انتقل التصعيد الأمريكي- الإيراني إلى مستوى جديد عندما أعلنت واشنطن عن أنها ضربت مراكز القيادة والسيطرة ومنشآت المخابرات ومرافق تخزين أسلحة تستخدمها ميليشيات مدعومة من إيران لمهاجمة القوات الأمريكية وقوات التحالف عبر سلسلة من الهجمات شملت 85 موقعًا في سوريا والعراق.
الهجوم جاء ردًا على مقتل جنود أمريكيين بهجوم اتهمت ميليشيات موالية لإيرانية بالوقوف خلفه، إذ نفذ عبر طائرة مسيّرة قال واشنطن إنها إيرانية الصنع.
وفي 28 من كانون الثاني، عندما وقع الهجوم، قيل في بداية الحدث إنه داخل الأراضي الأردنية، لكن الأردن نفى مباشرة، وقال إن القاعدة العسكرية المستهدفة تقع داخل الأراضي السورية بمحاذاة حدوده الشمالية، لكن هذا النفي لم يؤخذ بعين الاعتبار، إذ لا تزال الولايات المتحدة تعرّف الاستهداف بـ”هجوم الأردن”.
اسم الأردن حضر مجددًا عندما ردت الولايات المتحدة على الهجوم بقصف طال سوريا والعراق، عندما نقل موقع “CNN” العربي عن مسؤول أمريكي رفيع لم يسمّه، أن الأردن شارك في العمليات ضد أهداف لميليشيات مدعومة من إيران، وهو ما نفي لاحقًا بحسب ما نقلته قناة “المملكة” الأردنية.
علاقة الأردن بهذا التصعيد، ونفي عمّان المستمر لكل ما يتعلق بانخراطها في تصعيد ضد إيران ليس وليد التطورات الأخيرة، إذ أشير إلى محاولات الأردن المستمرة لتجنب أي صراع مع إيران التي مدت نفوذها في سوريا، واستقرت على حدودها الشمالية.
قلق أردني قديم
منتصف 2023، اتخذت المملكة العربية السعودية خطوات للتقارب مع إيران، وتبعها الأردن بعد مدة، وهو ما رآه تحليل موجز صدر عن مؤسسة “Defense of Democracies” البحثية الأمريكية، انعكاسًا للقلق الأردني إزاء المحاولات الإيرانية لزعزعة استقرار المملكة، عبر المؤسسة الدينية، وملف المخدرات.
كبير مستشاري المؤسسة البحثية، ريتشارد غولدبرغ، قال حينها إنه ليس من المستغرب لحاق عمان بالرياض بسرعة خلال سعيها للبحث عن انفراج، لكنه اعتبر في الوقت نفسه أن المشكلة تكمن بفرضية “كلما اقتربت من الثعبان، كلما زاد احتمال عضك”.
وسبق أن أثار الملك الأردني عبد الله الثاني، مخاوفه خلال محادثة مع مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق إتش آر ماكماستر، في أيار 2022، من أن القوات الإيرانية في سوريا قد تزعزع استقرار بلاده قريبًا.
ويواجه الأردن أيضًا تهديدات من الميليشيات المدعومة من إيران في كل من العراق وسوريا، إذ تنشط هذه الميلشيات بتهريب المخدرات والأسلحة نحو الأردن انطلاقًا من سوريا.
وخلال كانون الأول 2023، زادت وتيرة عمليات تهريب المخدرات من سوريا نحو الأردن، بحسب إعلانات أردنية، لكن هذه العمليات كانت أعنف من سابقاتها، إذ اشتبكت قوات حرس الحدود الأردنية بشكل متكرر مع مهربين، وأسفرت هذه الاشتباكات عن إصابات في صفوف الجيش الأردني والمهربين.
وفي كل من 5 و12 و14 و15 من نفس الشهر، أعلن الأردن عن اشتباكات وقعت بين قواته ومهربين مسلحين، أسفرت عن مقتل جندي أردني وعدد من المهربين لم يتم تحديدهم بالضبط.
وكان الملك الأردني، عبد الله الثاني، طلب مساعدة الولايات المتحدة لمحاربة الميليشيات المدعومة من إيران المتمركزة في سوريا.
حالة تصعيد قائمة
بدا الأردن حذرًا من المعلومات التي سبق وتداولتها وسائل إعلام عن انخراطه بالعمليات العسكرية الجوية إلى جانب الولايات المتحدة، إذ نفى المعلومات في غضون ساعة، سبقه نفي عمّان لوجود قاعدة أمريكية داخل أراضيه جنوبي سوريا.
ونقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” عن مسؤول أمريكي أن الهجوم وقع مساء 28 من كانون الثاني الماضي، واستهدف “البرج 22″، وهو موقع صغير في الأردن قرب الحدود السورية.
وقالت وكالة “رويترز” إن “البرج 22” وهو المنطقة المستهدفة يحمل أهمية استراتيجية في الأردن، في أقصى نقطة في الشمال الشرقي حيث تلتقي حدود البلاد بسوريا والعراق.
وأضافت أن البرج يقع بالقرب من حامية “التنف”، التي تضم عددًا صغيرًا من القوات الأمريكية، وهي موقع أساسي في القتال ضد تنظيم “الدولة” وذو دور في إطار استراتيجية أمريكية لاحتواء الحشد العسكري الإيراني شرقي سوريا.
الخبير الاستراتيجي الأردني والباحث غير المقيم في معهد “ستيمسون” بواشنطن، الدكتور عمر السبايلة، قال لعنب بلدي إن الأردن لا يخشى التصعيد مع إيران، بل يعيش حاليًا هذا التصعيد منذ مدة طويلة.
وأضاف أن الخلاف حول موقع الاستهداف كان خطأً حول الموقع، ولم يعتبر بالضرورة تنصل الأردن من وجود “البرج 22” داخل أراضية.
إيران و”مخالبها” والنظام
في تقرير نشرته صحيفة “الغد” الأردنية، في 24 من أيلول 2023، قال وزير الإعلام الأردني السابق، سميح المعايطة، في إطار استعراضه للتحديات التي تواجهها بلاده، “لا تزال حرب المخدرات التي تقودها إيران ومخالبها في سوريا، ومعها النظام، مستمرة”.
المعايطة اتهم أيضًا بتصريحات، في 8 من أيلول، النظام السوري بالتورط المباشر في مسألة تهريب المخدرات.
وقال المعايطة خلال مقابلة مع قناة “الجزيرة” القطرية، إن “النظام السوري يتحدث بلغة مماطلة، والأسد قال في لقاء رسمي لدينا فساد ورشوة وغير قادرين على الضبط، لكن الحديث هذا غير صحيح”.
وأضاف، “دولة تدعي أنها انتصرت في الحرب، وانتصرت على المعارضة وكل شيء، لا تستطيع أن تمنع، هذا كلام غير منطقي”، معتبرًا أن “الكبتاجون” يشكل اقتصادًا لـ”الدولة السورية” وللنظام السوري، ولعائلة رئيس النظام السوري المباشرة، ولميليشيات ومؤسسات في الجيش.
الصحفي الأردني مالك العثامنة، تحدث بعد لقاء جمعه مع رئيس هيئة الأركان الأردنية عما أسماه “حربًا حقيقية” يخوضها الجيش الأردني على طول الحدود مع سوريا.
وأضاف أن جيش الأردن قادر على التصدي لعمليات التهريب حتى اليوم، لكن الاستنزاف الحقيقي يكمن في قدرة الطرف الآخر “يمكن تسميته بالعدو” على تحديث قدراته التكنولوجية “الهائلة” باستمرار، وهذا تحديث لا تقدر عليه إلا دولة مثل إيران.
المصدر: عنب بلدي
الاردن يحيط به الأعداء ، أذرع ملالي طهران تعمل جاهدة لإيجاد موطئ قدم لها بالأردن من خلال المخدرات أو من خلال السياحة الدينية لشهداء معركة مؤتمة بالكرك أو العبور لتحرير القدس، الموقف الأردني يتصاعد تجاه نظام ملالي طهران وأذرعتهم الطائفية الارهابية بسورية والعراق، فهل سيحقق أمنه الأردن ؟.