قراءة في رواية: قناديل البحر

أحمد العربي

ابراهيم عبد المجيد كاتب مصري متميز. قرأنا له الكثير من الروايات وعلقنا عليها ايضا. ينتمي للكتّاب الذين يمكن أن يشكلوا الذاكرة الأدبية المصرية مثل نجيب محفوظ وخيري شلبي والكثيرين

الرواية صغيره تتحدث عن رحلة قام بها ناجي وعائلته وصديقه سمير وآخرين إلى سيناء تدوم عدة أيام. ناجي بصحبة زوجته واولاده و صديقه سمير والاخرين. ناجي يعيش الرحلة كروتين عادي. يضغط على نفسه بأن يترك ذاكرته مغلقة. ويعيش اللحظة بكل جمالها أو عاديتها. تصل العربة الى نقطة الحدود بين سيناء و(اسرائيل). يحاول منظم الرحلة أن يدخلهم الى الجانب الاسرائيلي. ولكن الجندي يرفض والمنظم يحتج. هنا تصيب ناجي غصّة. بالأمس كانت هنا فلسطين، والان اصبحت (اسرائيل). ناجي ومع كل يوم جديد تتنشط ذاكرته. لقد مر من هنا سابقا مع الجنود الذين واجهوا دبابات الصهاينة في حزيران 1967م، ودمروا بعضها. بعضهم استشهد، والبعض الآخر هرب عن طريق البدو الى الضفة الاخرى بعد الهزيمة وسقوط سيناء ومنهم كان ناجي. ناجي يتذكر أنه عاد واخوته الجنود وشكّلوا مقبرة لواء دبابات الصهاينة في حرب 1973، ويحس بالفخر. يعود للاكتئاب حين يتذكر كيف ضاع النصر على يد السادات بالصلح مع العدو. يتذكر كيف غادر مصر مثل كثير من المصريين عندما لم تستطع أن تهضم شبابها و تحتضنهم، غادر الى العراق. العراق حيث كان في البصرة حينما تحولت لجحيم ومقبرة لجنود متعبين ودمار لبلاد لم تكن قد ارتاحت من حروبها بعد. كان ذلك في 1992. ناجي يتذكر والده الذي كان مراقب سكة الحديد في العلمين. شاهد معاركها وصراع كل القوى الدولية على مصر وامتدادها العربي. أهل مصر مجرد ضحايا احتلال. مصر الممتدة تاريخيا إلى أيام الفراعنة بعمقها الحضاري. والممتدة الى العمق العربي الإسلامي. والعمق الإفريقي. بوابتها في الشام وفلسطين والعراق . يتذكر كل ذلك ويعود بالخيبات، فدائما تنتقل الحال للاسوأ. ناجي يتذكر ذهابه لحلمه السوفييتي في روسيا، ليجد الحلم وقد تحوّل لكابوس عند الروس، والكل غادروه، لا يبقى في نفسه من روسيا الّا بعض علاقات مع نساء لم يرين به الى صحبة ومصروف وشراب لا يحصل عليه الروسي ابدا، انهم في جحيم. ناجي في الرحلة يعيش اليومي مع عائلته، ينتشي بمرأى أولاده مع الآخرين يعيشون متعهم الطفولية وافراحهم الصغيرة. يلفت اهتمامه الصبية الفلسطينية التي تحضر كل يوم للشط تبحث عن اهلها واخوتها، فلا هم يأتوا ولا هي تجدهم، انها قصة الشتات المقيت والمستمر. يكتشف أن البشر ما زالوا يلحقون غرائزهم كآخر مراكب حياة تعاش، يقتنون مراهم للقوة الجنسيه، او يعيشون افراحهم الصغيره في بحر تارة يسعدهم وتارة يخطف بعضهم للغرق. في سيناء ذاكرة تاريخ من هنا مر الانبياء وقصصهم، موسى ورحلة العودة وجبال الطور والتيه لاربعين سنه. سيناء الصحراء المقيتة لولا عبق التاريخ المزروع في النفس. سيتذكر مجددا البصرة وصديقه العراقي الذي كتب عن الحرب متمنيا نهايتها، وتمنياته ان تنشر كتاباته، لكنها لا تنشر. ستنتهي الرحلة وتعود الحياة لما كانت عليه، ولا يبقى في النفس الّا الغصات

في تحليل الرواية نقول:

الرواية محاولة لاحياء ذاكرة، واظهار خيبة، خاصة وانها كتبت بعد الحرب على العراق بدعوى تحرير الكويت. والحالة ما زالت مستمرة، فالعراق يستهدف في حرب احتلال أمريكي دولي في عام 2003. سيخرج الامريكان بعد ذلك. وتبقى حكومة المحاصصة الطائفية. التي قادت البلاد لحروب ذاتية. ولدت بها داعش ونمت مثل سرطان في الجسم العراقي. كذلك مصر اتى ربيعها وانتصر الشعب وأشرقت شمس الحرية والعدل، لكن سرعان ما انقلب العسكر على الثورة برعاية الاعداء ذاتهم، الحاضرون من مئة سنة للان. لم يتغيروا، عادت مصر لتكون دولة ظلم وقاطرة تبعية لاعداء الامة. كذلك سوريا وربيعها الذي ما زال يدافع عن نفسه لينتصر . فلسطين مازالت محتلة، و(اسرائيل) تختال منتشية بالخراب العربي المحيط. حالتنا لا تسر، لكنّا ما زلنا نصرعلى الانتصار لإنسانية الإنسان عندنا وحقه في الحرية والعدل والديمقراطية والحياة الأفصل  وما زال الصراع مستمرا.

22.9.2015

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. رواية “قناديل البحر” للروائي المصري “ابراهيم عبد المجيد” قراءة جميلة وتعقيب موضوعي من الكاتب “احمد العربي” الرواية تتحدث عن رحلة قام بها ناجي بصحبة زوجته واولاده وصديقه سمير وآخرين إلى سيناء لعدة أيام. إنها محاولة لاحياء ذاكرة، واظهار خيبة، خاصة وانها كتبت بعد الحرب على العراق بدعوى تحرير الكويت،

زر الذهاب إلى الأعلى