ابن العم… الضمير السوري المقاوم من منظور مختلف

منجد الباشا

عندما قيل عن المناضل رياض الترك أنه نيلسون منديلا سوريا إنما كان القصد منه في نظرنا الإشارة إلى ما ينبغي قوله وتثبيت ما يمكن تسميته بظاهرة بشرية تحمل مدلولاً إنسانياً سامياً، أي، ظاهرة التضحية والكفاح في سبيل الحرية والكرامة البشرية والتصدي لظاهرة القمع والظلم المتوحش الذي يمارسه الإنسان بحق أخيه الإنسان.

ولا شك أن هذه الظاهرة قد عرفها الإنسان منذ عصور قديمة، لكنها لم تكن لتكون ظاهرة متحققة في سمات كل فرد من أفراد شعب ما أو مجتمع ما، لذلك وجدنا أن رواد امتلاك هذه الظاهرة كانوا معدودين في مجتمعاتهم عبر التاريخ حيث كان لهم دور الصاعق المفجر فيها حتى إذا ما أصاب تأثيره كافة أو عامة أفراد المجتمع حدث التغيير والتحرر المطلوب. وعليه، كان لي من خلال معرفتي بهذه السنديانة السورية الراسخة ومن خلال معرفة العديد بها من المتابعين أن أقارب هذه الشخصية من زاوية مختلفة، ترى فيها المثال النموذج ذو الخاصية المتفردة للضمير السوري الذي ارتبط بسيرورة الثورة السورية العظيمة ودورها الرائد في إطلاقها.

وكما نعلم جميعاً أن الهيمنة السلطوية الاستبدادية على مقدرات مجتمعنا كانت قد جثمت على ساحة الوطن زمناً يقرب من نصف قرن، وهو زمن ليس بالقليل، شوهت فيه وزورت وعطلت كل ملمح من ملامح الحياة الإنسانية الطبيعية، وفي هذا الفضاء وبالرغم من فظاعة وتوحش هذه الهيمنة كانت هناك المحاولات المبكرة للتصدي لهذه الظاهرة، ومحاولات التحرر من قبضتها، إلا أنها لم تنجح في الوصول إلى غايتها، بل على العكس، فقد شكلت هذه المحاولات عنصر ردع مخيف لمثلها، مما أطال في عمر تلك القبضة حتى بداية الثورة.

إن استمرارية هذه القبضة المستبدة ما كان لها أن تستمر فيما لو تحقق في مواجهتها ما تحقق في الثورة السورية العظيمة من انفجار شعبي تبلور وآل إلى العمق في التوسع والتكتل والانتشار والذي أوشك أن يدك معقل الدكتاتور العميل في مقر تخفيه وتواريه، لولا أن الأمر أخذ منحى آخر وذلك بتدخل الأطراف الدولية مما أعاق تحقيق الثورة لهذا الهدف ودفعها إلى مسالك لا زلنا نعيش تجلياتها حتى اليوم.

وفي نظرة متفحصة لميكانيزمات النجاح والفشل في تحقق الانفجار الشعبي والمقارنة بينها، أي بين هذه الميكانيزمات لوجدنا أن عناصر الثبات والصبر والتحمل والتشبث الحديدي بالرؤية أو الموقف والمبدأ هي عناصر في حال تحقق ديمومتها وانتشارها ستكون هي الرافعة الرئيسة لإطلاق الانفجار الناجح.

إن المقارنة بين الحالة الشعبية في مرحلة ما قبل انطلاق الثورة وحالتها المنتفضة من حيث الاتساع والعمق والتلاحم والاصرار والمثابرة، وتوفر الكتلة الواحدة المنتفضة.

وكذلك الحالة الشعبية الراهنة حيث التذرر والتشعب في الرؤى والمواقف والولاء لمخارج وحلول مختلفة للحال والوضع المأزوم الذي تعيشه الثورة اليوم، يجعلنا نتثبت من قدسية وجوهرية ميكانيزمات وعناصر الحالة الانتفاضية التي أدت إلى الثورة ووسمت الثورة بسماتها.

هذه العناصر هي التي كانت تشكل الخلايا الدموية للكائن المثال النموذج المناضل رياض الترك وهي التي تؤكد فرادته وتميزه وأهميته وكذلك أهمية وضرورة أن ينتج المجتمع أي مجتمع والشعب أي شعب، حالات ونماذج عديدة مثلها، تأخذ طابع الظاهرة التي تقوم بوسم هذا المجتمع بسماتها حيث تشكل روافع رادعة لأي ظاهرة من ظواهر الهيمنة والاستبداد وتحمي المجتمعات أو الشعوب من الوقوع في أسرها أو في قبضتها، بل وتصون لهذه المجتمعات حريتها وكرامتها بشكل دائم ومتواصل.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. رحمه الله.
    سيبقى مشعل ثوري يضيء دروب النضال الثوري وايقونة للذكرى على صدور الثوار

زر الذهاب إلى الأعلى