شروط نتنياهو لصفقة الأسرى توقظ الاحتجاجات لإطاحته

أمال شحادة

حددت “قوة كابلان” الـ 15 من فبراير موعداً لانطلاق التظاهرات في مختلف البلدات الإسرائيلية.على رغم تفاؤل الإسرائيليين لزيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، واحتمال تقريبها عودة الأسرى الإسرائيليين من غزة، والتوصل إلى أفق سياسي بالاتفاق حول اليوم الذي يلي الحرب، فإن بلينكن، كالزيارات الخمس السابقة له في تل أبيب، عاد بعد يومين من اللقاءات والمحادثات من دون إحراز أية نتائج، بل إن اختلاف الرأي داخل “الكابينت” والمجتمع الإسرائيلي حول ما تلقاه بلينكن من ردود من متخذي القرار، بما يتعلق بصفقة الأسرى، خصوصاً رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، أسهم في زيادة الشرخ داخل إسرائيل.

بلينكن، وكما نقل عن مقربين منه، غادر خائب الأمل بعد اجتماعاته مع “الكابينت” والوزراء ورؤساء الأجهزة الأمنية الإسرائيلية. فخلال الاجتماع الموسع معهم، استمع إلى تقارير من رئيس أركان الجيش هرتسي هليفي، ومسؤولين أمنيين حول مختلف الجبهات التي تشتعل فيها نيران الحرب، وفي أكثر من تقرير، كرر الإسرائيليون أن “الحرب في غزة ستتواصل لوقت غير قصير”، كما قيل له إن أهداف القتال لم تتحقق بعد.

ونقل على لسان مشاركين في الجلسة أن بلينكن بدا متفاجئاً، وخاب أمله من أية إمكانية للتوصل إلى اتفاق أو تفاهمات حول القضايا التي حضر لمناقشتها، ولا سيما اليوم الذي يلي حرب غزة، وزيادة المساعدات الإنسانية، وملف صفقة الأسرى.

لا أفق سياسياً قريباً

لاءات نتنياهو: لا للخضوع لشروط “حماس”، ولا لوقف النار، ولا لانسحاب الجيش من غزة، ولا للتنازل من أجل عودة المخطوفين، ولا لسلطة فلسطينية في غزة في اليوم الذي يلي الحرب، كلها لاءات تحظى بتأييد أكثرية في حكومته والكنيست من اليمين واليمين المتطرف، لكنها في المقابل تعمق الأزمة مع واشنطن وتبقي الوضع من دون أي أفق لحل سياسي بعد أكثر من أربعة أشهر على حرب “طوفان الأقصى”.

وقبل انعقاد المؤتمر الصحافي، مساء الأربعاء الماضي، وبعد بحث رد حركة “حماس” على صفقة الأسرى، كان نتنياهو على علم بعقد اجتماع في القاهرة، ضمن الجهود الأميركية والعربية الحثيثة لوقف حرب غزة والتوصل إلى صفقة تضمن إعادة الأسرى الإسرائيليين، لكن نتنياهو اختار أن يتحدث بلغة التهديد واستعراض العضلات عندما قال إنه أوعز للجيش للاستعداد لعملية عسكرية في رفح، وهو قرار سبق وناقشه مسؤولون مصريون وإسرائيليون، وأبلغت القاهرة رفضها النشاطات العسكرية الإسرائيلية في رفح وأيضاً في محور فيلادلفيا.

لكن معادلة “من دون تشديد القتال لا يمكننا إعادة المخطوفين”، التي يطرحها نتنياهو لتبرير تكثيف القتال في غزة وانتشار الجيش الإسرائيلي إلى مناطق عدة، أسهمت في تصعيد الوضع الأمني على أكثر من جبهة، وأدخلت، من جديد، بلدات الجنوب إلى مرمى صواريخ غزة، لكن الأخطر من هذا كله، أنه، في طرح معادلته هذه، تماماً كمن يقول إننا لن نوقف النار في أي صفقة قبل تحقيق هدف الحرب، وهو طرح دفع بالمجموعات، التي سبق ونظمت الاحتجاجات التي شهدتها إسرائيل، مطلع العام الماضي، رداً على خطة “الانقلاب القضائي”، وتوقفت في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) عند اندلاع حرب “طوفان الأقصى”، إلى التحرك.

وبادرت إلى هذا الاحتجاج “قوة كابلان” التي شكلت نواة الاحتجاج ضد حكومة بنيامين نتنياهو، وأصدرت بياناً أعلنت فيه أنها حددت، الـ15 من الشهر الجاري، موعداً لانطلاق حملة الاحتجاج تحت عنوان “حان وقت الاستيقاظ، تفكك البيت”. وستنتشر التظاهرات في مختلف البلدات الإسرائيلية وأمام منازل رئيس الحكومة وعدد من الوزراء.

وقالت “قوة كابلان”، “السلوك غير الشرعي لنتنياهو وشركائه المتطرفين لا يسمح لنا بالوقوف مكتوفي الأيدي بعد الآن، وكل يوم إضافي تقضيه هذه الحكومة، في السلطة يشكل خطراً واضحاً وفورياً على وجود إسرائيل، والمطلوب منا جميعاً الآن، اتخاذ موقف واضح، وممارسة الضغط الشعبي من أجل التوصل إلى موعد متفق عليه لإجراء انتخابات”.

وفي استطلاع أجراه المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، ظهر انقسام داخل المجتمع الإسرائيلي حول مختلف المواضيع المتعلقة بالحرب في وقت أفادت غالبية 71 في المئة بأنها تؤيد تبكير موعد الانتخابات البرلمانية.

وفي ما خص إقامة الدولة الفلسطينية بعد الحرب، قال 59 في المئة من اليهود إنهم يعارضون إقامة دولة فلسطينية.

أما حول هدف الحرب، فقال 47 ممن استطلعت آراؤهم إن الأولوية يجب أن تكون بإعادة الأسرى الإسرائيليين في غزة، فيما رأى 42 في المئة أن الأولوية يجب أن تكون القضاء على “حماس”.

لا مفر من تغيير الحكم

وفي موازاة نقاش المؤسسة العسكرية حول خطط القتال في غزة والانتقال إلى رفح ومناطق أخرى في القطاع، تكثف الجهود للتقدم نحو انتخابات قريبة انطلاقاً من أن الحكومة الحالية، وبعد السابع من أكتوبر، لا ثقة بها. وكما قال القاضي المتقاعد أمنون ستراشنوف “لا مفر من تغيير الحكم، سواء في القيادة السياسية أو التنفيذية”، وفي رأيه فإن “ما يدعيه نتنياهو وائتلافه بأنه من غير المعقول تغيير الحكم في فترة حرب، وينبغي الانتظار إلى ما بعد انتهائها، إذ لا يلوح في الأفق أي مؤشر لإنهائها، هو أمر غير صحيح، وكذلك غير صحيح ما يدعيه وزراء بأن الحكومة والائتلاف حظيا بثقة الشعب في الانتخابات الأخيرة، ولديهما غالبية متماسكة من النواب الذين يمثلون إرادة معظم الشعب”، “هذا حديث لا أساس له من الصحة”، يقول ستراشنوف “بل إنهما ذريعتان لا تصمدان في اختبار الواقع، مثلما لا تصمدان في اختبار المنطق. بالنسبة إلى الأولى، توجد سوابق غير قليلة من الماضي حين تغير الحكم، سواء من خلال الانتخابات أو من خلال تغيير القيادة في زمن الحرب. في بريطانيا العظمى، الديمقراطية التي تمتد، مئات السنين، تغير الحكم فيها مرتين في زمن الحرب. في عام 1916، أثناء الحرب العالمية الأولى حل ديفيد لويد جورج، الذي كان وزير الدفاع، محل رئيس الوزراء هنري أسكويث، عقب النقد الجماهيري الشديد على أداء الأخير في الحرب. في عام 1940، في بداية الحرب العالمية الثانية، استبدل رئيس الوزراء ونستون تشرتشل بنيفيل تشامبرلين بعد أن فشلت محاولة تشامبرلين تشكيل حكومة وحدة مع باقي الأحزاب”.

أما الذريعة الثانية لعدم تغيير الحكم، فيضيف ستراشنوف “منذ الانتخابات الأخيرة، حصل شيء جسيم في الدولة وانقلبت الخواطر بشكل متطرف. سواء في استطلاعات الرأي الكثيرة التي أجريت منذ السابع من أكتوبر، أو المزاج العام لدى الجمهور، ما يجد تعبيره في الإعلام وفي الشبكات الاجتماعية، ليبدو أن غالبية الشعب تفكر اليوم بشكل مختلف، ولم تعد لها ثقة في الحكومة الحالية، هذا ما تشير إليه الاستطلاعات المتكررة في أنه لو أجريت الانتخابات، اليوم ما كان الائتلاف الحالي ليحصل على أكثر من 41 مقعداً في الكنيست، بينما أحزاب المعارضة كانت ستحصل على أكثر من 70 مقعداً، بمعنى أن الحكومة لم تعد تتمتع بثقة الشعب، وثمة مجال للتشكيك بشرعية قيادتها الشعب والدولة”، وأكد ستراشنوف أن “تغيير الحكم في دولة إسرائيل هو حاجة الساعة، وخير يكون كلما كان هذا مبكراً”.

جهود نزع الثقة

وفيما يواصل نواب في الكنيست جهودهم لنزع الثقة عن الحكومة، وتستعد “قوة كابلان” لمعركة إسقاط حكومة نتنياهو، تنتظر عائلات الأسرى المحادثات التي تجرى في مصر، في وقت كشف مسؤولون إسرائيليون عن مختلف الخطط التي تبحثها تل أبيب لإنهاء الحرب، وبينها نفي يحيى السنوار (رئيس حماس). وتناقلت تقارير إعلامية تصريحات مسؤولين إسرائيليين عن أن “فكرة نفي السنوار وإخضاع غزة لحكم جديد خال من التطرف، كانت مطروحة على الطاولة منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وبحسب هؤلاء المسؤولين، فإن فكرة إبعاد قادة (حماس) الكبار، في غزة، إلى المنفى بطريقة تشبه خروج الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ومقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان قبل 42 عاماً، نشأت بعد اندلاع حرب غزة، كبديل محتمل لإنهاء حكم (حماس) في غزة”.

وفكرة المنفى هي واحدة من مجموعة مقترحات طرحها القادة الإسرائيليون على الولايات المتحدة، وتضمنت استبدال بقادة “حماس” الحاليين آخرين مدنيين يتم اختيارهم بعناية، إضافة إلى إصلاح نظام التعليم في غزة، علماً أن أحد المسؤولين الإسرائيليين أوضح أن توقعاتهم هي رفض السنوار والحركة هذا الاقتراح.

المصدر: اندبندنت عربية

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. في نهاية زيارة بلينكن السادسة، هل اختلاف الرأي داخل “الكابينت” والمجتمع الإسرائيلي وردود متخذي القرار لبلينكن بما يتعلق بصفقة الأسرى، خصوصاً رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، أسهم في زيادة الشرخ داخل الكيان الصهيوني، كُلٍ يسعى لأجندته، نتنياهو يسعى لإستمرار الحرب وبلينكن يحتاج للتهدئة وتحقيق منجز لبايدن يساعده بالإنتخابات الرئاسية .

زر الذهاب إلى الأعلى