عمار علي حسن مفكر مصري له كتابات سياسية وروائية قرأنا بعضها وكتبنا عنها، والرواية تتحدث عن زمن ماضي ايام المماليك، نحن أمام عالم غرائبي ؛ بطل الرواية “عاكف” وهو أحد مريدي الشيخ القناوي ، وهذا داعية ديني ، و صاحب طريقة صوفية، يقف في وجه السلطان المملوكي ، ضد ظلمه وعسفه واضطهاد أهل البلد . السلطان من نسل المماليك الذين وجدوا يوما ما كقوة بيد الحاكم ، وتحولوا ليصبحوا هم الحكام، والناس عبيدهم ، يرهقونهم بالمكوس (الضرائب)، ويستغلونهم ويعذبونهم .عاكف وشيخه ومريديه يفكرون في ظلم السلطان والخروج عليه ، والسلطان يبادرهم بالاعتقال والتعذيب والمطاردة، عاكف يهرب لمسقط رأسه في الصعيد، وهناك يختفي في قريته ، وفي جنباتها يلتقي بصبية تسلبه فؤاده ، ثم يكتشف انها جنية فشغف بها وشغفت به، يهابها، ويحاول أن يتزوج ليرتاح منها ولا ينجح، وتأخذه الجنية الى عالمها ؛ في الكواكب والفضاء وعالم الأحلام المحققة ، تخترق به الحجب تعلمه بما كان ،وبما صار، وسيصير، تجعله حبها الأوحد، يدخل معها جنة التواصل والوصول، ويصير مشبعا من كل شيئ ، ومع الزمن يحن لاصله الترابي ، يستيقظ به حبه للأرض ، و يطالبها بالعودة اليها، تحاول ان تثنيه ولا تنجح ، و تنصاع له اخيرا، فبين الجن والإنس مشترك يبحثون عنه ، أنها الشجرة المباركة ، الساكنة في عالم الطلاسم والسحر والحلم، شجرة في السماء ومثلها في الأرض ومثلها في قاع البحر، شجرة تعني للمتصوف العابد مستقر المقام بالتوحد بين الخلق والخالق ، وعند العالم جماع العلم، وعند الحاكم شجرة الثروة والخير المديد المستمر. سيكون لّلجان خطة للوصول الى شجرة الارض و شجرة قاع البحر ، سيستخدم عاكف لذلك، وستكون نمار (الجنية التي تحبه وأخذته لعالمها) ، هي وسيلة الجن معه للوصول لشجرة الأرض، سيكون بين عاكف ونمار حب مستحيل الاستمرار، وهدف يتحركون له، وسيعود عاكف ونمار للأرض ليبحثا عن شجرتها المباركة، وسيعود عاكف مجددا للاقتراب من أجواء السلطان، غيابة دام ثلاثين عاما، شيخة القناوي قعيد بعد شلله من التعذيب في سجون السلطان، وسيموت بعد وقت، لم يتغير شيء؛ مازال الظلم وسوم العباد كالعبيد، والحروب مع الآخرين، والمال الوفير عند الحاكم ومماليكه، والشعب يرزح تحت فقر وجوع مقيم، بعض اخوة الطريق مات، والبعض أصبح من الناس العاديين في حياة اكلتهم وهم يبحثون عن لقمة العيش وبالكاد يحصلوها، عمل مع السلطان للوصول للشجرة المباركة ، عبر أوراق مطلسمة ومتقاطعة، ولا من نتائج، ستترك نمار عاكف لان مهمتها انتهت ، لان قلب عاكف مال لصفية ابنة الشيخ حسين، ذلك الصوفي الذي صرف عمره متعبدا وباحثا عن الشجرة المباركة ، ومات ساجدا ، ولم يصل. سيكتشف عاكف محدوديته ، وان الطاقات المعرفية التي كانت تعينه عليها نمار ذهبت مع ذهابها، سيصل الى صديقة صفوان ويصنعون اخوة في الطريق لمواجهة السلطان ، أنه من أتباع شيخة القناوي، وكذلك صفية . سيعيد كرته الاولى بالتنديد بالسلطان وظلمة ، ويقرر السلطان قتلة ، ردعا له وتخويفا لاي احد ان يفكر بمواجهة السلطان ، ويعفو عنه السلطان ليستخدمه في حرب الفرنجة، ويستشهد صديقه هناك. سيهرب عاكف و صفيه من السلطان وسكن حبها في قلبه ، و تعتبره اخوها في الطريقة والطريق للوصول الى شجرة العلم، وتعطيه عهد الولاء لله والترفع عن كل ملذات الدنيا وشهواتها وتموت تاركتة في غياهب الوجود، وان يستمر باحثا عن الشجرة المباركة. سيدخل في غار ويعتزل الناس ويقرأ ويفهم ويتواصل مع عوالم الغيب والواقع سنين عديدة. ويأتيه -أخيرا- كائنا غريبا يأخذه للشجرة المباركة، بعد عمر مديد ، ويرتاح لحضور عارم لرضى عن النفس ونشوة وخلود.
هنا تنتهي الرواية.
.الرواية يتداخل فيها المستحيل مع الممكن، ففي عالم الوجود كل الكائنات لها لغتها وأفعالها، في الرواية دخول لكل ما يجول في النفس حيث يتحول لواقع، وكل المحرمات والمستحيلات والآمال كلها تتحول الى ممكنات في عالم الجن وهو هنا الغيب، وسيستمر البشر في واقعهم الحياتي كل يبحث عن شجرته: المعرفة الخلاص الثروة والسلطة والخلود، والكل يسقط على الطريق ميتا وفق قانون الوجود ولا يقين.
.في الرواية اطلالة على الحكام المستبدين الظالمين، ويبشر بيوم يخرج الناس لمواجهتهم وخرج الناس وصنعوا الربيع العربي.
.في الرواية قول فصل ان لا خلاص الا بان تكون جزء من اهلك وناسك ؛ يعني مجتمعك ، وان تنتصر لانسانيتك ، واقصى ما تستطيعه كعابد صوفي هو خلاص فردي قد لا تحصله، وواقع غياب لا يخفف حدته انك جزء من صحراء الطبيعة وصحراء الغياب ، وعنوان ضياع ، حتى وان عشت احساس الحضور والخلود.
.الرواية مكتوبة قبل الربيع العربي مسكونة بالترميز، ولكنها تبشر بربيعنا الذي أزهر، وعمّد بالدم…
20.3.2014…
رواية “شجرة العابد” للكاتب والمفكر والروائي المصري “عمار علي حسن” قراءة جميلة وتعقيب موضوعي من الكاتب “احمد العربي” الرواية تتحدث عن زمن الماضي ايام المماليك ، “عاكف” أحد مريدي الشيخ القناوي داعي ديني وصاحب طريقة صوفية، يقف في وجه السلطان المملوكي ، ضد ظلمه وعسفه واضطهاد أهل البلد،