استيقظت على صوت زخات المطر المنهمرة دون توقف في اربد المدينة التي اقطنها بعد استيعابي انها تغريبة قسرية قد تطول.
راقبت المطر وحيدة عبر شباكي ودون تردد توجهت الى خزانة ثيابي والتقاط الأنسب لمشوار قررته تحت المطر.
مشوارا اعادني الى بداية علاقتي العاطفية بتيسير ومجيئه من حلب حيث كان يدرس الادب الإنكليزي الى دمشق حيث كنت ادرس الهندسة الكهربائية وكان يوما شتويا بامتياز وقررنا المشي تحت المطر من المزة الى السكن الجامعي على طريق أوتوستراد المزة.
كان حديثا حول الحب وصولا الى كيفية بناء التنظيم القومي والذي كنا مؤمنين بأهمية تواجده كأداة في بناء دولة واحده نستحق الحياة فيها..
ضحكنا طويلا طويلا ونحن نتبادل الحديث فأحلامنا كانت غنية قوية واسعة تشبه المطر الذي بلل حتى ثيابنا الداخلية واذكر انني حين وصلت طابق سكني انني تناولت المنشفة وتوجهت للحمام لأنني اصلا غرقانه من مي المطر…
لم يكن هناك غيري من يمشي تحت المطر في اربد حتى تيسير نفسه قد غادر دنياي وبقيت وحيدة ولكن لست اعاني الوحدة بإمكاني التوجه الى اللحام السوري ابو عمر وشراء حاجتي غير المستعجلة من اللحم والحديث عن آخر المستجدات في درعا وابتسم ابو عمر حين رآني ادخل الملحمة… انه الحنين لمصياف من جعلك تمشين تحت المطر.
اجل انه الحنين. انها امنياتي ان تستطيع تلك الغيمات وهي تنتقل بين المناطق ان تنقل عواطفي الى هناك وتنقل روحي التي غادرتني وتركتني جسدا يرفض التأقلم رغم اقتناع العقل به….
مشيت طويلا.
غابت الضحكات وكانت الدموع تمتزج بالأمطار
وتتساءل ندى
وأين أصبحت الاحلام؟؟
انت أصلا في بلاد الشام لكنك لاجئه بإقامتك الرسمية
رفضت وترفضين الإقامة في بلد أوروبي لأنك تجدين ان الناس في الأردن هم ناسك وأهلك الذين تتقاسمين معهم الهموم والاحلام لكن
انت لاجئه هنا وكان بإمكانك ان تكوني مواطنه هناك
واحتدمت وتحتدم فكرة المواطنة واللجوء واحلام التنظيم القومي وإقامة اللجوء
وعدت الى البيت لتسخين ابريق المته ومتابعة يومي بهدوء ظاهري وحزن عميق أصبح معجونا معي.
المصدر: صفحة ندى الخش
ذكريات جميلة ومؤلمة لغياب الشريك بها ، وبوح شخصي عن مراحل من الحياة أحببتها مع الشريك ، وتاسي ذكرها لغيابه، إنها التغريبة القسرية وحلم بوطن عربي موحد أو بلاد الشام الواحدة، الله يرحم أخينا الراحل تيسير/ابو تميم ويصبرك على الغربة والفراق .