![](https://arabiansforum.net/wp-content/uploads/2024/06/ا-1-674x470.jpeg)
هل لسيد قطب أوراق مفقودة لم تنشر بعد؟، هذا ما كشفه حمادة إمام، مدير تحرير جريدة الشروق، فى كتابه الجديد «أوراق سيد قطب المفقودة»، الذي يكشف أن للرجل أوراقًا لم تنشر بعد، ولعلها هى أخطر ما كتبه سيد قطب عن نفسه وعن الجماعة، وكيف قاده طموحه لحبل المشنقة، وأن عدد هذه الأوراق وصل إلى نحو 62 ورقة مكتوبة بخط يده، تتضمن أسرارًا واعترافات تنشر لأول مرة.
لعل من أبرزها هى أن الأستاذ محمد حسنين هيكل هو أول من سرب أوراق سيد قطب، وأن الكاتب فهمى هويدى هو من قدمها لجريدة «المسلمون» بمقابل أو بدون مقابل، ولم يكتب اسمه عليها، بالإضافة إلى أن سيد قطب اعترف قبل إعدامه بأنه أخطأ وخُدع، وأن نساء الجماعة لعبوا دوراً هاماً فى نقل أفكاره وتكليفاته إلى الإخوان خارج السجن، وأن حادث المنشية ومحاولة اغتيال عبد الناصر لم تكن تمثيلية، وتصل الاعترافات ذروتها عندما يكشف المؤلف عن أن الشيعة العراقيين كانوا وراء إفراج عبد الناصر عن سيد قطب عام 1964.
يبدأ حمادة إمام كتابه وفيه يشرح رحلة تسريب أوراق سيد قطب فيقول: أول مرة أعلن فيها عن وجود أوراق لسيد قطب لم تنشر كانت عبر جريدة «المسلمون»، التى أعلنت عن حصولها فى 16 فبراير 1985 على الأوراق على التى كتبها سيد قطب فى أيامه الأخيرة، والتى أعلن صاحبها «حافظ هشام ومحمد على حافظ»، أن الوثيقة التى كتبها شهيد الإسلام (سيد قطب) ناقصة وغير كاملة، مع التأكيد على أن هذه الوثيقة هى وبلا شك بخط سيد قطب.
من هنا بدأت رحلة المؤلف فى البحث عن باقى الأوراق، خاصة أن ما نشر فى جريدة «المسلمون» كان لا يزيد عن 26 ورقة، وما كتبه قطب كان ما يقرب من 62 ورقة، وبلغة الأرقام كان هناك ما يقرب من 36 ورقة مفقودة، وهذا ما دفع الكاتب إلى أن يعرف أولا كيف وصلت الأوراق لجريدة «المسلمون».
بمجرد نشر الوثيقة فى جريدة «المسلمون» طال الاتهام وراء تسريب الأوراق المرحوم الأستاذ هيكل، البعض اتهمه مباشرة ببيعها لجريدة الشرق الأوسط، والبعض قال إنه أعطاها لبعض تلاميذه، وتحديدا فهمى هويدى.
وكان أول من كشف حقيقة تسريب الأوراق هو الصحفى محمد حافظ دياب، فى كتابه «سيد قطب الخطاب والأيديولوجية»، الذى قال «إن الكاتب الصحفى المرحوم صلاح قبضايا قال محمد حسنين هيكل أعطى بعض تلاميذه بعض وثائق العهد الناصرى لدراستها وتحليلها، وكان ممّا أعطاهُ للكاتب فهمى هويدى هذهِ الوثيقة الذى عرض نشرها فى جريدة «المسلمون» بمقابل كبير، وبالفعل نُشرت».
هنا يقول إمام يوم الأحد 11 يونيو 2023، وتحديدا الساعة 12، اتصلت بالأستاذ فهمى هويدى لسؤاله مباشرة عن علاقته بوثيقة سيد قطب، وهل هو فعلا الذى باعها لجريدة «المسلمون»؟.
المفاجأة أن الرجل لم يستخدم المبدأ الذهبى فى مثل هذه الحالات «أسمع كثيرًا وأتكلم قليلًا» وإنما سألنى ماذا قال صلاح قبضايا؟، فقلت: إنك حصلت على الوثيقة من هيكل وبعتها لـ«المسلمون»، فقال: نعم أنا حصلت على الأوراق من الأستاذ هيكل، ولكن للأمانة هذه الأوراق كانت ناقصة، وليست كل ما كتبه سيد قطب، لأن الأستاذ هيكل قام بحذف الكثير منها، وظنى فى ذلك أنه كان لحماية وحفظ صورة النظام الناصرى، حيث غلبه انتماؤه السياسى، وأن هذا الأمر أفقد الأوراق قيمتها، وبعد ذلك عرضتها فى لندن جريدة «المسلمون»، والذين احتفوا بها، دورى انتهى عند هذه المرحلة، ولم أشارك فى نشرها، ولم يكتب اسمى على الحلقات.
من المفاجآت التى يفجرها الكاتب أن الأستاذ هيكل اعترف فى كتابه «مبارك وزمانه من المنصة إلى الميدان فى صفحة 25» كيف وصلت الأوراق إليه، فيقول: «ومرت على هذه الأحاديث سنوات وقع فيها ما وقع وضمنه ذلك الصدام العنيف فى مايو 1971 بين السادات وما سمى وقتها بمراكز القوى وفى أعقاب ذلك الصراع حدث أن الرئيس السادات ترك لى مجموعة أوراق كانت فى مكتب السيد سامى شرف، مدير مكتب الرئيس عبدالناصر للمعلومات».
بلا موعد مسبق حضر أشرف مروان، سكرتير الرئيس للمعلومات، إلى بيت أنور السادات بالجيزة، ومعه حقيبتان من حجمين مختلفين، معبأتين بأوراق ووثائق جلبها من مكتب سامى شرف، وزير شؤون الرئاسة، الذى اعتقل فى أحداث مايو 1971. تصور مروان أن وثائق الرئاسة فى «منشية البكرى» قد تغرى الرئيس الجديد بقراءتها، أو اعتبارها «هدية ثمينة» تستوجب الامتنان والشكر، لكن السادات قال ساخطًا: «لن أقرأ البلاوى دى.. اقرأها أنت يا محمد وإن كان فيها حاجة مهمة قل لى».. «خدها إنت بتحب الورق القديم، وعندك صبر لتقرأ، أما أنا فلا صبر عندى عليه». وبالفعل أخذت الحقيبتان لكنى لم أفحص محتوياتهما إلا بعد أن تركت الأهرام وتوافرت لى فرصة كى أراجع وأبحث.
وفى نفس الصفحة يقول هيكل: كان السيد سامى شرف قد جرى العمل فى أسلوبه على أن يسجل بخط يده ما يسمع فى التليفون من أى مسؤول حتى لا يضيع من تفاصيله شىء عندما يعرض على الرئيس إذا كان فيها ما يتطلب العرض، وفى بعض المرات فإن سامى شرف كان يبعث بأصول ما كتبه بخط يده وفى لحظتها للأهمية ما فيه، ثم تعود تلك الأصول وعليها تأشيرة برأى أو إشارة برفض أو قبول، وأحيانا بعلامة استفهام.
المؤلف فى الفصل الثانى يكشف عن الدور الذى لعبه سيد قطب فى إعدام خميس والبقرى، اللذين قادا إضراب عمال كفر الدوار، حيث إن سيد قطب كان المدنى الوحيد الذى كان يسمح له بحضور بعض جلسات مجلس قيادة الثورة، فقد كتب قطب مقالًا فى العدد 15 من جريدة «الأخبار»، أغسطس 1952 بعنوان «حركات لا تخيفنا»، حثّ فيه مجلس قيادة الثورة على ألا يتورعوا عن إبادة العمال المتظاهرين فى مدينة كفر الدوار، وأنّ الثورات يجب أن تحرِق خصومها، وتصفّى كلّ من يقف فى طريقها.
ينتقل إمام بعد ذلك لاعتراف سيد قطب، الذى قال إن حادث المنشية لم يكن تمثيلية كما يقال، وإنما كان من تدبير المخابرات الأمريكية، فسيد قطب فى اعترافه يقول «أرجح من استقراء الأحوال ومن خطة الأستاذ فؤاد جلال، وكيل جمعية الفلاح، أنها أمريكية».
الكتاب يكشف ضمن ما يكشف عن العلاقة الوطيدة التى تربط تنظيم الإخوان بالشيعة، حيث يكشف الكاتب عن أن الشيعة العراقيين نجحوا فى إطلاق سراحه والإفراج عنه سنة 1964 بوساطة من الرئيس العراقى آنذاك عبدالسلام عارف، بعد الحكم عليه بالسجن 15 عاما عام 1954، فى قضية محاولة اغتيال عبدالناصر فى المنشية، والتى قضى منها عشر سنوات.
يكشف إمام عن أنه تقابل فى عام 96 مع الدكتور فريد عبد الخالق، والذى كان السكرتير الشخصى لمرشد الجماعة، كما كان آخر من التقى بسيد قطب قبل إعدامه بثلاثة أيام، وفى اللقاء الأخير اعترف قطب لفريد بأنه تعرض للخديعة من قبل العناصر التى ورطته فى التنظيم. نفس الكلام أكده اللواء فؤاد علام، وكيل مباحث أمن الدولة الأسبق، الذى قال إنّ محمّد فريد عبدالخالق حدّثه شخصيّا وقال له: إنّ سيّد قطب أخبرهُ مُشافهةً فى السِجن مُصرّحًا عن أنّه أخطأ.
المصدر: المصري اليوم
أوراق “سيد قطب المفقودة” تضمنت أسرار وإعترافات مهمة تظهر الخلفية التآمرية من بعض قيادات الإخوان بإستغلال احداث بتغيير حقائقها مثل حادثة المنشية، وكذلك علاقة التنظيم الوطيدة بالشيعة، ودور سيد قطب بإعدام خميس والبقرى الذين قادا إضراب عمال كفر الدوار، ستظهر الأيام مدى تآمرهم على ثورة يوليو وقائدها جمال عبد الناصر.