أنت منا ونحن منك

د. مخلص الصيادي

انتقد الباحث والكاتب السوري، حسين الشرع، توجه المشاريع الاستثمارية في #سوريا نحو بناء أبراج سكنية فاخرة، داعياً إلى بناء أحياء سكنية نموذجية، بتكاليف معقولة وشقق تُباع بالتقسيط أو تؤجر بأقساط شهرية ميسرة، لكي يتمكن الأهالي من العودة وامتلاك مساكنهم مجدداً.

وقال الشرع في مقال بمجلة “المجلة”: “ينبغي أن يشمل هذا النهج المدن والقرى المدمرة جزئياً أو كلياً كلها”.

ونبه الشرع إلى أن “من يسلك الطريق من إدلب إلى دمشق يدرك حجم الدمار الهائل الذي طال القرى والمناطق الزراعية والصناعية، والتي يجب أن تكون الأولوية في إعمارها”.

ولفت الشرع إلى أنه بعد مرور ثمانية أشهر على سقوط نظام الأسد، لم تُسجَّل خطوات جادة في اتجاه إعادة الإعمار، بينما تعقد الاحتفالات ويُروَّج لتوقيع مذكرات تفاهم بمليارات الدولارات لبناء أبراج وفنادق لا تعني معظم السوريين.

وتابع: “الأغلبية تعيش بالكاد، ولا يهمها السكن في أبراج شاهقة بقدر ما تحتاج إلى بيت آمن وكهرباء ومياه وخدمات أساسية”.

ورأى أن التنمية الحقيقية لا تُقاس بعدد الأبراج العالية، بل بقدرتها على إعادة الحياة إلى المدن المدمرة واحتضان السوريين الذين ينتظرون العودة إلى منازلهم.

#الشرق_سوريا

********

“تعليق وتثمين ومؤازة”

أنت فيما نقلت عنك المجلة منا، ونحن منك

ونقول:

هذا كلام عاقل واع مدرك لاحتياجات الوطن والمواطن في سوريا، ومدرك في الوقت نفسه لتلك الخديعة الكبرى التي يجري ترويجها تحت ستار التوقيع على اتفاقيات أو تفاهمات بمئات المليارات في قطاعات العقار والطاقة والاتصالات والنقل…الخ، ولا نصيب في أي منها للاحتياجات الحقيقية للمواطن السوري، وهذا المواطن كان هو وقود الثورة وصانعها.  من ابنائه قتل النظام البائد أكثر من مليون نسمة، وما زال مئات الآلاف من شبابه مغيبا لا يعرف لهم مصير، وعلى بيوته سقطت الصواريخ بمختلف أنواعها  والبراميل المتفجرة مخلفة كل الدمار الذي نراه، وتاركة وراءها مئات آلاف الأسر السورية في المدن والأرياف بدون مأوى.

كل هذا الذي يجري توقيعه من اتفاقيات وتفاهمات هو في حقيقته فرص للربح وتعظيم الأرباح، وليس سبيلا لسد احتاجات المواطن السوري.

إن الذين يروجون لهذا الفكر الاقتصادي، ليسوا منا ولسنا منهم، هم من صنف الترامبيين، أصحاب الصفقات والمشاريع الاستثمارية، وما يقدمه هؤلاء قد يصلح لأماكن وبلدان أخرى. لكنه بالتأكيد لا يصلح لسوريا، ولا للشعب السوري.

ما تفضل به السيد حسين الشرع هو تمام ما لحظناه من اليوم الأول لانتصار الثورة، ورحنا  نردده بشأن  النهج الاقتصادي من السياسات المعلنة من قبل السلطة المؤقتة القائمة.

الاحتياج الرئيسي الحياتي يكاد يكون غائبا عند من يضع هذه السياسات، تماما كما بات واضحا غياب مفاهيم الديموقراطي. وفلسطين، والعروبة.

فهل في مراكز القرار بدمشق من يتنبه و يسمع ويستجيب قبل فوات الأوان.

ونختم تعليقنا باستحضار قول سلطان العلماء “العز بن عبد السلام” رحمه الله، والقياس عليه، وفيه:

 (من نزل بأرض وقد تفشى فيها الزنى فحدث عن حرمة الربا فقد خان الأمانة، خان الله وخان رسوله).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى