بالنسبة لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، خلقت الحرب الإسرائيلية الراهنة على قطاع غزة مأزقا، فغزة تحكمها “حماس”، وهي حركة إسلامية متحالفة وتنسق بشكل وثيق مع إيران ووكلائها، بحسب برنارد هيكل أستاذ دراسات الشرق الأدنى في جامعة برنستون بالولايات المتحدة.
واستدرك هيكل، في تحليل بمجلة “فورين أفيرز” الأمريكية (Foreign Affairs) ترجمه “الخليج الجديد”: “لكن بالنظر إلى مدى شعبية القضية الفلسطينية بين السعوديين، يجب على بن سلمان الوقوف إلى جانب الفلسطينيين، الذين يُنظر إليهم في العالمين العربي والإسلامي على أنهم ضحايا العدوان والاحتلال الإسرائيلي”.
وأضاف أن “الحكومة السعودية تريد تعزيز أمنها، وتأمل أنه عبر تطبيع العلاقات مع إسرائيل، يمكنها إنشاء تحالف أمني مع الولايات المتحدة وحلفاء واشنطن الإقليميين، لكن الرياض لن تقيم هذه العلاقات بينما تقصف إسرائيل المدنيين في غزة وترفض الاعتراف بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم”.
واعتبر أن “التطبيع ليس السبيل الوحيد أمام أسرة آل سعود لتعزيز قبضتها، إذ يمكن للنظام أيضا أن يحمي نفسه ومصالحه من خلال بناء اقتصاد أكثر قوة وتغيير الأيديولوجية الداخلية للبلاد”.
هيكل بيَّن أنه “لتحقيق ذلك، تعمل بنشاط على تطوير قطاعات جديدة غير مرتبطة بالنفط، مثل السياحة والتعدين والخدمات اللوجستية والتصنيع والتكنولوجيا والتمويل والنقل”.
مصدر الشرعية
“كما أنها تعمل على تحويل مصدر شرعيتها، الذي اعتمد لفترة طويلة على علاقة النظام الملكي بالتفسير الأصولي للإسلام، المعروف باسم الوهابية، وعلى دوره كخادم للأماكن المقدسة في الإسلام”، بحسب هيكل.
وأوضح أنه “على نحو متزايد، يسعى النظام الملكي، بدلا من ذلك، إلى إضفاء الشرعية على حكمه بتقديم نفسه على أنه حامي الشعب السعودي وتعزيز الشعور القومي الذي يضع المصالح السعودية في المقام الأول”.
وأفاد بأن “التغييرات الناتجة عن ذلك تشمل كل جوانب المجتمع تقريبا، بدءا من الأنظمة القانونية والتعليمية وحتى أدوار السلطات الدينية والمرأة. فبدلا من إلزام نفسها بنشر “الإسلام الحقيقي”، تعتمد شرعية النظام الملكي على قدرته على تحقيق الوحدة والسلام والرخاء في منطقته”.
هيكل استدرك: “غير أن الحرب في غزة أدت إلى تعقيد هذا التحول، وبينما لا تزال السعودية تهدف إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل، فإنها تطالب بثمن أعلى بكثير للعلاقات الدبلوماسية، ويصر السعوديون الآن على أن يقدم الإسرائيليون تنازلات مضمونة تؤدي إلى إنشاء دولة فلسطينية قابلة للحياة”.
وزاد: “كما أنهم يحاولون إقناع واشنطن بالاعتراف رسميا بدولة فلسطين، ويدعون مجلس الأمن إلى القيام بذلك أيضا”.
ورأى أن “دافع السعوديين لإقناع إسرائيل والولايات المتحدة ليس فقط تخفيف المعاناة الفلسطينية، بل أيضا أن تجعل من الصعب على منافسي السعودية، إيران وما يُسمى بمحور المقاومة، استغلال تلك المعاناة كذريعة لإثارة الفوضى وعدم الاستقرار”.
و”تعتقد الرياض أنه إذا تم حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بشكل عادل، فستضعف طهران، وسيستقر الشرق الأوسط. ويمكن للمملكة بعد ذلك إنجاز تحولها الوطني وتحقيق رؤيتها المتمثلة في إنشاء منطقة مترابطة ومزدهرة تكون هي في المركز منها”، وفقا لهيكل.
قومية وليست إسلامية
هيكل قال إنه “على النقيض من إيران، لم تعد السعودية مهتمة بالدفاع عن القضايا الإسلامية، ولم تعد تؤيد السرديات الكبرى حول المظالم التي يفرضها الغرب على ما يُسمى بالجنوب العالمي”.
وأردف: “وتولي البلاد أهمية كبيرة لسيادتها وسيادة الدول الأخرى؛ لذا فهي لا تدين محنة الأويغور، وهي أقلية معظمها مسلمة، في ظل الحزب الشيوعي الصيني، أو محنة المسلمين الهنود في ظل حزب بهاراتيا جاناتا القومي الهندوسي الحاكم، وعندما تستحضر الرياض قضية فلسطين فهي قضية قومية وليست إسلامية”.
وتابع: “وترى القيادة السعودية أن الأيديولوجيات والحركات التي تشجع التدخل العابر للحدود الوطنية هي أمر خطير؛ ولذلك حظرت العديد منها، بما في ذلك جماعة الإخوان المسلمين”.
“ومحمد بن سلمان ليس ساذجا بشأن رغبة أعدائه في الإضرار ببلاده كما أنه ليس ساذجا بشأن قدراتهم، ولذلك لن تصبح إيران وحلفاؤها أصدقاء للسعودية أبدا، كما أن إسرائيل والولايات المتحدة أقوى عسكريا”، بحسب هيكل.
المصدر | برنارد هيكل/ فورين أفيرز- ترجمة وتحرير الخليج الجديد
قراءة تحتمل الكثير من الموضوعية مع تحليل غير دقيق لرؤية وأجندة السعودية ومحمد بن سلمان حول التحالفات ورؤيته لوضع المملكة ضمن الجيوسياسي للمنطقة، من التطبيع مع الكيان الصهيوني لتأمين تحالف استراتيجي مع واشنطن ليكونا داعمين لمستقبل المملكة، الأمن القومي العربي لا يتحقق على حساب الشعب العربي والمصالح الأقليمية لا تتحقق غلا ضمن الأمن القومي العربي .