتشدد خلال الفترة المقبلة.
وسيستمر الدعم الأميركي اللافت الحكومة الإسرائيلية، بخاصة مع دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو لإلقاء كلمته في الكونغرس، ومشاركة القوة الأميركية في العملية العسكرية التي حررت المحتجزين الأربعة، وانحسار صوت المعارضة الإسرائيلية بالعمل على الخيارات البديلة والاتجاه إلى التماهي مع الموقف الإسرائيلي العام بتوحيد الصف الوطني، وإعادة لم شمل الدولة تحت قيادة واحدة، واتجاه الحكومة نحو اتباع إستراتيجية شراء الوقت لإتمام عمليات مماثلة في عمق القطاع، بخاصة في دير البلح والمغازي، وقرب مخيمات الوسط للبحث عن باقي المحتجزين.
أيضاً سيستمر التنسيق مع الجانب الأميركي بصرف النظر عن دوره الراهن كوسيط، مما سيجعل الأشهر الخمسة المقبلة قبل الانتخابات الأميركية مرحلة فرض إستراتيجية الأمر الواقع على كل الأطراف مع عدم التجاوب مع أي طرح تفاوضي إلا من منطق القوة، وستناور في التجاوب مع أي طرح مع الاستمرار في نهجها الراهن من دون توقف، والعمل على إعادة بناء الصورة الذهنية في الداخل والخارج، ولدى الرأي العام الدولي بأن إسرائيل تحارب الإرهاب وتواجه تنظيماته، وأنها محقة في توجهاتها للحفاظ على حياة مواطنيها، مع عدم التجاوب مع أي طرح عربي أو أميركي بالدخول مجدداً في مفاوضات، بخاصة أن تحرير بعض المحتجزين أغلق الباب حول الانقسام داخل أجهزة المعلومات وفي الحكومة ولو لبعض الوقت.
مناورات عدة
وفي سياق لافت ومشابه لسياق الأحداث، سيعمل كل من ابن غفير وسموتريتش في مساحة ضيقة وغير متسعة، إذ لا يملكان فرصاً حقيقية للخروج من المشهد، فقد وصلا إلى الحكم في دائرة محددة وتوقيت بالغ الأهمية، ولا يريدان الاستمرار في مواجهة جديدة، بخاصة أن مصالح الحزبين أهم من أية مهاترات حقيقية يمكن أن تعلن عن نفسها في الفترة الراهنة، والخلاف الحقيقي ليس مع الكل من أحزاب اليمين وإنما الخلافات شكلية متعلقة بالموقف التراكمي، والمباشر من استمرار العمل على المستوى العسكري وإتمام احتلال قطاع غزة، وحسم الأمر لمصلحة أمن إسرائيل لا الذهاب إلى مفاوضات جديدة، بعد أن دعا الرئيس الأميركي جو بايدن إلى ذلك عبر مشروعه الأميركي الذي اعتبره قائماً ومستمداً من مشروع إسرائيلي، على رغم كل التحفظات التي أبداها المسؤولون الإسرائيليون أنفسهم، وعلى رأسهم رئيس الوزراء نتنياهو الذي سبق أن طرح رؤية تؤكد أنه لم يطرح أي انسحاب حقيقي من غزة، وإنما إتمام انسحابات من مناطق آهلة بالسكان، مما يؤكد أن المراوغات الإسرائيلية المكررة بدأت للرد على الموقف الأميركي، مع التركيز على العودة للمقترحات السابقة للتوافق والتي قطع فيها الوسطاء شوطاً كبيراً.
وفي ظل هذا السياق ترى مكونات الائتلاف الحاكم وبعد أن جرى تحرير أربعة من المحتجزين أن استمرارها مصلحة كبرى لبرامجها أولاً، وللجمهور الإسرائيلي المؤيد والداعم لخطوات الحكومة الراهنة، بصرف النظر عن أن التظاهرات وحال الاحتجاجات الجارية أسبوعياً لن تحسم، وقد اعتادها المواطن العادي في إسرائيل، ولهذا فإن مكونات الائتلاف الحاكم سيكون لديها إستراتيجية مرنة في التعامل وعدم التماهي مع أي طرح من المعارضة الإسرائيلية.
الخلاصات الأخيرة
سيستمر رئيس الوزراء الإسرائيلي في اعتماد معادلة مهمة بعد أن جرى تحرير بعض المحتجزين، وهي تفزيع الجميع، من معه في الحكومة ومن خارجها، سواء المعارضة أو من يترقبون الأوضاع في إسرائيل، مما يؤكد أن نتنياهو نجح حتى الآن في التعامل مع كل الخيارات السياسية والحزبية، مستبعداً تفكيك الوضع الحزبي أو المغامرة بالذهاب إلى بدائل بسبب ما يطرح من الإدارة الأميركية، بل سيظل يراهن نتنياهو على عودة الرئيس السابق ترمب والانتقال إلى مرحلة جديدة من المواجهة مع الجانب الفلسطيني ككل في رام الله وغزة، وفي إطار حسم مسارات الصراع وليست إدارته.
كما ستتوافر بعض الفرص في إمكان التجاوب مع ما يطرحه الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ من جديد، والقبول بالحوار الوطني المطلوب في سياقات من المعطيات الراسخة التي تعمل من أجل استقرار الدولة وبقائها بصرف النظر عن قبولها بالمضي في مسار الهدنة المقترحة، وإتمام المرحلة الأولى منها، وهو أمر محل تشكك في الوقت الراهن، مما سينعكس على ما سيجري من خيارات أمام الحكومة الإسرائيلية ككل وليس فقط في مجلس الحرب أو الـ “كابينت” المصغر، وهو ما سيضعه رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو أمام عينه من خيارات حقيقية لتأكيد بقائه وقدرته على السيطرة على المشهد السياسي والحزبي الراهن، والمحتمل بعد نجاح إستراتيجيته في المواجهة بعد تحرير بعض المحتجزين.
المصدر: اندبندنت عربية
هل سيكون لإختطاف المحتجزين الصه.اينة الأربعة انعكاسات على حركة المقاومة الوطنية الفلسطينية وعلى خطط حكومة قوات الإحتلال الصهي.وني ؟ العملية أكدت بأن بروباغندا حكومة الإحتلال لم تحقق شيئ لأن الخسائر أكبر مقارنة بالخسائر والإمكانيات المستخدمة، والمقاومة أصبحت أكثر تشداً بمطالبها، أي لم ولن تربح قوى الإحتلال والإدارة الأمريكية من هذه العملية.