أفشلت “داخلية حماس” أول بنودها بعدما ألقت القبض على قوة دخلت إلى شمال القطاع. دخلت قوة أمنية تتبع إلى جهاز الاستخبارات العامة في الضفة الغربية إلى شمال غزة بتعليمات مباشرة من قائد الاستخبارات الفلسطينية اللواء ماجد فرج باتفاق مع الموساد وتأمين من الجيش الإسرائيلي لتوزيع المساعدات.
بعد دخول عناصر أمنية من السلطة الفلسطينية إلى الجزء الشمالي من القطاع لغرض تأمين المساعدات الإنسانية، ألقت وزارة الداخلية التابعة لحركة “حماس” القبض عليهم، واتهمتم بأنهم تسللوا إلى المنطقة بهدف إحداث حال بلبلة وفوضى بين السكان الذين رفضوا النزوح نحو الجنوب.
وبحسب الوزارة فإن القوة الأمنية التي قبض عليها، تتبع إلى جهاز الاستخبارات العامة في الضفة الغربية، الذي يديره اللواء ماجد فرج، ودخل عناصر هذه القوة إلى شمال غزة بتعليمات مباشرة من قائد الاستخبارات الفلسطينية، وباتفاق مع الموساد وتأمين من الجيش الإسرائيلي.
السلطة ممنوعة من العمل في غزة
على خلفية الانقسام الفلسطيني بين حركتي “فتح” و”حماس”، فإن الأخيرة ترفض أن تتسلم السلطة الفلسطينية مهمات إدارة غزة، إلا إذا جرى تنسيق الأمر معها، وتعتبر أنه لا يحق للحكومة في رام الله وأجهزتها الأمنية العمل في القطاع، وأي نشاط لهم تعتبره خارج القانون ولأغراض مشبوهة وتمنعه باستخدام القوة.
لكن السلطة الفلسطينية لا تنظر لوضع غزة كما ترغب “حماس”، ويؤكد مسؤولو السلطة أن القطاع جزء من الأراضي الفلسطينية، ويجب إدارته وحكمه وفق رؤية إقامة الدولة. ولذلك اعتبر عضو المجلس الثوري في حركة “فتح” عبدالله عبدالله “أن دخول القوة الأمنية إلى شمال غزة ليس لأغراض البلبلة، وأن ما تتحدث به ’حماس‘ لا أساس له من الصحة، وأن هؤلاء العناصر هدفهم حماية المساعدات من السرقة وتأمين وصولها إلى الجائعين في الشمال”.
بهدف تأمين المساعدات
لحادثة دخول عناصر الاستخبارات الفلسطينية إلى شمال غزة قصة طويلة بدأت تفاصيلها عندما أعلنت إسرائيل القضاء على “حماس” في شمال قطاع غزة بالكامل، وعلى إثر ذلك سمح الجيش بتدفق المساعدات الإنسانية إلى الجوعى هناك، لكن تعرضت القوافل لعمليات نهب وسطو من الناس أو جماعات مسلحة بأسلحة بيضاء.
على خلفية ذلك أخذت إسرائيل تبحث عن جهة أمنية لتأمين وضمان وصول المساعدات الإنسانية بطريقة منظمة وليس عشوائية، وفي الوقت نفسه كانت تختبر خططاً لإدارة القطاع بعد انتهاء الحرب.
أول ما جربته إسرائيل كان يتمثل في التواصل مع وجهاء العائلات والعشائر في شمال غزة، وبالفعل جرى ذلك، لكن هؤلاء المخاتير رفضوا التعاون إلا بالتنسيق الكامل مع الجهات الأمنية في غزة، ولم ينجح ذلك الطرح.
اختبرت إسرائيل بعد ذلك تشكيل لجان الحماية الشعبية في شمال غزة، وهؤلاء عبارة عن عناصر من العائلات والأمن التابع لغزة ويعملون بالتنسيق الكامل مع حكومة القطاع التابعة لـ”حماس”، ونجحت هذه الخطة بجميع تفاصيلها، إذ جرى تدفق المعونات بطريقة منظمة من دون أن ينهب، ووصلت إلى الجائعين من دون أن يذهبوا إليها.
اعتبر الجيش الإسرائيلي أن لجان الحماية الشعبية قد يكونون شكلاً ممتداً لحركة “حماس”، ورفض فكرة التنسيق مع الأجهزة الأمنية التابعة لحكومة غزة، وعملت القوات الإسرائيلية على شن حملة عسكرية ضدهم، ومنعتهم من ممارسة أعمالهم.
خطة ماجد فرج
في ذلك الوقت كان المستوى الأمني الإسرائيلي اقترح التعامل مع رئيس الاستخبارات الفلسطينية ماجد فرج للسيطرة على غزة بشكل موقت، وذلك لضمان عدم حدوث فوضى ومتابعة أرض الميدان من كثب.
وبحسب هيئة البث الإسرائيلية الرسمية “كان”، فإن رئيس مجلس الأمن الإسرائيلي تساحي هنغبي التقى ماجد فرج بموافقة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وناقش معه خطة مفصلة لتولي زمام غزة موقتاً.
تقوم الخطة الأمنية على ثلاث نقاط أساسية، تتمثل الأولى في تشكل قوة أمنية (تأخذ شكلاً استخبارياً وعسكرياً) من أفراد تابعين لحركة “فتح” ويقطنون في قطاع غزة، وبالتحديد في الجزء الجنوبي، وقوام تلك القوة يبلغ نحو 80 عنصراً، ومهمتهم الأساسية توزيع المساعدات في شمال القطاع أولاً وجنوبه لاحقاً.
ووفقاً للمعلومات التي أفصحت عنها القناة “14” العبرية، فإن مدير الاستخبارات ماجد فرج نجح في بناء هذه القوة، وهي مكونة من أبناء عائلات غير مؤيدة لـ”حماس”، وعناصر من حركة “فتح”، وعمل على تدريبهم بشكل سريع، وشرعوا يوم السبت الـ30 من مارس (آذار) 2024 في مهمتهم.
أما النقطة الثانية في الخطة الأمنية، فتتمثل في تدريب 7 آلاف عنصر أمني من حركة “فتح” توافق على أسماؤهم إسرائيل، ثم ينشروا في غزة بعد توقف الحرب، أو خلال مراحلها الأخيرة، والثالثة اختيار موظفين من غزة وإرسالهم للضفة الغربية لتدريبهم ثم إعادتهم للقطاع لتولي زمام الإدارة.
غالانت موافق
وفقاً لـ”كان” فإن نتنياهو رفض هذه الخطة بجميع تفاصيلها، لكن وافق عليها وزير الجيش يوآف غالانت، كما أن ماجد فرج وافق على الخطة بعد تدخل أميركي.
في وقت سابق قال غالانت “الجهة التي يجب أن تتولى توزيع المساعدات لا يمكن أن تكون السويد، ويجب أن تكون ’فتح‘، وأنه لا ضير لو كان المسؤول عن ذلك محمد دحلان أو ماجد فرج، واقترح أن يجهز الأخير لتولي إدارة قطاع غزة موقتاً بعد انتهاء الحرب”.
تفاصيل حادثة القوة الأمنية
في أية حال فإن القوة الأمنية التي تمكنت وزارة الداخلية التابعة لـ”حماس” من القبض عليها في حدث أمني واستخباري خطر، هي نفسها القوة التي تحدثت عنها النقطة الأولى من الخطة.
وفي تفاصيل الحدث فإن المجموعة المسلحة التابعة لجهاز الاستخبارات، شاركت في تأمين قافلة مساعدات غذائية كانت متوجهة إلى شمال غزة، وتمكنت من دخول تلك المنطقة للمرة الأولى في الـ30 من مارس الماضي، ومارست عملها المطلوب منها على مدار يومين متتالين، لكن فجأة تعرضت لإطلاق النار من عناصر “حماس” وقتل اثنان منهم فيما اعتقل 10 أشخاص.
تبادل اتهامات
يقول المتحدث باسم وزارة الداخلية التابعة لـ”حماس” إياد البزم إن “الأجهزة الأمنية تعاملت مع العناصر المعتقلين، وجرى إفشال المخطط الذي جاؤوا من أجله، وهو إثارة البلبلة والفوضى، وسيتم الضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه أن يلعب في مربع لا يخدم سوى إسرائيل”.
فيما عضو المكتب الثوري في حركة “فتح” عبدالله عبدالله يقول إن “حكومة ’حماس‘ تتاجر في معاناة شعبنا ودمه النازف، إنها تعتمد على المشاريع الحزبية الضيقة، ولا تتعامل مع الحدث بعمقه وبشكل وطني”.
ما بين هذا وذاك يبرز تصرف “داخلية حماس” في أكثر من سياق، بخاصة أنه جاء عشية أداء الحكومة الفلسطينية الجديدة برئاسة محمد مصطفى لليمين الدستورية كحكومة تكنوقراط مهمتها إدارة قطاع غزة والضفة الغربية كوحدة جغرافية واحدة.
يقول الباحث في الشؤون السياسية علي أبو رزق “هذه القوة هي محاولة اختبار للمشهد الأمني في قطاع غزة واستمرارية سيطرة ’حماس‘ من عدمه، وهناك جانب آخر يمكن فهمه أن الحركة ما زالت تصر على الانقسام من طريقة تعاملها مع الجهات الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية”.
المصدر: اندبندنت عربية
هل فساد السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية وصلت لمرحلة التنسيق مع الكيان الصهيوني لتنفيذ خططه لليوم التالي بقطاع غزة؟، وتشارك بذبح إخوانهم بالوطن؟ الى متى سيستمر هذا التآمر على شعبنا الفلسطيني؟ جناح يتماهى ويدعم أجندة ملالي طهران وآخر يتماها مع الكيان الصهيوني وينفذ أجندته على حساب دم شعبنا؟.