قراءة في رواية: مزاج التماسيح

أحمد العربي

الرواية صدرت في عام 1998. وتضع تاريخ الاحداث في بداياتها. 2010. يعني من روايات استقراء المستقبل. بطل الرواية هو المتكلم وهو رجل قارب الستين من عمره.. واحساسه انه أصبح في خواتيم حياته. وانه يريد ان يسجل حياته وخبراته على شكل رواية.. تخلط بين العام والخاص والحقيقي والمتخيل..

الشخصية المركزية ولنسمه (هو) ابن بيئة فلاحية في الصعيد. وهو مسيحي ومن الفقراء وآخر اخوته. والده في سن التقاعد لم يستطع أن يقدم له مصاريف التعلم وسرعان ما مات.. اهله واخوته ساعدوه في السكن والمأكل وطالبوه بالعمل ليشق طريقه في الحياة.. تعرف ومنذ بداية مراهقته على (رونسي) ابنة القس في البلدة. تكبره قليلا احبته وأخذته الى عالم المراهقة واكتشاف الجسد. ساعدته في تصريف امور حياته…

بدأ في كتابة روايته عن رجل دين مسيحي في احدى قرى الصعيد. يتابع مع اخته امور كنيسته الصغيرة ودخول مجموعه من الشباب الملثمين اليه. ليباركم ويبارك سلاحهم. فهم مجموعة من الشباب المسيحي الذين بدؤوا بالتجمع والتدريب. لمواجهة المجموعات الإسلامية المسلحة المنتشرة حولهم. (القمص)عبد المسيح يعيش حياة روتينية واخته العانس. وجد نفسه في قلب التفاعلات الاجتماعيه ووجد نفسه امام متابعات وملاحقات. واصبح يجمع رعيته ويوضح لها الخطر القادم ويرعى التبرعات والتجهيز والتسليح وانتظار الصدام القادم..

.هو  يكتب خالطا حياته بالحدث الروائي الذي يكتب عنه.. يطلعنا على تطور حياته وعلاقته برونسي.. وكيف عرفته على رونسيه (سميتها) سليلة البشوات وكيف يعيشا علاقة جسدية مفتوحة. وكيف ستتركه وتغادر الى اوربا حاملة جنينها منه الذي سيأتي بطفلة تسميها وداد . ومن ثم تنتقل إلى أمريكا للعمل في الأمم المتحدة.. سيحدثنا عن حياته وتنقلاته بين مصر والسودان والعراق وبولندا.. سنطلع على أحوال شاب مسيحي يعمل في قسم الإرهاب التابع للسلطة وسنتابع أصوله المتغلغلة في السودان حيث ذهب والده كضابط في الجيش المصري مع الانكليز (كمحتل). وتعرفه على فتاة سودانية لها قبيلتها وكيف احبها. وعندما أراد أن يتزوجها وقفت القبيلة بوجهها. ووافقت بشرط ان تعطيهم وليدها “هبة” وإن تغادرهم. وهكذا حصل . وتعطيهم ابن زوجها الذي هو هذا الضابط الذي يعمل ليهرب إلى أخواله ويخرج من دوامة عمله المقلق والخطر.. سنتعرف على أجواء حراك الدولة (الجمهورية العسكرية الديمقراطية).؟!!. وأنها منهمكة بعلاقات دولية وإقليمية حول الجماعات المسلحة (الارهابية). سيتعرف صاحبنا على أمثاله من السياسيين المصريين الذين كانوا معبرين عن الواقع . فهو من اليسار ودخل السجن مرتين وأصبح له ملف واصبح متابعا.. وبعد مضي عمر أصبح محبطا ويائس من كل شيء. ويريد أن يسجل موقفه لنفسه والتاريخ على شكل رواية. والبعض الاخر اصبح جزء من لعبة المخابرات مخبرين وعملاء

 بدأ بكتابة الرواية واطلع ابنته و رونسي وبعض أصدقائه على ذلك .. ولان الرواية تغوص عميقا ببعض الحقيقة وكثير من المتخيل.. وخاصة في موضوع الجماعات المسيحية المسلحة. ولان هناك من أراد معرفة ما يكتب ووصلت لدوائر الاستخبارات المحلية والدولية. ولان امريكا مهتمة في ذلك بالعمق فقد تابعت الموضوع بسرعة. سنكتشف أن الاستخبارات تتابع كل شيء وتقود الأوضاع في أغلب الأحيان. سنكتشف أنهم حريصون على أن يتحرك المسيحيين في مصر لاسترداد حقوقهم من (المسلمين الغازين) الذين (احتلوا مصر و اضطهدوا المسيحيين بها)؟!!..

 ستسرق الرواية وتتحول الى مادة يستفاد منها من قبل الكل كحقائق يجب التعاطي معها. وسيكتشف صاحبنا انه مركز الاهتمام وانه ملاحق ومطلوب من أطراف كثيرة كمصدر للمعلومات أو خطر يجب التخلص منه.. وسيبدأ رحلة التخفي مجددا.. يستعين ببعض أصدقائه وينتحل شخصية امرأة سودانية وسيتعرف على السودانيات (من الجنوب) اللاتي يهربن من جحيم بلادهم و(استعبادهم). ويتحولن في مصر لادوات متعة ودعارة.. سيتعرف على واقع الملاحقات الدولية الاستخبارية. وسيكتشف تبعية الاستخبارات المصرية لهذه الاطراف الدولية. سيكتشف شبكة مصالح كبيرة متغلغلة في البلاد من المصريين والأجانب. تمتص خيرات مصر وهي جزء من جهاز الدولة من رأس الهرم نزولا للمسؤولين. وكل له مصالحه وشبكة ارتباطاته.. يخطفه بداية الاسلاميين ويسألونه عن صحة المعلومات الواردة في روايته عن المجموعات المسيحية المسلحة. سيعترف أنها مجرد رواية. ويتركوه… لكنه سيتحول لهدف للملاحقة من المخابرات الدولية. التي التقطت رأس الخيط وقررت ان تبني عليه. وانصب تفكيرها وعملها على تحويل الوهم والأدب والرواية الى واقع.. ما الذي يمنع من ظهور جماعات مسيحية مسلحة تساهم في الحرب الأهلية من باب الدفاع عن النفس .. الدوائر الدولية تعمل لذلك.. صاحبنا يدخل في التخفي ويعمل لإكمال الناقص من روايته .ويعلم أنه أصبح خطرا وهناك من يسعى للتخلص منه. يعيد رسم معالم حياته علاقته برونسي و رونسيه وابنته التي اكتشفها حديثا. وبعض أصدقائه يعتاش على ذاكرة إشباع جسدي متنوع. هو آخر ما بقي له بعد دخوله في عمر الشيخوخة.. سيقرر اخيرا ان يسلم نفسه إلى الاستخبارات مصر . معتقدا انها الرحم ويتعامل مع مجموعة استخبارات بحالة التقاعد. تعمل مع الأمن بالقطعة..

.هو الان مع هؤلاء ويتحركون ليأخذوة الى بر الامان.. هل هناك بر امان…؟!!.

.هنا تنتهي الرواية.. ولم تنتهي قراءتها بعد..

.الرواية تتحدث عن ماقبل الربيع العربي. ومصر التي كان هناك لعب حقيقي على تنوعها الديني كمقدمه لحرب اهليه تضر الكل وتنفع الاعداء.. الرواية ترينا ان مصر وكذلك البلاد العربيه كلها .تحولت لمرتع لخطط الدول العظمى ومصالحها وخاصة امريكا و(اسرائيل). وسنكتشف ان السلطات ليست الا ادوات تنفيذ مع اطلاق يد هذه السلطات في البلاد والعباد نهبا واستعبادا.. الرواية تتحدث عن احتقان يؤسس لفوران قادم . اتى ولو بعد عقد من الزمان.. من الرواية نستنتج ان اللاعبين الدوليين مازالوا يتحكمون في مسار الاحداث في بلادنا .ولمصالحهم وضدنا. وخاصة بعد الربيع العربي. وترك الانظمه تذبح شعوبها. والسماح لتدخل كل العالم ضد هذه الشعوب. المهم ان لا حريه ولا عدل ولا ديمقراطيه في هذه البلاد. وان تستمر مصالح العالم كله في بلادنا. ولو كانت البلاد مدمرة.. والشعوب بين مشرده ومقتوله ومستعبده… او في حروب اهليه..

.لنعترف اننا في معركة كشعب عربي.. واننا الحلقه الاضعف..

.والصراع مستمر..

22.9.3015

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. رواية: مزاج التماسيح” للروائي “رؤوف مسعد” قراءة جميلة وتعقيب موضوعي من الكاتب “احمد العربي” بالرغم من إن الرواية قبل الربيع العربي ولكنها تعتبر استقراءً للمستقبل، الرواية ترينا ان مصر وكذلك البلاد العربيه كلها .تحولت لمرتع لخطط الدول العظمى ومصالحها وخاصة امريكا و(اسرائيل) والأنظمة ادوات تنفيذ لأجنداتها،

زر الذهاب إلى الأعلى