دارت أمس اشتباكات بين فصائل تدعمها تركيا من جهة؛ وقوات النظام السوري من جهة ثانية، في مناطق جنوب إدلب الخاضعة لاتفاق بين روسيا وتركيا منذ بداية مارس (آذار) الماضي.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس: «استمرت الاشتباكات العنيفة ضمن جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي حتى ساعات الصباح الأولى، بين فصائل (الجبهة الوطنية للتحرير) من جهة؛ وقوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة أخرى، في محاولة تقدم ثانية نفذها الأخير على محور بينين بعد فشل محاولته الأولى مساء (أول من) أمس، وترافقت الاشتباكات مع قصف عنيف ومكثف، فيما تمكنت الفصائل من صد الهجوم مرة أخرى، وشاركت القوات التركية بذلك أيضاً عبر قصف صاروخي طال مواقع قوات النظام».
ووفقاً لمصادر، فإن «استماتة الفصائل بالتصدي لهجمات قوات النظام الليلية تعود إلى المعدات المتطورة التي قدمتها تركيا لتلك الفصائل».
وكان «المرصد» رصد قبل ساعات، اشتباكات عنيفة على محور حرش بينين في جبل الزاوية، إثر تصدي الفصائل لمحاولة تسلل نفذها عناصر قوات النظام والمسلحون الموالون له، دون ورود معلومات عن خسائر بشرية حتى الآن.
على صعيد متصل، قصفت القوات التركية المتمركزة في نقاطها العسكرية تجمعات قوات النظام جنوب سراقب. وقصفت قوات النظام بالرشاشات الثقيلة قرية كفرعويد وسفوهن في جبل الزاوية.
وقالت مصادر معارضة إنه قد «تصاعدت خلال الأيام القليلة الماضية حدة القصف والاستفزازات من قبل قوات النظام والميليشيات الإيرانية وروسيا جنوب إدلب، وتمثلت بالقصف المدفعي والصاروخي المكثف وغارات جوية روسية، إلى جانب محاولات تقدم عدة فاشلة نحو مناطق خاضعة لسيطرة فصائل المعارضة، اندلعت على أثرها اشتباكات عنيفة أدت إلى مقتل عدد من العناصر في صفوف الطرفين».
وقال الناطق باسم «الجبهة الوطنية للتحرير» النقيب ناجي مصطفى: «اثنان من عناصر القوات الخاصة الروسية لقيا حتفهما، إلى جانب عنصرين من قوات (الفيلق الخامس) المرتبط بروسيا، خلال الاشتباكات على محور بينين بريف إدلب الجنوبي»، فيما قال مسؤول «وحدة الرصد والمتابعة 80» التابعة لفصائل المعارضة، إن «قوات النظام مدعومة بميليشيات إيرانية حاولت قبل يوم التسلل نحو نقاط ومواقع عسكرية تابعة لفصائل المعارضة في حرش بينين ودير سنبل في جبل الزاوية جنوب إدلب، واندلعت على أثرها اشتباكات عنيفة بين الطرفين أدت إلى مقتل عدد من عناصر فصائل المعارضة وقوات النظام وإحباط محاولة التقدم وإجبار الأخيرة على التراجع».
وأضاف: «أعقبتها ليلة (أول من) أمس محاولات جديدة على المحاور ذاتها، ودارت اشتباكات عنيفة بين قوات النظام وفصائل المعارضة تمكنت خلالها قوات الأخيرة من صد محاولة التقدم وتكبيد قوات النظام خسائر بشرية فادحة».
من جهته، قال العقيد مصطفى بكور، القيادي في «الجيش الحر»: «تستمر (قوات النظام) بخرق الاتفاق الروسي – التركي من خلال عمليات القصف المتكرر للمناطق المدنية ومحاولات التقدم على نقاط الرباط في أكثر من محور، وخاصة بعد الاقتتال الداخلي بين الفصائل الذي ظهر مؤخراً».
وأشار قادة في فصائل المعارضة إلى أن قوات النظام دفعت بمزيد من التعزيزات العسكرية خلال الأيام القليلة الماضية نحو مواقع عسكرية متقدمة في الجزء الشمالي من سهل الغاب غرب حماة، وتعزيزات أخرى تمركزت في مناطق واقعة شمال مدينة معرة النعمان جنوب شرقي إدلب، ومن ثم أعلنت قوات النظام خلال يوم أمس رفع جاهزيتها القتالية. ورجح القادة أن «هذه الإجراءات من قبل قوات النظام والميليشيات الإيرانية، بالإضافة إلى الغارات الجوية الروسية على مناطق البارة شمال مدينة معرة النعمان وقرى سهل الغاب، بمثابة تمهيد لعملية عسكرية محتملة».
من جهتها؛ عززت فصائل المعارضة مواقعها الدفاعية بعدد كبير من العناصر والآليات العسكرية، وأعلنت النفير العام لعناصرها، استعداداً لمواجهة أي محاولة تقدم أو عملية عسكرية جديدة لقوات النظام والميليشيات الإيرانية جنوب إدلب، وقامت بتدعيم الخطوط الدفاعية وحفر الخنادق.
وقال مسؤول آخر إن التصعيد «يشير إلى احتمال إطلاق عملية عسكرية لقوات النظام تهدف للتقدم نحو القسم الشمالي لسهل الغاب غرب حماة؛ لا سيما أن معسكر جورين يعد من أكبر المعسكرات التابعة لقوات النظام وشهد خلال الأيام الماضية وصول تعزيزات عسكرية (آليات ومقاتلين)، حيث يمثل الجزء الشمالي من سهل الغاب الخط الدفاعي عن مدينة جسر الشغور والطريق الدولية «m4” حلب – اللاذقية».
كما أن محاولات التسلل لقوات النظام على محاور حرش بينين تكتسب أهمية كبيرة بالنسبة لها؛ حيث تعدّ البوابة التي تمكنها من التسلل نحو الطريق الدولية عبر جبل الزاوية جنوب إدلب، حسب القيادي.
على صعيد آخر، قال «المرصد» إن «هيئة تحرير الشام» تواصل تعزيز مواقعها وحواجزها المنتشرة في المنطقة الغربية لمدينة إدلب، من خلال قيامها بجلب مزيد من الآليات الثقيلة والمصفحات والمقاتلين، في ظل تجدد العراك المسلح بين «هيئة تحرير الشام» من جهة؛ وبين فصائل منضوية ضمن غرفة عمليات «فاثبتوا» من جهة أخرى، غرب إدلب، لافتاً إلى أن «هيئة تحرير الشام» تعزز مواقعها وتدفع بتعزيزات عسكرية جديدة، بغية شن هجوم واسع على مواقع فصائل «فاثبتوا» المتمركزة في منطقة «عرب سعيد» غرب إدلب.
ووثق «المرصد» خلال الـ24 ساعة الماضية، مقتل 5 من فصيل «حراس الدين»؛ بينهم قيادي بارز من جنسية أجنبية، و4 عناصر من «هيئة تحرير الشام» في الاشتباكات على محاور غرب إدلب.
واندلعت الاشتباكات بعد اعتقال «تحرير الشام» القيادي السابق فيها «أبو مالك التلي» الذي ساهم في تأسيس تكتل جديد ضد «الهيئة».
وأعلن «حراس الدين» التابع لـ«القاعدة» الإرهابي في سوريا، مقتل نائب قائده العام الأردني خالد العاروي المعروف بـ«أبو القسام»، بغارة لطيران التحالف الدولي على إدلب.
وحسب البيان؛ فقد أصيب «أبو القسام» قبل نحو 8 أيام بغارة للتحالف على إدلب، وتوفي متأثراً بجروحه.
ويعتقد أن «أبو القسام الأردني» هو المسؤول العسكري لـ«حراس الدين» في سوريا، وهو ممن اعتقلتهم ما تعرف بـ«هيئة تحرير الشام» لفترة وجيزة نهاية عام 2017.
في غضون ذلك، أعلنت وزارة الدفاع التركية، إحباط تفجير شاحنة مفخخة، قالت إنها عائدة إلى وحدات حماية الشعب الكردية في منطقة «عملية نبع السلام» شمال شرقي سوريا.
وقالت الوزارة، في بيان أمس، إن الوحدات الكردية تواصل التخطيط لـ«أعمال وحشية من أجل استهداف المدنيين الأبرياء في شمال سوريا، وزعزعة أجواء الأمن والهدوء بمنطقة (عملية نبع السلام)، عبر أعمال إرهابية شبيهة بعمليات تنظيم (داعش) الإرهابي، لدفع سكان المنطقة إلى النزوح».
وأضاف البيان أن الجيش التركي كشف عن تسلل شاحنة صغيرة شمال طريق حلب – اللاذقية الدولي «إم 4» إلى منطقة عملية نبع السلام، كانت محملة ببراميل الديزل، وتتقدم بسرعة كبيرة نحو المناطق المأهولة بالمدنيين.
وأشار إلى أن أفراداً من الجيش التركي أطلقوا أعيرة نارية تحذيرية لوقف الشاحنة الصغيرة، إلا أنها لم تتوقف، وزادت من سرعتها بهدف الوصول إلى المنطقة المأهولة بالمدنيين، و«تم تصنيف الشاحنة على أنها مفخخة». وأضاف البيان أن الجيش التركي، ولدرء الخطر عن المدنيين، دمر الشاحنة بعد إصابتها بصاروخ موجه مضاد للدروع، وبعد إصابة الشاحنة بفترة وجيزة انفجرت على متنها القنابل المربوطة بنظام تفجير عن بعد، وبفضل التدخل في الوقت المناسب، تم إحباط تفجير دموي كان سيستهدف المدنيين الأبرياء، وحال دون وقوع كارثة كبيرة.
المصدر: الشرق الأوسط