لم تنجح الفصائل الفلسطينية في التوصل إلى اتفاق لتحقيق الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام لكن هناك تفاهماً حول الخطوط العامة.
لم تنجح الفصائل الفلسطينية في التوصل إلى اتفاق لتحقيق الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام بين حركتي “فتح” و”حماس”، خلال اجتماعها يومي الخميس والجمعة في المقر الريفي للزعيم السوفياتي الأسبق جوزيف ستالين بضواحي موسكو، وهو الاجتماع الرابع الذي تستضيفه العاصمة الروسية في محاولة لتوحيد الموقف الفلسطيني، إذ جرى اللقاء الأخير عام 2019.
ومع أن بيان الفصائل الـ 14 حدد “10 مهمات ملحة” تواجه الفلسطينيين، إلا الوحدة الوطنية التي عجزوا عن تحقيقها، إذ إن انضمام حركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي” إلى “منظمة التحرير الفلسطينية” والاتفاق على رؤية وطنية مشتركة مع تشكيل حكومة كفاءات وطنية، كانت الأهداف الأبرز للاجتماع الأول للفصائل الفلسطينية بعد مرور خمسة أشهر على الحرب في قطاع غزة.
لكن الفصائل، وأبرزها “حماس” و”فتح”، فشلت في التوصل إلى اتفاق في هذا الشأن، ورحّلت تلك الملفات إلى جولات حوار مقبلة ستعقد على الأرجح في موسكو.
ووفق البيان الختامي للاجتماع فإن “جولات الحوار المقبلة ستستمر للوصول إلى وحدة وطنية شاملة تضم القوى والفصائل الفلسطينية كافة، في اطار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني”.
تمثيل منظمة التحرير للفلسطينيين
وبحسب رئيس وفد حركة “فتح” إلى اجتماع موسكو عزام الأحمد، فإن المجتمعين “تمكنوا من الاتفاق على الخطوط العامة من وحدانية تمثيل منظمة التحرير للفلسطينيين، لكن من دون الخوض في التفاصيل”.
وأشار الأحمد في حوار مع “اندبندنت عربية” عقب انتهاء جلسات الحوار في العاصمة الروسية إلى أن ذلك يعد “خطوة إلى الأمام بحاجة إلى استكمال خلال جولات الحوار اللاحقة”.
وأضاف الأحمد، وهو عضو في اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير والمركزية لحركة “فتح”، أن الاعتراف بمنظمة التحرير يعتبر “إنجازاً كان غائباً عن الاجتماع الأخير للفصائل في موسكو عام 2019”.
وبحسب الأحمد فإن التقدم جاء بسبب الظروف التي “خلقتها حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية في قطاع غزة”، مشيراً إلى أن “الدليل على ذلك هو أن الحوار استمر يوماً ونصف اليوم وليس يومين كما كان مقرراً”.
الدور الروسي
وأشاد الأحمد بالدور الروسي خلال جلسات الحوار قائلاً إن المسؤولين الروس “لا يتدخلون في التفاصيل ويساعدون في كيفية الوصول إلى الاتفاق وليس في كيفية الاختلاف”.
ونفى الأحمد مناقشة اجتماعات موسكو تشكيل حكومة تكنوقراط، مشدداً على أن ذلك من “صلاحيات الرئيس الفلسطيني محمود عباس”، وأضاف أن “الرئيس عباس اتخذ الخطوة الأولى باتجاه ذلك عبر قبوله استقالة رئيس الحكومة محمد اشتية”، مشيراً إلى أن تكليف شخصية أخرى لتشكيل الحكومة الجديدة هو “من صلاحيات الرئيس عباس وفق النظام الأساس الفلسطيني في ظل غياب المجلس التشريعي”.
وكان الرئيس الفلسطيني قبِل الإثنين الماضي استقالة حكومة اشتية بعد خمسة أعوام من عملها، وكلفها بتسيير الأعمال حتى تشكيل حكومة جديدة، إذ يمنح القانون الأساس الفلسطيني الرئيس عباس أسبوعين لتكليف شخصية أخرى لتشكيل حكومة جديدة.
الحكومة الجديدة
وعن إمكان تشاور الرئيس الفلسطيني مع حركة “حماس” في هذا الشأن، استبعد الأحمد ذلك مشيراً إلى أن “تشكيل الحكومة وفق القانون الأساس الفلسطيني من صلاحيات الرئيس ولا يجوز لأحد أن يتدخل في عمل الرئيس”.
وبحسب الأحمد فإن الرئيس عباس كلّف عام 2006 رئيس المكتب السياسي في حركة “حماس” إسماعيل هنية بتشكيل الحكومة “من دون العودة للفصائل”.
ولم يستبعد الأحمد طرح قضية تشكيل الحكومة خلال جولات الحوار المقبلة، “فكل فصيل يحق له طرح ما يشاء على طاولة الحوار الوطني”، ملمحاً إلى استمرار عمل حكومة اشتية لمدة طويلة وقائلاً إنه “من المحتمل أن تستمر حكومة اشتية في تسيير الأعمال 10 أعوام”.
تفاصيل ضخمة
ومع أن رئيس وفد حركة “حماس” إلى حوارات موسكو موسى أبو مرزوق أشار إلى وجود “إجماع على ضرورة تشكيل حكومة تكنوقراط وانضمام ’حماس‘ إلى منظمة التحرير”، لكنه شدد على أن ذلك بحاجة إلى الاتفاق على “تفاصيل ضخمة كالمسافة بين موسكو وغزة”.
وأشار أبو مرزوق في حوار مع “اندبندنت عربية” إلى موافقة “حماس” على “التخلي عن حكم قطاع غزة، وأن تكون منظمة التحرير مرجعية الحكومة الجديدة”.
وبحسب أبو مرزوق فإن موسكو وافقت على استضافة جولات الحوار المقبلة، مشيراً إلى أن “اجتماعات موسكو ستتكرر”.
وعن أبرز الخلافات بين حركتي “فتح” و”حماس” أوضح أبو مرزوق أنها تتركز على شخصية من يشكل الحكومة والوزراء والصلاحيات، وعلاقتها بالرؤية الأميركية حول تشكيل حكومة تكنوقراط”.
كلمة لافروف
وفي كلمة له أمام الفصائل الفلسطينية بمقر وزارة الخارجية الروسية في موسكو، طالب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الفصائل “بتنحية خلافاتها جانباً والاتحاد من أجل مصلحة الشعب الفلسطيني”.
ويرى الباحث السياسي جهاد حرب أن الفصائل الفلسطينية “اتفقت في موسكو على طبيعية التحديات التي تواجه الفلسطينيين لكنها فشلت في الاتفاق على كيفية تجاوزها”، مشيراً إلى أن البيان الختامي “أبقى على حال الانقسام”.
ووفق حرب فإن توقعات الفصائل الفلسطينية المحدودة وغير المتفائلة من حوار موسكو قبل الاجتماع تشير إلى أنها “غير راغبة في الانخراط بشكل جدي لإنهاء الانقسام”، مضيفاً أن البيان الختامي “جسد محدودية الرغبة والإرادة والعمل لإنهاء الانقسام”.
وأشار حرب إلى جود “خلاف جدي بين حركتي ’فتح‘ و’حماس‘ حول مرجعية الحكومة وتشكيلتها”، مضيفاً أن القانون الأساس الفلسطيني ينص على أن الرئيس يكلف شخصية فلسطينية لتشكيل الحكومة، “ومن حق الأخير اختيار طاقمه الوزاري”.
وأضاف، “لدينا استحقاق دستوري بتكليف شخصية لتشكيل الحكومة خلال 14 يوماً من قبول استقالة اشتية التي قبل الرئيس عباس استقالتها في الـ 26 من فبراير (شباط) الماضي”.
من جهته اعتبر المحلل السياسي جمال زقوت أن بيان موسكو يشكل “إنقاذاً لماء وجه ممثلي الفصائل”، مشيراً إلى أنه “لم يتوقع أحد أن تفضي اجتماعات موسكو إلى شيء ملموس”.
وشدد زقوت على “الحاجة الملحة لدعوة الرئيس الفلسطيني إلى لقاء يترأسه وينفذ خلاله ما اتفق عليه في الماضي، في ظل أولوية تشكيل حكومة توافق وطني تتصدى للعدوان الإسرائيلي وتتحرك على الصعيدين الدولي والعربي”.
تصفية الحسابات
وعن أبرز العراقيل أمام إتمام ذلك أشار زقوت إلى أنها تتلخص في “اعتقاد بعضهم بأن الأمور تسير لمصلحته، والتموضع في خانة تصفية الحسابات”.
وأوضح زقوت أن مبادرة “حماس” للدعوة إلى تشكيل حكومة توافق وطني وتركها حكم قطاع غزة كان “يجب التعامل معها بإيجابية وبسرعة”.
ووفق زقوت فإنه “لا بد من مراجعة الحسابات، فمن يريد أن يحمي الشعب الفلسطيني ومن يدعي الشرعية فعليه تعزيز تمثيل الجميع في المؤسسات حتى تُعبر عن مكونات الشعب الفلسطيني كافة”.
واعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت أحمد جميل عزم أن الذهاب إلى موسكو “لو كان مجدياً لكانت سبقته لقاءات ثنائية وخطط عمل”، واعتبر أن “العمل الفلسطيني المشترك أصبح على نوعين، مواقف تخرج للإعلام حول شروط الوحدة الوطنية، واجتماعات بروتوكولية سواء في الجزائر أو مصر أو روسيا”.
وأشار عزم إلى وجود حال من “الاستعصاء السياسي، فالرسالة الأهم من اجتماع موسكو للشباب الفلسطيني هي بأنكم فقدتم الأمل في المستوى السياسي التقليدي وعليكم البحث عن طرق بديلة لتفعيل منظمة التحرير”.
وبحسب عزم فإن هناك “نوعاً من الاستئثار بالقرار السياسي، وفوقية في ظل عدم وجود إرادة للتجديد والتغيير على رغم كل التحديات”.
البيان الختامي
وضمن البيان الختامي لاجتماع موسكو اتفقت الفصائل الفلسطينية على ضرورة “التصدي للعدوان الإسرائيلي الإجرامي وحرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، وعلى مقاومة ووقف وإفشال محاولات تهجير شعبنا من أرض وطنه فلسطين، والعمل على فك الحصار الهمجي عن شعبنا في قطاع غزة، وإيصال المساعدات الإنسانية والحيوية والطبية من دون قيود أو شروط”.
كما طالب البيان “بإجبار جيش الاحتلال على الانسحاب من قطاع غزة ومنع محاولات تكريس احتلاله أو سيطرته، والتصدي لمؤامرات الاحتلال وانتهاكاته المستمرة ضد المسجد الأقصى”.
المصدر: اندبندنت عربية
متى ستضع الفصائل الفلسطينية المصلحة الوطنية الفلسطينية فوق المصالح الفصائلية والشخصية ومماهاة دول إقليمية ودولية ؟ إجتماعات موسكو وكان قبلها إجتماعات القاهرة وسبقتها بالسعودية لتكون التوافقات شكلية لا تستمر لغلبة المصالح الأخرى على الوطن والقضية الفلسطينية.