تحرك عربي لمنح قرار “العدل الدولية” صيغة تنفيذية

خليل موسى

بيانات الترحيب بالإدانة مع مطالب محاسبة إسرائيل تمثل ضغطاً على داعمي تل أبيب والجزائر تنوي طلب عقد اجتماع لمجلس الأمن لبحث تطبيق الحكم.
لم تمض ساعات على أمر محكمة العدل الدولية إسرائيل باتخاذ “جميع التدابير لمنع الأفعال المحظورة بموجب اتفاق منع الإبادة الجماعية” حتى سارعت الدول العربية إلى العمل على “إعطاء قوة إلزامية للقرار من مجلس الأمن الدولي، في ظل ترحيب عربي ودولي واسع بالقرار التاريخي”.

وانسجاما مع ميثاق الأمم المتحدة أحال الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيرش “الإخطار بالتدابير الموقتة لمحكمة العدل الدولية إلى مجلس الأمن الدولي”، مؤكداً أن “قرارات المحكمة الدولية التي تعتبر الجهة القضائية للأمم المتحدة ملزمة، وبأنه على ثقة بأن جميع الأطراف ستمتثل لها”.

تحرك عربي

وعقب صدور القرار بدأ العرب معركتهم الدبلوماسية، ولا سيما وأن الجزائر عضو في مجلس الأمن منذ مطلع يناير (كانون الثاني) الجاري، إذ أعلنت الخارجية الجزائرية أن بعثتها الدبلوماسية في الأمم المتحدة تلقت تعليمات لطلب “عقد اجتماع لمجلس الأمن في أقرب وقت، بهدف إعطاء قوة إلزامية لحكم المحكمة”.

واعتبرت الخارجية الجزائرية أن الحكم “بداية لنهاية حقبة الإفلات من العقاب” التي لطالما استغلتها إسرائيل “لاضطهاد الشعب الفلسطيني وقمع حقوقه المشروعة كافة”.

وفي الرياض رحبت وزارة الخارجية السعودية بقرار محكمة العدل الدولية الابتدائي، وعبّرت عن رفضها القاطع للممارسات الإسرائيلية وانتهاكات اتفاق الأمم المتحدة في شأن “الإبادة الجماعية”.

وأشادت الخارجية السعودية “بجهود جمهورية جنوب أفريقيا في رفع دعوى”، مشددة على أهمية اتخاذ المجتمع الدولي مزيداً من التدابير لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني، ومحاسبة قوات الاحتلال الإسرائيلي على انتهاكاتها الممنهجة للقانون الدولي”.

تنفيذ فوري

وفي القاهرة طالبت الخارجية المصرية إسرائيل بـ “التنفيذ الفوري لكافة التدابير التي وردت في قرار محكمة العدل الدولية”، مشيرة إلى أنها “تمثل بداية المسار لإنفاذ قواعد القانون الدولي في شأن توفير الحماية للشعب الفلسطيني ووضع حد للاعتداءات والانتهاكات التي تُمارس ضده”.

وشددت الخارجية المصرية “على ضرورة احترام وتنفيذ قرارات محكمة العدل الدولية باعتبارها الجهاز القضائي الرئيس للأمم المتحدة”.

وبينما رحبت القاهرة بالقرار أشارت إلى أنها “كانت تتطلع إلى أن تطالب محكمة العدل الدولية بالوقف الفوري لإطلاق النار في غزة، مثلما قضت المحكمة في حالات مماثلة”.

وبينما اعتبرت دولة قطر قرار محكمة العدل الدولية “انتصاراً للإنسانية وسيادة حكم القانون والعدالة الدولية”، أكدت وزارة خارجيتها أن “صدور أمر المحكمة بغالبية ساحقة يعكس حجم خطر الإبادة الجماعية المحدق بالأشقاء الفلسطينيين في قطاع غزة، مما يستوجب ضمان تنفيذ الإجراءات الموقتة”.

قفص الاتهام

وفيما شدد رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية على أنه كان “يأمل بأن يتضمن قرار المحكمة وقفاً فورياً لإطلاق النار بالنظر إلى المعاناة الشديدة التي يكابدها أبناء شعبنا في قطاع غزة من مجازر يومية”، إلا أنه أشار إلى أن القرار “ينطوي على درجة عالية من الأهمية لأنه يضع إسرائيل في قفص الاتهام كمجرمة حرب”.

وأوضح اشتية أنها هذه هي “المرة الأولى التي تقف فيها إسرائيل بهذه الصفة أمام محكمة العدل الدولية”، مشيراً إلى أن ذلك يعني “انتهاء الزمن الذي تفلت فيه تل أبيب من العقاب”.

وأعرب اشتية عن “أمله بأن تستكمل المحكمة مداولاتها حتى صدور القرار النهائي بإدانة إسرائيل على ما ترتكبه من جرائم إبادة جماعية وتطهير عرقي بحق الشعب الفلسطيني، والتي لم يشهد لها العالم مثيلاً منذ الحرب العالمية الثانية”.

من جهته رحب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بقرار محكمة العدل الدولية، وافاً القرار بالقيّم، بينما دعا وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان إلى “مثول السلطات الإسرائيلية أمام العدالة بعدما أمرت محكمة العدل الدولية إسرائيل باتخاذ إجراءات لمنع أعمال الإبادة الجماعية في غزة”.

وقف الإبادة

وفي السياق طالبت حركة “حماس” المجتمع الدولي بـ “إلزام إسرائيل بتنفيذ قرارات المحكمة ووقف جريمة الإبادة الجماعية المستمرة بحق الشعب الفلسطيني”، مشيدة بالموقف الأصيل لجنوب أفريقيا ودعمها الشعب الفلسطيني وعدالة قضيته، مؤكدة أنها تتطلع إلى القرارات النهائية للمحكمة بإدانة إسرائيل بارتكاب “جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية”.

وفي المقابل ردت إسرائيل على القرار بأن جميع مطالب المحكمة “ملتزمة بها أصلاً”، وبأنها “ستواصل القتال كالمعتاد”.

وفي رفض عملي للقرار توعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ “مواصلة الحرب حتى نهزم ’حماس‘ ونعيد جميع المختطفين، ونضمن أن غزة لم تعد تشكل تهديداً لإسرائيل”.

ومع أن تل أبيب ترى بأن محاكمتها في أعلى محكمة دولية بتهمة ارتكابها جريمة الإبادة الجماعية “أمر شائن ووصمة عار لن تُمحى”، إلا أنها تشعر بالارتياح لعدم استجابة المحكمة إلى دعوى جنوب أفريقيا بوقف فوري للحرب في قطاع غزة.

خيبة أمل

وبعد دقائق على صدور القرار خرجت وزيرة خارجية جنوب أفريقيا ناليدي باندور من أمام مقر المحكمة في لاهاي معبرة عن “خيبة أمل من عدم ذكر قرار محكمة العدل الدولية وقف إطلاق النار”، لكنها شددت على أن تطبيق القرار “يستوجب وجود وقف لإطلاق النار”، مشيرة إلى أن الشهر المقبل “سيقدم مؤشرات واضحة حول احترام إسرائيل للقانون الدولي”.

كما حذرت ناليدي باندور الدول الداعمة إسرائيل من أنها “ستصبح طرفاً في القضية إذا استمرت في تقديم الدعم لها”.

ومن أبرز تلك الدول الداعمة لإسرائيل في حربها على قطاع غزة الولايات المتحدة الأميركية التي دعت تل أبيب إلى “اتخاذ التدابير اللازمة لتقليل الضرر اللاحق بالمدنيين وزيادة تدفق المساعدات”.

لكن وزارة الخارجية الأميركية رفضت في بيان لها “مزاعم الإبادة الجماعية ضد إسرائيل”، مضيفة أنه “لا أساس لها”، وكررت التأكيد على “حق إسرائيل في اتخاذ إجراءات لضمان عدم تكرار هجمات السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وفق القانون الدولي”.

وفي بروكسل طالب الاتحاد الأوروبي إسرائيل وحركة “حماس” بـ “الامتثال الكامل والفوري والفعال لأوامر محكمة العدل الدولية لأنها ملزمة لجميع الأطراف”.

كما طالب رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز “بتنفيذ الإجراءات الموقتة التي صدرت عن المحكمة”، مبدياً ترحيبه بالقرار ومؤكداً أن بلاده “ستواصل الدفاع عن السلام والعمل على إنهاء الحرب والوصول إلى المساعدات الإنسانية وإقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، حيث يتعايش البلدان بسلام وأمن”.

منع التحريض

ويرى مدير الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان عرار الدويك أن قرار العدل الدولية “تاريخي على رغم أنه لا يستجيب لجميع طلبات جنوب أفريقيا، ولا ينص بصورة واضحة وصريحة على وقف الحرب”.

لكن الدويك أشار إلى أن القرار دعا إلى “اتخاذ جميع الإجراءات لمنع الإبادة الجماعية في قطاع غزة، بما في ذلك التوقف عن قتل الفلسطينيين، وتوفير الحاجات الإنسانية الملحة بصورة فورية، ومنع التحريض المباشر على الإبادة الجماعية”، موضحاً أن القرار “يعني وجود سبب معقول للاعتقاد بوجود إبادة جماعية، وبالتالي يبرر اتخاذ التدابير الاحترازية”.

وشدد الدويك على أن ذلك “يدعم القضية الفلسطينية في القرار النهائي للمحكمة الذي قد يستغرق صدوره سنوات عدة، وسيقوي مسارات الملاحقة الجنائية أمام محكمة الجنائية الدولية”.

وتابع أن القرار “يعزز الرواية الفلسطينية ويشكل ضربة قوية لإسرائيل ويزيد من عزلتها دولياً، ويرفع الشرعية عن أفعالها الإجرامية”.

المصدر: اندبندنت عربية

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. قرار تاريخي بحق الدويلة الصهيونية “اسرائيل” من قبل أعلى محكمة أممية “محكمة العدل الدولية” تتهمها بتنفيذ الإبادة الجماعية بحق شعبنا الفلسطيني بغزة ، الدعوة من قبل دولة جنوب أفريقيا يتطلب متابعة بمجلس الأمن لتحويل التوصيات الى قرارات ملزمة وفق ابند السابع ،ستقوم الجزائر بذلك ويتطلب دعم عربي لجهود الجزائر فهل سيتم ذلك ؟.

زر الذهاب إلى الأعلى