حرب غزة تدخل شهرها الرابع وسط تصاعد المخاوف من توسعها إقليمياً

نتنياهو يتعهد مواصلة القتال ضد “حماس” حتى تحقيق “النصر الكامل” وبلينكن يشدد على ضرورة تجنب اتساع النزاع

تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو السبت مواصلة حربه ضد حركة “حماس” حتى تحقيق “النصر الكامل” فيما يدخل النزاع شهره الرابع اليوم الأحد ويثير مخاوف من توسعه إقليمياً.

وشن سلاح الجو الإسرائيلي ضربات جديدة السبت على غزة حيث قتل العشرات في الساعات الماضية، بينما حذرت الأمم المتحدة من أن القطاع الفلسطيني المحاصر والمدمر بات “مكاناً للموت غير صالح للسكن”.

وقال نتنياهو في بيان نشر مساء السبت “قبل ثلاثة أشهر، ارتكبت حماس مذبحة فظيعة، أمرت حكومتي [الجيش] بخوض الحرب للقضاء على حماس، وإعادة رهائننا وضمان أن غزة لن تشكل مرة أخرى تهديداً لإسرائيل”. أضاف “يجب ألا ننهي الحرب قبل أن نحقق هذه الأهداف”.

وأعلن الجيش الإسرائيلي السبت أنه “أكمل تفكيك” بنية القيادة العسكرية لحركة “حماس” في شمال قطاع غزة وسيركز عملياته على الوسط والجنوب.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري للصحافيين “أكملنا تفكيك بنية حماس العسكرية في شمال قطاع غزة”، مضيفاً أن مقاتلي الحركة يتحركون بشكل غير منظم و”من دون قيادة”. وأشار إلى أن “الجيش يركز الآن على تفكيك حماس في وسط وجنوب” القطاع المحاصر.

مخاوف التوسع

يثير هذا النزاع الذي يدخل الأحد شهره الرابع، مخاوف من توسعه إقليمياً إلى العراق وسوريا والبحر الأحمر وشمالاً، مع اشتداد عمليات القصف المتبادل عند الحدود اللبنانية الإسرائيلية.

وأكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الذي يقوم بجولة جديدة في الشرق الأوسط، السبت أثناء توقفه في اليونان على ضرورة تجنب اتساع النزاع في غزة، ولا سيما على الحدود بين إسرائيل ولبنان.

وقال بعد اجتماعه مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس في خانيا “علينا أن نضمن عدم اتساع النزاع” خلال زيارة خاطفة قام بها في جزيرة كريت بعد إسطنبول حيث عقد اجتماعاً مطولا مع الرئيس رجب طيب أردوغان.

وأضاف أن “أحد أوجه الخوف الحقيقية هي الحدود بين إسرائيل ولبنان ونريد أن نفعل كل ما هو ممكن للتأكد من عدم تصعيد الوضع”.

وبعد هذه المحطة القصيرة في جزيرة كريت، يتوجه بلينكن إلى الأردن ثم إلى إسرائيل والضفة الغربية ودول أخرى في المنطقة للبحث في سبل تجنب توسع النزاع في المنطقة بعد ثلاثة أشهر على بدء الحرب بين إسرائيل وحركة حماس.

وأشار بلينكن إلى أن “الكثير من المحادثات التي سنجريها خلال الأيام المقبلة مع جميع حلفائنا وشركائنا ستدور حول الإجراءات التي يمكنهم اتخاذها باستخدام نفوذهم وعلاقاتهم لضمان عدم اتساع هذا النزاع”.

وسيدعو بلينكن دول المنطقة إلى استخدام قنوات التواصل التي تقيمها مع إيران لنقل رسالة مفادها أن الولايات المتحدة لا تسعى إلى التصعيد بل ستكتفي بالدفاع عن مصالحها عند مهاجمتها، على ما أفاد مسؤول أميركي طلب عدم كشف اسمه.

75 دقيقة

ويأتي ذلك فيما تتزايد الهجمات على قواعد عسكرية في سوريا والعراق تؤوي عسكريين أميركيين في الأسابيع الأخيرة في حين كثف المتمردون الحوثيون في اليمن المدعومون من إيران، هجماتهم في البحر الحمر “نصرة” لفلسطينيي غزة.

في إسطنبول، أكدت مصادر دبلوماسية أميركية أن اللقاء بين بلينكن وأردوغان استمر 75 دقيقة في أحد المقار الرئاسية على مضيق البوسفور، وأعقبه لقاء مع نظيره التركي هاكان فيدان.

وأكد مصدر دبلوماسي أن فيدان طالب بـ”وقف فوري للنار” في غزة.

ويأخذ أردوغان الذي كان غائباً عن أنقرة لدى زيارة بلينكن السابقة مطلع نوفمبر (تشرين الثاني)، على واشنطن دعمها إسرائيل.

وأفادت وزارة الخارجية التركية في بيان بأن اللقاء بين أردوغان وبلينكن تناول الوضع في غزة وعملية انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي.

وأكد البيان أن بلينكن شدد في حديثه مع الرئيس التركي على “ضرورة منع توسع النزاع، وزيادة المساعدات الإنسانية، والحد من الضحايا المدنيين، والعمل من أجل سلام إقليمي دائم، والتقدم في اتجاه إقامة دولة فلسطينية”.

ونقل البيان الموجز عن الوزير الأميركي دعوته أردوغان إلى “إتمام (عملية) انضمام السويد إلى الأطلسي”.

تركيا هي الدولة العضو الأخيرة في الأطلسي إلى جانب المجر التي تعطل انضمام البلد الإسكندنافي إلى الناتو.

الجبهة اللبنانية

ودعا مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل من بيروت السبت، إلى عدم جر لبنان إلى نزاع، بعد ساعات على إعلان “حزب الله” الموالي لإيران أنه أطلق أكثر من 60 صاروخاً باتجاه “قاعدة مراقبة جوية” في شمال إسرائيل، مشدداً على أنها أتت “في إطار الرد الأولي” على مقتل نائب رئيس المكتب السياسي لـ”حماس” صالح العاروري في ضواحي بيروت الثلاثاء.

من جهته قال الجيش الإسرائيلي إنه رصد إطلاق نحو 40 صاروخاً من الأراضي اللبنانية، مضيفاً في بيان أن القوات الإسرائيلية ضربت خلية مسؤولة عن بعض عمليات إطلاق الصواريخ بعيد ذلك. وأكد الجيش أن صافرات الإنذار انطلقت في الشمال سبع مرات منذ صباح السبت.

وقتل العاروري مع ستة مسؤولين في حركة “حماس” الثلاثاء في ضربة صاروخية من طائرة حربية، وفق مصدر أمني لبناني، استهدفت مكتباً للحركة الفلسطينية في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل “حزب الله”. وقالت السلطات اللبنانية والحزب و”حماس” وواشنطن إن إسرائيل نفذت العملية، لكن الدولة العبرية لم تعلق رسمياً على ذلك.

وتعهدت إسرائيل “القضاء” على حماس بعد الهجوم غير المسبوق الذي شنته الحركة على جنوب الدولة العبرية في 7 أكتوبر (تشرين الأول).

وأدى الهجوم إلى مقتل نحو 1140 شخصاً غالبيتهم مدنيون، وفق تعداد لوكالة الصحافة الفرنسية استناداً إلى أرقام رسمية إسرائيلية. كذلك، اقتيد نحو 250 شخصاً واحتجزوا رهائن، ولا يزال 132 منهم داخل القطاع.

وأدى القصف الإسرائيلي على القطاع، مترافقاً مع هجوم بري اعتباراً من 27 أكتوبر، إلى مقتل 22722 شخصاً غالبيتهم نساء وأطفال، وفق أحدث حصيلة لوزارة الصحة التابعة لحماس.

وقتل 122 فلسطينياً في الساعات الأخيرة وفق المصدر نفسه.

الوضع الميداني

وذكر صحافيون في وكالة الصحافة الفرنسية أن ضربات إسرائيلية استهدفت فجر السبت مدينة رفح في الطرف الجنوبي من قطاع غزة حيث لجأ مئات الآلاف في الأسابيع الأخيرة محاولين الفرار من المعارك.

في شمال غزة، حيث أطلق الجيش الإسرائيلي عمليته البرية في نهاية أكتوبر، تتواصل عمليات القصف. وقال أحد سكان جباليا الجمعة بعد غارة إسرائيلية “الحي بكامله مدمر ولا أعرف إلى أين سيعود الناس. أين سنعيش؟”.

وقالت امرأة وهي تنتحب أمام المستشفى الأوروبي في خان يونس، كبرى مدن الجنوب، إلى حيث نقلت جثث فلسطينيين على ما أظهرت لقطات مصورة “قتلوا أطفالنا، قتلوا أولادنا، قتلوا أحباءنا”.

وسيطرت “حماس” التي تصنفها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وإسرائيل “منظمة إرهابية” على السلطة في قطاع غزة عام 2007، بعد سنتين على الانسحاب الإسرائيلي الأحادي منه إثر احتلال دام 38 عاماً، وفرضت الدولة العبرية إثر ذلك على القطاع حصاراً جوياً وبحرياً وبرياً، أحكمته تماماً اعتباراً من 9 أكتوبر الماضي.

ودمر الهجوم الإسرائيلي أحياء كاملة في غزة وأدى إلى نزوح 1.9 مليون شخص يشكلون 85 في المئة من سكانه بحسب الأمم المتحدة. ويعيش سكان القطاع في ظروف مزرية مع نقص حاد في المياه والمواد الغذائية والأدوية والعلاجات. وخرج كثير من المستشفيات عن الخدمة جراء الدمار اللاحق بها.

مكان للموت واليأس

وحذر منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة مارتن غريفيث من أن القطاع الفلسطيني بات “بكل بساطة غير صالح للسكن (..) باتت غزة مكاناً للموت واليأس ويواجه (سكانها) تهديدات يومية على مرأى من العالم”.

وتفيد منظمة يونيسف بأن المواجهات وسوء التغذية والوضع الصحي أحدثت “دوامة موت تهدد أكثر من 1.1 مليون طفل” في هذا القطاع الذي كان يسوده الفقر حتى قبل بدء الحرب.

وأكد شون كايسي من منظمة الصحة العالمية أن منظمته وصندوق الأمم المتحدة للسكان تمكنا للمرة الأولى منذ عشرة أيام من إدخال مستلزمات طبية لمستودع أدوية غزة المركزي التابع لوزارة الصحة في خان يونس.

وأكد غريفيث “نواصل المطالبة بإنهاء فوري للنزاع، ليس من أجل سكان غزة وجيرانها المهددين فحسب، بل من أجل الأجيال المقبلة التي لن تنسى أبداً 90 يوماً من الجحيم والهجمات على المبادئ الإنسانية الأساسية”.

عام القتال

لكن إسرائيل شددت على أن عمليتها في غزة ستستمر حتى “عودة” الرهائن و”القضاء” على قدرات حماس العسكرية التي لا تزال “كبيرة” وفق واشنطن.

وحذر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري من أن “2024 سيكون “، مشيراً إلى أن الجيش “يستمر بالقتال في وسط قطاع غزة وشماله وجنوبه”.

ويستمر إطلاق الصواريخ من القطاع باتجاه الأراضي الإسرائيلية لكن بوتيرة أقل، فيما تنطلق صافرات الإنذار في بلدات في جنوب إسرائيل قريبة من القطاع الفلسطيني بشكل شبه يومي.

ومع تواصل الحرب، يدور نقاش في إسرائيل في شأن “اليوم التالي” في قطاع غزة. وعرض وزير الدفاع يوآف غالانت هذا الأسبوع رؤيته لما بعد الحرب، مؤكداً أنه لن تكون في القطاع الفلسطيني بعد انتهاء القتال “لا حماس” ولا “إدارة مدنية إسرائيلية”.

في تعليق على ذلك، كتب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ عبر منصة “إكس”، “مستقبل قطاع غزة يحدده الشعب الفلسطيني وليس إسرائيل”، معتبراً أن “كل السيناريوهات المقترحة من سياسيي إسرائيل محكومة بالفشل”.

في الشمال عند الحدود مع لبنان، أشار هاغاري إلى “مستوى عال جداً من الاستعداد” للقوات الإسرائيلية.

هجمات الحوثيين

في الإقليم أيضاً، كثف الحوثيون المدعومون من إيران في اليمن، هجماتهم على سفن تجارية في البحر الأحمر، بينما تستهدف مجموعات أخرى في العراق وسوريا القوات الأميركية المتمركزة في البلدين باستخدام صواريخ ومسيرات.

في الغضون، اتصلت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا بنظيرها الإيراني حسين أمير عبداللهيان السبت لحض “إيران وحلفائها” على وقف “أعمالهم المزعزعة للاستقرار على الفور”.

وأعلن البنتاغون أن القوات الأميركية أسقطت مسيرة صباح السبت فوق البحر الأحمر في المياه الدولية قرب سفن تجارية.

المصدر: اندبندنت عربية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى