نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا شاركت فيه ميريام بيرغر وسفيان طه وهايدي ليفين ولافدي موريس حول المهمة الأمريكية المستحيلة لتجديد وإنعاش قوى الأمن الفلسطينية.
وبدأ التقرير من مركز تموله الولايات المتحدة في التلال الجرداء بأريحا حيث حضر الجيل المقبل من رجال الأمن الفلسطينيين أنفسهم وأمسكوا ببنادقهم وجهزوا أنفسهم للمهمة المقبلة، وهي إلقاء القبض على “مخالفي القانون” احتموا في داخل مطعم. وكان الموقع عبارة عن مجموعة من المقطورات المعدنية والتي تشبه حيا فلسطينيا. وتحرك المجندون بطريقة منظمة وقاموا بتحييد المهاجمين بدون رصاص من الأسلحة البلاستيكية وبنادق تستخدم في لعبة كرات الطلاء. وبدا مدير التدريب وهو برتبة عقيد فخورا بنفسه. ووافق في الشهر الماضي على التحدث مع الصحيفة بشرط عدم الكشف عن هويته “كما ترى نحن حرفيون هنا”. وكان يتحدث في المعهد المركزي للتدريب التابع للسلطة الوطنية حيث قال “نحن نعمل حقا”.
وسمح لمراسلي الصحيفة الدخول للمعهد والإطلاع على جهود التدريب والتحديات التي تواجه قوى الأمن التي تتلقى التدريبات، وهي القوى التي تعتبر مركزية في خطط الولايات المتحدة لمرحلة ما بعد انتهاء الحرب في غزة. ورغم عقدين من الإصلاحات إلا أن قوى الأمن لا تزال تعاني من مشاكل في تمويل عملياتها ولا تحظى بشعبية بين الفلسطينيين وبالضرورة ليس لديها المعدات والأسلحة التي تحتاجها لتنفيذ المهمة التي يتصورها الداعمون الغربيون.
وفي مقال رأي نشرته “واشنطن بوست” في تشرين الثاني/نوفمبر، كتب الرئيس جو بايدن “بينما نسعى جاهدين نحو السلام، يجب أن تتحد الضفة الغربية وغزة تحت حكومة واحدة، وتحت سلطة وطنية متجددة”. وفي الأشهر اللاحقة على مقالة الرئيس، زار المسؤولون الأمريكيون رام الله وتل أبيب والعواصم العربية من أجل تحقيق رؤية الرئيس.
إلا أن قوات الأمن الفلسطينية تكافح للسيطرة على الضفة الغربية والحفاظ على النظام فيها. وهي قوات تعمل وسط احتلال إسرائيلي للأراضي. ويخضع أفرادها لنفس القيود التي تفرضها إسرائيل على إخوانهم الفلسطينيين. فيما ينظر إليهم في مجتمعاتهم الفلسطينية بأنهم متعهدون متعاقدون مع إسرائيل. فهم لا يستطيعون التدخل لمنع عنف المستوطنين ولا مداهمات القوات الإسرائيلية. ولا يرحب بهم في بعض المدن والبلدات الفلسطينية حيث أصبحت الجماعات المسلحة هي السلطة الفعلية.
ولم يعد أفراد قوى الأمن يعولون في هذه الأيام على رواتب ثابتة. ومنذ 7 تشرين الأول/أكتوبر لم تدفع السلطة الوطنية سوى أقل من نصف الراتب، وذلك بسبب رفض إسرائيل دفع رسوم المقاصة عن الضريبة. ومنذ العام الماضي لم يعد لدى المركز ذخيرة حية للتدريب، وتم إرسال مجموعات مختارة إلى الأردن للتدرب على أسلحة حقيقية.
ويقول المسؤولون الغربيون إن هناك حاجة لجهود ضخمة من أجل توسيع مدى وقدرات قوات الأمن الفلسطينية للتعامل مع المهمة في غزة، وكذا الموافقة الإسرائيلية التي لا تزال تعارض الخطة. وقال دبلوماسي غربي إن تقوية قوات الأمن الفلسطينيين عبر وزارة الخارجية الأمريكية بحاجة إلى تفويض جديد. وقال إن “السلطة الوطنية ليست جاهزة للذهاب إلى غزة ولن يحدث هذا في أي وقت قريب” و”لا أرى أن لديهم الأعداد لكي يقوموا بالمهمة ولا الاستعداد أو المعرفة بغزة”.
وتعود عائلة العقيد البالغ من العمر 45 عاما، إلى عائلة لاجئة وولد في مخيم للاجئين في لبنان. وعاد مع عائلته منتصف التسعينات من القرن الماضي إلى الضفة الغربية بموجب اتفاق أوسلو. وكرس العقيد جهوده للدولة الفلسطينية غير المعترف بها ولقوات الأمن، حيث قال “هذا وطني وهذا هو واجبي”. وبعد طرد السلطة الوطنية من غزة في 2007، استثمر الداعمون الغربيون لإصلاح قوات الأمن المتضخمة وتحويلها إلى قوات منضبطة للتنسيق الأمني مع إسرائيل. وعلى مدى السنين الماضية بدأ الكثير من الفلسطينيين ينظرون لقوات الأمن على أنها أداة بيد الاحتلال أو ميليشيا خاصة تتلقى أوامرها من القيادات المتسلطة في رام الله.
ويقول علاء الترتير، الباحث البارز في معهد ستوكهولم لأبحاث السلام العالمي إن القيادات الفلسطينية وداعميهم في الغرب اهتموا كثيرا بـ “وظيفة وفعالية قوات الأمن التصدي لأي صدام أو رفض” ضد السلطة الوطنية، وأضاف “لكن كل هذا ليس من أجل أمن الفلسطينيين” و”هنا هي المفارقة، فقد تم إصلاحها من أجل تحقيق الأمن والتنسيق الأمني والأمن الإسرائيلي أولا”.
ويبلغ تعداد قوات الأمن الفلسطينية حوالي 35,000 عنصر وعادة ما يتناقض دورها مع الناس الذين المفترض أن توفر الأمن لهم. وقام عناصرها بملاحقة المتظاهرين ضد الحرب على غزة واعتقلوا أفرادا زعم أنهم من حماس وكذا نقاد السلطة الوطنية. وعندما تقوم القوات الإسرائيلية بمداهمة المدن والقرى الفلسطينية يطلب من أفرادها البقاء في ثكناتهم. ويعلق العقيد “لو غادرت وظيفتي فستحصل الفوضى” و”مهما كانت التحديات التي أواجهها فلن أغادر”.
وافتتح مركز التدريب في عام 1994 إلى جانب فرع له في غزة. والموقع الحالي هو واحد من 10 مراكز تدريب أنشئت عام 2008 في الأيام الأولى لجهود الولايات المتحدة لإعادة بناء وتدريب وتمويل قوات الأمن الفلسطينية. وفي عام 2005، أقامت الولايات المتحدة ودول حليفة معها مكتب المنسق الأمني الأمريكي في القدس. وفي البداية مول المكتب برامج تدريب قوات الأمن الفلسطينية في الأكاديميات العسكرية الأردنية وبعيدا عن ضغوط السياسة المحلية. ومع مضي الوقت تم تحويل العديد من برامج التدريب إلى الضفة الغربية. ورفضت وزارة الخارجية التي تتحدث نيابة عن المنسق الأمني التعليق.
وشاهدت الصحيفة فرقة من متدربي شرطة الجمارك وهم يهتفون في مسيرتهم بكلمات “يا ظلام السجن خيم”، وفي داخل المركز كان الطلاب يدرسون الإنكليزية والعبرية وشارك آخرون في محاضرات حول الإجراءات الجنائية والرد الطارئ. ويمكن للمركز استيعاب 900 متدرب. وهناك خطط أجنبية لتوسيع إمكانيات المركز، لكن تم تأخيرها حسب مديره العقيد. ومنذ شباط/ فبراير 2023 ظلت ساحة التدريب التي تبلغ مساحتها 140,000 قدم مربع صامتة بسبب رفض إسرائيل السماح بدخول 400,000 رصاصة من الأردن. وقال عقيد ثان: “كيف يمكنني الحفاظ على الأمن بضابط لم يتدرب جيدا؟” و”كيف سيكون دقيقا في الميدان ويتعامل مع الأسلحة بدون خوف؟”.
ويقول غيث العمري من معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى إن قوات الأمن الفلسطينية وبعد تلقيها أكثر من مليار دولار كدعم أجنبي أصبحت في وضع مختلف عما كانت عليه في زمن الرئيس ياسر عرفات ولكن “المشكلة هي تسييس قيادة قوات الأمن، وبالنظر لحالة السلطة الوطنية السيئة الآن، فمن الصعب رؤية كيف ستقوم بعملها الأمني”.
ومن مكتبه في رام الله، اعترف المتحدث باسم قوات الأمن الفلسطينية، طلال دويكات، بغياب ثقة الناس بقوات الأمن الفلسطينية. وقال “عندما أكون مع قواتي الأمنية في مدينة وتدخل القوات الإسرائيلية في وضح النهار، تدخل جنين ونابلس ورام الله والخليل، ألا يضعف هذا السلطة؟ ألا يوسع هذا الفجوة بينها والناس؟”. وقتل الجيش الإسرائيلي منذ هجمات حماس أكثر من 400 شخص في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وذلك وفقا لأرقام الأمم المتحدة.
ويقف اقتصاد الضفة الغربية الهش على حافة الانهيار. ورفضت إسرائيل تحويل الضريبة التي تجمعها نيابة عن السلطة الوطنية، وهو ما أثر على قدرة السلطة لتحويل الأموال ودفع الرواتب. وقال دبلوماسي غربي: “هذا تحد كبير يعرقل قدرتك على تسجيل مجندين جدد” و”لو كانوا في معاناة كبيرة الآن، فتخيل ما سيحدث لو أضافوا 10,000 آخرين.
ومن جانبها رفضت السلطة الوطنية أي دور في غزة لا يرتبط بإنشاء دولة فلسطينية. وفي الشهر الماضي نشر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خطته لغزة ما بعد الحرب، حيث تصور وجودا عسكريا دائما. وبتشجيع من الولايات المتحدة، نفضت السلطة الغبار عن قوائم أسماء قوات الأمن التابعة لها في غزة، بعد 17 عاما من سيطرة حماس على القطاع، ومن بين 26,000 عنصر، هناك ما بين 2,000- 3,000 عنصر يستطيعون العودة إلى العمل. ولكن لا يعرف عدد الأحياء منهم أو الأموات، إلا أن العقيد في مركز أريحا عبر عن استعداد قواته لتدريب عناصر الأمن بغزة.
المصدر: “القدس العربي”
تقرير واشنطن بوست يظهر احلام الادارة الأمريكية والكيان الصhيوني بإستخدام الأمن الفلسطين ضد شعبنا بغزة وفق أجندتهم، الشعب الفلسطيني واحد متشبث بأرضه وقضيته والعملاء لا يمثلون شعبنا وسيلفظهم شعبنا والتاريخ.