أنا
سورية ٌمن غزة القسامِ جئتْ
من أين أنت؟
من أي آلاء هبطت؟
من أي عهدٍ أو مكان؟
حتى تهيّبكَ الزمان
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ)؟!
كوفيةٌ
مرصوفة كالعاديات
صبّاحة كبزوغ وجهك في الصلاة
ماذا فعلت وأنت تقترف الحياة؟
ماذا فعلت لهم سوى
أسقطتَ آخر سترهم
فبدوا عُراة
لا…
(ما رميت إذا رميتْ)
سبحانه ، (الله رمى)
فبدا التمني من زجاجك كثر ما
أحنيته من عنقه
وجررته من أذنه
أدخلته باب الزمان محرراً ومعلما
ماذا فعلتم يا أبابيل القيامة؟!
ربعَ الكفاف الحمر ،
ربع الكمام السودِ
رُفّاع النشامىَ
صرنا نذيب بشاينا قرص الكرامة
نتذوق الطعم النقي
وبنكهة العز الشهي
عادلتُمُ الأقطابَ… ، والميزان فن
لا عدل غير السيف في لغة المحن
كل المعاني لا تقدم نسخةً
بدلاً لضائع عن وطن
ماذا فعلتم عند منعطف العزيمة ؟
أقسمتُمُ
وقصمتمُ ظهر الهزيمة
الصفرُ صفرٌ لو تضاعف عدّه
أعطيتموه من المسافة قيمة
إثنان همْ
إمّا صقورٌ
أو طيورٌ
فالرجال لهم سمات
بعض النساء كذاك من صخر خلقنَ
وبعضهنّ من الحصاة
ونساء غزة في المصاحف (موريات )
كم راهنوا وتراهنوا
قصوا الطفولةَ،
قامروا بالذاكرة
لكنهم ما أدركوا الأنساق في شجر البلاد الطاهرة
للقول قامته هنا والفعل ما قال المكان
والوعد أرخى حلمه وسدوله
والله ألقى من علٍ زناره السحريَّ
يحمي جنده
وقت الرهان
هي غزة في القلب ؟ في “جفن الردى”؟
خسىء الردى
من قبل أن كان الردى كانت وكان
رسّمْ حدود الجرح في أمدائها
أرّخ سلام الذبح في أشلائها
غيّر شهور العام في عنوانها
تشرين أبدله إلى طوفانها
أمم عصافير البراري
ومؤشر الإعصار
وأعلن التوقيت والتثبيت والتقويم والترقيم والتنقيط والتفقيط
منذ الآنَ مختلف السمات
وأعلن بأن العشق أوله لنا
وبأن آخره بنا
حتى فناء الكائنات
فلأنت من صاغ العبور الى الحياة
لن ينسى نيلٌ أننا يوماً عطشنا دونه
أو ينسى معبر أرضنا كيف انحصرنا ضمنه
زيت الخليج على الملا
لا لتر يسعف أمة الجرحى ولا…
وسيكتب التاريخُ عن جند العرب
عن نصف مليار وما أحد تجرأ واقترب
وسيكتب التاريخ عن دول
من الإسلام صهينها الطرب
وسيكتب التاريخ عن
أطفال غزة كيف من قصف أُبيدوا ،كيف ماتوا من سغب
وحضارة الإنسان تشكو من عطب
وعصابة الكون التي انكشفت على هام السُحب
وسيكتب التاريخ غزة هاشم غيثت بأكفانٍ رهاف في العُلب
والكلُّ آزرَ بالمنابر والخُطب
ودم الطفولة للركب
ولوحدنا يوماً تُركنا في العراءِ نوّثق الأسماء فوق زنودِهم
كيما نميزهم إرب
فلترحلوا
وخذوا قطاطَكُمُ السمان
ولتربطوا ذلّ الحقائب والهوان
فحصانكم خسر الرهان
فلترحلوا أنّى أتيتم
فكّوا عن الماء الدماء أما اكتفيتمْ
ما ارتويتم
من دمانا؟!
هاكم حوائجكم، وزفت البحر،كف الغدر لوثتم هوانا
وخذوا العداوة، حمأة التاريخ، حلّوا عن سمانا
أو
فاستريحوا نحن مَنْ يأتي ومَنْ جاسَ وداسْ
أعناقكم
بالشبشب المفتوح وال( آ دي داس )
آتون لا دمعٌ ولا من يحزنون
من آية الأنفاق والعُشاق والليمون والزيتون واللطرون ،أو (ما يسْطرون )
عَلَمُ العروبة لو تنكّس في الذرى
اليومَ غزّيٌ
ومرفوعٌ
ومفتوحٌ على ألق الجنون
المصدر: مجلة كل العرب
ملاحظة: القصيدة للقسّاميين تحديداً
شعر جميل وصور شعرية متكاملة بروح وطنية قومية عروبية مؤمنة بعدالة قضية شعبنا الفلسطيني [أنا .. سورية ٌمن غزة القسامِ جئتْ .. من أين أنت؟ .. من أي آلاء هبطت؟ .. من أي عهدٍ أو مكان؟ .. حتى تهيّبكَ الزمان .. (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ)؟! ].