لا يمكن لإسرائيل أن لا تنسجم مع الاستراتيجية الأمريكية

معقل زهور عدي

يظهر تقرير الاستخبارات الأمريكية حول غزة الشرخ الذي تعمق بين سياسة الحكومة الاسرائيلية بقيادة نتنياهو وبين الرؤية الأمريكية لمجمل الصراع العربي – الاسرائيلي في المنطقة ضمن استراتيجيتها العالمية في طبعتها الأخيرة.

لا يمكن لاسرائيل أن لاتنسجم مع متطلبات الاستراتيجية الأمريكية في نهاية الأمر . لذا تبدو محاولة نتنياهو لفرض حل عسكري لا ينهي حماس فقط ولكن ينهي عمليا الوجود الفلسطيني في غزة تجاوزا للخطوط الحمر في علاقة اسرائيل بالولايات المتحدة .

ولاشك أن نتنياهو يعلم ذلك جيدا , لكنه يعلم أيضا أن الخيارات أمامه أصبحت ضيقة جدا , وحبل النجاة الوحيد لمصيره السياسي والشخصي أن يتمكن من تهجير سكان غزة حتى لو بقي لحماس قوات تحت الأرض , وفي الحساب النهائي لن يعود لتلك القوات من جدوى حين تبقى وحدها في غزة .

مثل تلك النهاية ستكون نصرا استراتيجيا للحكومة الاسرائيلية وستعوض عن كل ماحصل من فشل سواء في 7 تشرين أو مابعد ذلك حين غاص الجيش الاسرائيلي مايقارب ستة أشهر في رمال غزة في أسوأ أداء له منذ العام 1948 وأكثره كلفة وخسارة بشرية .

تقرير الاستخبارات الأمريكية ونشر ذلك التقرير في هذا الوقت يقول لنتنياهو وحكومته : إن خطتكم للابادة والتهجير ليست قابلة لموافقة الدولة العميقة في الولايات المتحدة وليس فقط الرئيس بايدن .

ليست الولايات المتحدة مستعدة لاحتواء إبادة وتهجير مليونين ونصف المليون فلسطيني في منطقة الهدوء فيها يمكن أن يكون مجرد لحظة خادعة .

ثم إلى أين سيذهبون ؟

أوربة لم تعد مستعدة لاستقبال المزيد من موجات الهجرة , وأقل منها استعدادا دول المنطقة بما فيها مصر .

هكذا فرغم مايتصف به تقرير الاستخبارات الأمريكية من مهنية تحترم الحدود المرسومة لعمل تلك المؤسسة لكنه يبقى عملا سياسيا بامتياز , فهو أقوى إشارة صدرت عن الدولة العميقة في الولايات المتحدة أن الخلاف ليس بين بايدن ونتنياهو ولكن بين الاستراتيجية الأمريكية العالمية وبين حكومة نتنياهو واستراتيجيتها التي أصبحت مكشوفة تجاه غزة .

وطالما أن الجيش الاسرائيلي وقيادته الحالية لاتقف مع نتنياهو , فمصير نتنياهو ربما قد تقرر سلفا . المسألة لم تعد مسألة شهور ربما أقل من ذلك .

 

المصدر: صفحة معقل زهور عدي

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. العلاقة بين الأنظمة هي علاقة مصالح القيادات ومن ثم الدول لذلك العلاقة بين بايدن ونتNياهو تحكمها المصالح ، من هنا نقول بأن نتNياهو بآخر الأمر إلا الرضوخ لرغبات وأجندة بايدن وبما تخدم حملته الإنتخابية .

زر الذهاب إلى الأعلى