يمان السيد أديب سوري متميز وواعد…جرعات زائدة هي مجموعة قصصية للكاتب يمان السيد اصدار دار موزاييك في اسطنبول. وهي عبارة عن تسع قصص في ١٣٤صفحة، اولها غيبوبة ذي الوجهين، وآخرها جرعات زائدة، اطولها قضاء وقدر…
في قراأتي للمجموعة لن اتطرق للقصص كلا على حدى، سبب ذلك ان روح المجموعة وموضوعها واحد: واقع الشعب السوري في مظلوميته من قبل النظام المستبد الدموي الفاسد القمعي الممتد منذ عقود، كذلك واقع الثورة السورية التي قام بها الشعب السوري في مواجهة هذا النظام، ربيع عام ٢٠١١م. وتبعات ذلك من اعتماد العنف المسلح من قبل النظام بجميع انواع الاسلحة بحق الشعب السوري، وانعكاس ذلك على حياة الناس في سوريا. موتى بمئات الالاف وكذلك المصابين والمعاقين، الملايين من السوريين المشردين واللاجئين داخل سوريا وخارجها ، وكيف تعامل الناس ابناء الشعب السوري مع هذا العنف الاعمى الذي اصاب حياتهم ونكل بهم وجعل حياتهم مهددة، وجعلهم ضحية عارية ضعيفة امام ظلم لا راد له…
المجموعة القصصية لا تتحدث عن هذا الحال بهذه المباشرة ، لكنها تقدم عبر قصصها الحالات المعاشة عند شخصيات القصص لتوصلنا الى هذا الاستنتاج وان سوريا كانت بلاد فساد وخراب. وشعبها كان مستعبدا وضحية…
نعم تطل على واقع المحسوبية والسوء والفساد والواسطة وغياب فرص العمل واستغلال النظام واعوانه خيرات البلاد، وان الناس هم الضحايا الذين تمتص اجهزة السلطة دمهم وتستغلهم كل الوقت…
ليس هذا فقط بل لم يقبل النظام المجرم ان يثور الشعب عليه، فواجههم بالقتل عبر اسلحته المتنوعة، واستعان بالقوى الحليفة له، وجاءت طائراتها تدمر المدن والبلدات وتقتل الناس جميعا، وميليشياتها التي تدخل البلدات تقتل الناس وتعتقلهم وتسرق جنى عمرهم…
الوحيد الناجي هو الشهيد الميت، أما ذلك الذي استطاع ان يحمل روحه وينتقل من بلادنا الى بلاد الله “الضيقة” ويركب البحر ولا يغرق “بالصدفة” ويصل الى بلاد قد تعترف بانسانيته وتعطيه بعض الحقوق…
اما الضحية الحيّة التي تعيش اسوأ من الموت فهو ذلك الذي يعتقل ظلما وعدوانا، لاسباب كثيرة اولها انها مواطن بهذه البلاد وبالتالي هو مستباح ولا يسأل احد عن اي معاملة يلقاها او مصير ينتهي اليه، وثانيها انه وماله وارضه وعرضه مسخرة لهذا الظالم الذي استباح كل شيء. اما ثالثها فهو قد يتحول الى مجرد اداة تستخدم في مأساة الاعتقال ليكون عبرة لبقية الشعب وليعيش بعض عمره اسوأ ما يمكن ان يعيشه انسان من العذاب والهوان والمذلة في المعتقلات، ويكون مصير الاغلب هو الاعدام في مسرحية تحقيق تحت التعذيب واعترافات مجبور عليها ومحاكمة صورية واحكام سجن مديد، واعدامات دورية تأكل اهلنا وشبابنا من كل الاعمار على مدى سنوات كما حصل في سجن صدينايا وغيره. وقد يكون مصير البعض اقل سوء فيخرج بالصدفة من السجن، ليجد تبدلات في حياته تجعله في اسوأ حال…
ان المجموعة القصصية جرعات زائدة التي بين يدي تستدعي كل الذي قلته، رغم انها قد لا تكون تحدثت عنه بدقّة…
هناك سؤالا يهاجمني بسرعة: ما هي الكتب والدراسات والاصدارات الادبية التي تستطيع ان تختصر عقودا من الظلم والاستبداد والقهر الذي عاشه السوريين…
لذلك تكون اي قصة مهما تخصصت في طرح جانب محدد في حياة لفرد او افراد في حياتهم، تكون الشرارة التي توقد النار في حقائق ما عشناه نحن السوريون على مدى عقود في ظل النظام المستبد الوحشي القاتل…
كما أن حياة جديدة كاملة تبدأ بعد الثورة على السوريين جميعا، الموالين لنظام القتل والقمع، والشعب هو الضحية. الذي مات ضحية والذي استمر بالعيش ذليلا في البلاد يعض على جرح كرامته وانعدام الامان ولقمة العيش ايضا ضحية، والبعض الذي هرب وركب المخاطر لانقاذ حياته وحياة من يعيل. ارواح امانة الله في اعناقنا جميعا هم ايضا ضحايا…
كل ذلك يتداعى في ذهني وانا اختم قراءة مجموعة يمان السيد القصصية جرعات زائدة…
نعم كان يجب ان نثور، نعترف اننا دفعنا الثمن الاغلى. وان الحياة مفتوحة والمستقبل حتما سيكون افضل للشعب السوري الذي يتوق ليعيش بكرامته في بلاده محررة من الاستبداد والاحتلال في ظل الحرية والعدالة والديمقراطية ويعمل لتحقيق الحياة الافضل…
المجموعة القصصية “جرعات زائدة” لالأديبة السورية “يمان السيد” قراءة جميلة وتعقيب موضوعي من الكاتب “احمد العربي” هي عبارة عن تسع قصص في ١٣٤صفحة، اولها غيبوبة ذي الوجهين، وآخرها جرعات زائدة، اطولها قضاء وقدر، روح المجموعة وموضوعها هو واقع الشعب السوري في مظلوميته من قبل نظام طاغية الشام المستبد الدموي الفاسد القمعي الممتد منذ عقود، كذلك واقع الثورة السورية التي قام بها الشعب السوري في مواجهة هذا النظام،