قراءة في رواية: ذات مكان ذات أنثى

أحمد العربي

ماهر حسن روائي سوري متميز، روايته “ذات مكان ذات انثى”، اول عمل أقرأه له.

تعتمد رواية “ذات مكان ذات” انثى في سردها لغة المتكلم تارة، ولغة المخاطب كراوي تارة أخرى…

تبدأ الرواية من “فراشين” الشاب الكردي السوري الذي هاجر إلى ألمانيا واستقر في إحدى مدنها، أنه ذاهب للمشاركة في جنازة صديقه “آرام” الأرمني السوري، الذي قُتل بألمانيا في ظروف غامضة. ولم يتم كشف القاتل…

نعرف أن فراشين شاب مهاجر من سورية بسبب ظروف “الحرب” فيها وأنه يعيش في ألمانيا على المعونة المقدمة من الحكومة الألمانية له ولامثاله من اللاجئين…

في الكنيسة حيث تشييع جنازة صديقه آرام لفتت نظره فتاة تعلق بها نفسيا واحبها من اول نظرة انها “بل شين”، لكنه لم يستطع اللقاء بها والتحدث معها. وفي صدفة اخرى عندما كان يجلس قبالة نهر الراين الذي يشق المدينة الذي يسكنها. التقى ببل شين مرة أخرى وتعرف عليها وعرف منها اسمها. لم يستطع أن يوطد العلاقة معها. ومع مرور الوقت صار يلتقي بها في مناسبات مختلفة، كان له صديق مقرّب وكان لها صديقة هي الأخرى. صديقه هذا تصرف مع بل شين في احدى اللقاءات وكأن بينه وبينها علاقة حب. ولكن ذلك لم يكن صحيحا. مما جعل فراشين يستاء ويصيبه اليأس. وقرر مغادرة المدينة والابتعاد عن حبيبة لا تبادله الحب، كما اعتقد…

 ومرت الايام. حبه لم ينطفئ داخل نفسه. عوض عن حبه المغدور بأن حوله الى قصائد مكتوبة، ينشرها في دواين تباعا، ويلقيها في بعض المراكز الثقافية، كما حصل ذات مرة.  أما بل شين التي بادلته المشاعر دون أن تصرّح له بذلك، وسرعان ما غاب عن المدينة، بدأت بل شين بصحبة صديقتها بعدما كشفت لعبة صديق فراشين عبر إيهامه بأن بل شين تحب صديقه. رحلة بحث عن فراشين دامت سنوات. وهو بعيد يعيش حياته لكن حب بل شين في نفسه يزداد يوما بعد يوم…

حصل اللقاء بعد سنوات بين فراشين وبل شين وصديقتها. التي أوضحت لفراشين أن صديقه قد وعدها بالزواج وكان كاذبا. واظهر ان بينه وبين بل شين علاقة حب لكي يبعدها عن فراشين. لأنه أحبها وأراد أن تكون له. لكن بل شين لم تتجاوب معه. وهكذا أضاعوا سنوات من البحث المتبادل المضي كل عن الآخر…

وهكذا حصل اللقاء مجددا بين بل شين وفراشين وعاد الحب لعهده الأول، كانت قد فهمت بل شين أن فراشين قد تزوج وأنجب طفلة اسماها بل شين على اسمها. والحقيقة أنه قرر مقاطعة النساء عندما لم تعد موجودة في حياته…

حصل متغير قلب حياة بل شين وجعلها خائفة ومتوترة. لقد جاء الى بيتها حيث يسكن معها فراشين رجل طلب لقاءها يدعى الحلاق، وهو رجل شرير وقاتل. يعتمد الاجرام والنصب والاحتيال وسيلة في تعاطيه مع ضحاياه. وأغلب القضايا الإجرامية التي تنسب له تبقى دون أدلة كافية للإيقاع به…

علم فراشين بحاله، ولم يخبر بل شين انه يعمل محققا جنائيا ايضا. وقرر أن يتابع الحلاق ويكشف جرائمه. خاصة بعدما علم أنه وراء قتل آرام صديقه. الذي تبين انه اخ بل شين حبيبته…

تابع فراشين قضية الحلاق وأثبت بالوثائق جرائمه وذهب حتى يعتقله مع البوليس. وهناك اكتشف أن صديقه الذي أساء لحبه مع بل شين هو ابن الحلاق وانه شريك لوالده في جرائمه.

وهكذا تم القاء القبض على الحلاق ليلقى عقابه عن جريمته بقتل آرام وجرائم أخرى…

تنتهي الرواية حيث يعيش فراشين وبل شين حياتهما المشتركة بحب وهناء.

في التعقيب على الرواية اقول:

كانت الرواية مخلصة لعنوانها ذات مكان ذات انثى. بحيث استغرقت الكثير من صفحات الرواية الصغيرة ١١٢ص. في متابعة مشاعر فراشين تجاه حبيبته بل شين…

كنا ننتظر أن يحدثنا الكاتب عن هجرته من القامشلي في الشمال الشرقي السوري، إلى ألمانيا. هو الكردي السوري، وكذلك صديقه ارام واخته بل شين حبيبة فراشين، الأرمن السوريين. لماذا هاجروا ومتى وكيف.؟

 صحيح لقد ذكر فراشين أنه غادر سورية أيام “الحرب” السورية وانه لن يعود إلّا بعد انتهائها…

صحيح ما حصل في سورية حرب لكن هذه التسمية عامة الى درجة تخفي حقيقة ما حصل في سورية، من الظالم ؟. ومن الضحية في هذه الحرب.؟. وان مجرد الخروج من واقع الظلم والهروب إلى بلد آخر لا يعني أن المشكلة قد حلّت بل حصل خلاص فردي عند فراشين والآخرين. ولكن تبين في الرواية أن لا خلاص فردي فهناك ايضا جرائم و قاتل وضحية…

حق على الكاتب السوري ماهر حسن أن يقول رأيه بما حصل في سورية. وان نظاما ظالما مستبدا حكم سورية لعقود، وأنه واجه ثورة السوريين جميعا بالعنف العاري القاسي المسلح الذي ادى لقتل اكثر من مليون وإصابة وإعاقة مثلهم وهجرة أكثر من ثلاثة عشر مليون من السوريين منهم الكاتب ماهر حسن نفسه و أبطال روايته. وان السوريين كلهم بتنوعهم العرقي والديني والطائفي والمجتمعي كانوا مع الثورة، ولو أن تدخلات كثيرة حرفت البعض وجعلت البعض أدوات في يد القوى المستعمرة لسورية بدء من روسيا الى ايران وحزب الله وصولا إلى أمريكا ودعمها حزب العمال الكردستاني وخططه الانفصالية. واصبح الجميع يتقاسمون الغنيمة السورية. والشعب السوري دخل في حالة ضياع لا يعرف الى متى؟. وكيف تحل مشكلته ويصل الى حقوقه؟..

نعم ثورة وظلم واستبداد واحتلالات تستحق أن تذكر في الراوية…

ثورة لم تنتهي فصولها تهدف لتحقيق الحرية والكرامة والعدالة والديمقراطية والحياة الأفضل لكل السوريين…

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. رواية “ذات مكان ذات أنثى” للروائي السوري “ماهر حسن” قراءة جميلة وتعقيب موضوعي من الكاتب “احمد العربي” الرواية تتحدث عن شاب سوري من الكرد وصل لألمانيا بعد الثورة السورية ويحضر جنازة لسوري من الأرمن ويتعرف على فتاة بالكنيسة ويفترقان ويلتقيان بالمناسبات و…

زر الذهاب إلى الأعلى